فى ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة والثورات الصناعية المتلاحقة لم يعد التعليم التكنولوجى ترفاً أو خياراً هامشياً بل صار ضرورة إستراتيجية لمواكبة متطلبات الاقتصاد الحديث وسوق العمل المستقبلى وبالتالى فإن التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية لا ينفصل عن الحاجة الملحة لتوطين التكنولوجيا ونقلها وابتكارها لخدمة الإنسان وتحسين جودة حياته وهذا هو هدف الجمهورية الجديدة.
إن الاهتمام الأكبر للكثير من الأسر هذه الأيام هو اختيار الكلية المناسبة للابن أو الابنة اللذين حصلا على شهادة الثانوية العامة ويجب أن يكون معيار الاختيار هو متطلبات سوق العمل من هنا فإن كلمة السر فى إيجاد وظيفة الآن هى المهارات خاصة مهارات البرمجة والذكاء الاصطناعى والأمن السيبرانى وتكنولوجيا الاتصالات علاوة على اجادة اللغات.
إن المواصفات التى كان يتحلى بها الباحث عن عمل قبل 20 عاماً لم تعد هى المواصفات التى يطلبها سوق العمل حالياً وإن ما يدرسه الطالب هو مجرد مقدمة يمكن البناء عليها بعد التخرج من خلال التدريبات المتواصلة والكورسات المختلفة التى تنمى قدرات الطالب وتجعله أكثر قدرة ومعرفة وكفاءة وجاهزية أمام متطلبات سوق العمل الداخلى والخارجى.
<<<
على أولياء الأمور والطلاب التفكير الف مرة قبل اختيار الكليات التقليدية التى يزيد عدد خريجها بكثير على الحاجة الفعلية لسوق العمل.. لم تعد الوظائف الجديدة خياراً تقنياً بل أصبحت ضرورة حتمية تفرضها موجات التغيير وتبرز الحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد بمرونة واستعداد دائم.
<< خلاصة الكلام:
الجمهورية الجديدة ومن خلال الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة توسعت فى إنشاء البرامج الدراسية الحديثة التى تعلم الأجيال الجديدة علوم المستقبل.. الذكاء الاصطناعى.. الأمن السيبرانى.. علوم البيانات.. برمجة النظم وتأمين المعلومات.
هذه ليست مجرد تخصصات جامعية بل هى نواة قوة مستقبلية وقاعدة أساسية لما يمكن تسميته «الردع الرقمى» أو حرب العقول بعدما شاهدنا البرمجيات الذكية والهجمات والاختراقات الرقمية والعمليات التكنولوجية المعقدة والتحكم عن بعد قبل إطلاق الصواريخ والقذائف فى حرب إيران وإسرائيل وروسيا وأوكرانيا.
مصر تنبهت مبكراً لهذا التحول فى طبيعة الصراع وبدأت فعلياً فى تأسيس قاعدة صلبة لمستقبل مختلف من خلال التوسع فى البرامج الذكية بالجامعات المختلفة.
إن التحدى الحقيقى الآن لا يكمن فقط فى تخريج دفعات من المؤهلين بل فى توظيفهم فى مشاريع وطنية ذات بعد استراتيجى تستثمر ما تعلموه وتمنحهم الشعور بأنهم جنود حقيقيون فى معركة وجود لا تقل أهمية عن حروب الحدود والسلاح.