لم تغب القضية الفلسطينية عن المؤتمر الدولى العاشر لدار الإفتاء ورفض مصر القاطع لمخطط تصفيتها بتهجير الفلسطينيين من أرضهم ومحاولات تجويع اهل غزة.. بل دوما ما نلمس جهود القيادة السياسية للمحافظة على حقوق الشعب الفلسطينى الشقيق.. مما يتطلب من المؤسسات الدينية والتعليمية فى عالمنا العربى والإسلامى أن تحمل واجباتها دينيا واخلاقيا للتعريف بالقضية الفلسطينية وتاريخ القدس واعتبار نصرة غزة فريضة دينية ووطنية.
ولاننا نعيش حاليا فى أجواء عصر التكنولوجيا الرقمية وما تم اتاحته من مواقع إلكترونية واسعة الانتشار السريع واستغلال العديد منها فى نشر الفتاوى المحرفة والمحرمة لذلك فإننا امام فرص واعدة لتطوير ادوات تقنية ترصد الزيف والتلاعب بالنصوص الدينية.
إننا بحاجة لمكافحة ظاهرة الفتاوى العشوائية والمضللة والتى تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعى والمنصات الرقمية واتخاذ اقصى معايير الحيطة والحذر والدقة فى عصر الفتوى الرقمية حتى لا تتحول الفتوى الى مداخل للفتنة.. مما يتطلب الإسراع بإعداد ضوابط فقهية واخلاقية تحكم الفتاوى المنشورة عبر الوسائط الرقمية
ومن الأهمية اطلاق برامج توعوية حول مخاطر الفتاوى غير الموثقة وتوجيه المواطنين نحو استخدام المصادر الرسمية فى الحصول على الفتوى وذلك لحماية المجتمع من الاصابة بالخلل الفكرى من جراء الفتاوى المغلوطة
وينبغى ادراك ان الإسلام لايقف ضد التقنية التكنولوجية وكل مستجدات العصر بل انه يحرص على تحقيق التعاون والتوازن بين العلم والدين لتحقيق مصلحة الانسانية بشرط الالتزام بالضوابط ومنها الصدق والأمانة فى نقل المعلومات.. ولا تعارض بين الدين والعلم حيث ان كلا منهما يعتمد على العقل والدين صديق للعلم
ولا يمكن اكتمال الفتوى الرشيدة دون تلاقى البصيرة الشرعية ومحلها المفتى البشرى مع اليقظة التكنولوجية لذلك من الاهمية التوجه نحو التأهيل المزدوج للمفتين شرعياً وتقنياً لصناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى عبر ادراج مهارات التعامل مع الذكاء الاصطناعى والوسائط الرقمية ضمن مناهج اعداد المفتين وبرامج تدريبهم بحيث يجمع المفتى بين اساسيات وثوابت العلم الشرعى والالمام الكامل بأدوات تكنولوجيا العصر.
أتصور أن ترشيد مسيرة الإفتاء عالميا يبدأ من معالجة اخلاقيات الذكاء الاصطناعى فى مجال الفتوى واستعادة الخطاب الافتائى الرشيد من ايدى المتطرفين وتأهيل الكوادر وبناء القدرات من بين الشباب والمرأة لضمان بقاء القرار النهائى فى يد المفتى البشرى مع الالتزام بترسيخ مبدأ التعاون الدولى وبناء القدرات بين دور الإفتاء حول العالم.
ومن الأهميــة دوما تهيئــة البيئة العلمية الراسخة والتى تسهم فى اعداد المفتى الرشيد القادر على توظيف معطيات الثورة الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعى مع الاخذ فى الاعتبار ان توظيف الذكاء الاصطناعى فى مجال الإفتاء ليس معناه احلاله محل المفتى بقدر تسخير هذه التقنية والاستفادة منها لخدمته فى توسيع أفقه وتعزيز وعيه.
الجمود على القديم فيه هلاك وأن مواكبة العصر حياة.