متحف لعرض الخزف والفخار ومسرح للتراث وفندق بيئى وورش تدريب ومعرض دائم
ظلت قرية جراجوس التابعة لمركز قوص قبلة للصناعات الخزفية واحترف أهلها تلك المهنة بعد ان توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، ونالت منتجاتها شهرة واسعة عندما كان يتم تصدير منتجاتها للخارج كما أنها ظلت ولسنوات عديدة مزارا للعديد من الأفواج السياحية لكنها ومنذ سنوات تعانى المشاكل بعد توقف زيارة السياح وترويج منتجاتها الخزفية بالأسواق، مما أدى إلى هجرة الكثير من الفنانين والنحاتين من أبنائها لتلك الحرفة باستثناء عدد محدود منهم، لايزال يقاتل للحفاظ على حرفة الأجداد.
«بداية الحرفة»
فى البداية يقول الشاعر والمؤرخ محمد سرحان ان صناعة الخزف والفخار بالقرية بدأت منذ ما يزيد على نصف قرن وبالتحديد عام 1954 على يد الراهب الفرنسى ستيفان ديمونجولفيه وابن شقيقه روبير، واللذان أقاما مركزا للخزف بالقرية بعد ان استعانا بالمهندس المصرى الشهير حسن فتحى لإقامته من الطوب اللبن، وبطريقته المعروفة على شكل قباب والتى تناسب الأجواء الحارة بالصعيد، واستضافا فيه خمسة من أمهر فنانى الخزف من أبناء القرية وهم جرجس خليل ونصير ونان وثابت لبيب ويوسف فهمى ونعيم سيفين، والذين نجحوا فى نشر تلك الحرفة بين أبناء القرية وتحولت منازلها إلى مراكز لصناعة الخزف والفخار حتى نالت شهرتها الواسعة وانتشرت منتجاتها من التحف والتماثيل بالبازارات السياحية بالأقصر وأسوان والقاهرة، بل وغزت أسواق العالم بتصدير كميات كبيرة منها لمختلف الدول الأوربية والأمريكية.
«مراحل صناعة الخزف»
ويقول فواز سيدهم فنان تشكيلى وصاحب مصنع ان صناعة الخزف تمر بعدة مراحل تبدأ بجلب طينة الخزف الأسوانى ووضعها فى أحواض يبلغ طولها من 4 إلى 5 أمتار لمدة يوم كامل؛ لتصبح طينة سهلة ومرنة للتشكيل والتصنيع ثم تأتى مرحلة تفريغ المياه من الأحواض وإزالة الشوائب التى تطفو فوق المياه ونقل الطين من الأحواض إلى غرفة التخزين والصنيع، وتظل بتلك الغرفة عدة أيام وتكون مغطاة بقطع من قماش الخيش، والمرحلة الثالثة مرحلة تصنيع الشكل ويتم وضع الطين على آلة يدوية اسمها الدوارة حيث يتم تشكل الطينة أثناءالدوران من أعلى وأسفل حسب الشكل المطلوب، ثم يوضع فى مكان به ظل ويوجد به فتحات تهوية حتى يصبح الشكل جافا من المياه، ليتم إدخاله فى الفرن للحرق ونصل إلى المرحلة النهائية وهى عملية التلوين ووضعه فى المتحف ليصبح جاهزاً للبيع.
وأشار سعيد حسن من أبناء القرية إلى أن صناعة الخزف كانت تدر أرباحاً لاصحابها والعملة العصبة للدولة خلال السبعينيات وحتى آخر التسعينيات فى ظل إقبال السائحين على شراء منتجاتنا، حيث كانت تأتى للقرية العشرات من الأفواج السياحية من مختلف الجنسيات، بل أن بعضهم كان يحرص على قضاء ليلة بين العمال والحرفيين لتعرف على أدائهم ويبدون إعجابهم الشديد بتميزهم ومواهبهم.
«اندثار الحرفة»
ويشير لويس لبيب من أبناء القرية أن المهنة فى طريقها للاندثار بعد أن هجرها العمالة والفنانين لقلة العائد منها وعدم وجود سوق للمنتجات، بعد أن كانوا يصدرون إنتاجهم إلى دول أوروبا وأمريكا.
وأضاف أنور بسطا عضو جمعية تنمية المجتمع ان القرية كانت تعج بالورش وكان لا يوجد منزل لا يعمل أحد أبنائه فى تلك الحرفة، إلا انه خلال الفترة الأخيرة توقف غالبيتهم عن الإنتاج ولم يتبق سوى القليل جدا منهم لا يتعدى أصابع اليد الواحدة الذين يقاتلون من أجل استمرار الصناعة التى ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.
ومن جانبه قال الدكتور خالد عبدالحليم محافظ قنا إن المحافظة تعطى للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والحرف اليدوية القديمة التى تشتهر بها المحافظة أولوية خاصة لما لها من دور كبير فى إعطاء دفعة قوية لعجلة التنمية وزيادة الإنتاج والحد من البطالة.
أشار إلى أنه كان حريصا على زيارة القرى التى تزخر وتشتهر بإبداع المنتجات التراثية كالخزف والمشغولات الخشبية بقوص والفركه بنقاده، مؤكدا أن المحافظة بصدد تنفيذ خارطة طريق لإدراج تلك المناطق ضمن برامج الأفواج السياحية التى تزور المناطق السياحية والأثرية بالمحافظة، مشيرا إلى أهمية تكامل وتعاون منظمات المجتمع المدنى والمحافظة فى تطوير وتنمية تلك الحرف وتنظيم برامج لتطوير وتنمية مهارات العاملين بها.
وأضاف انه وفى هذا الاطار جارى إقامة أول مجمع للحرف الصناعية التراثية بمركز نقادة على مساحة ٤٢ فدانا ويضم 400 ورشة لحرف (الفركة- الالباستر- المشغولات الخشبية- الكليم اليدوي- الخيامية- الجلود- النحاس- الصدف- الخزف) بتكلفة إجمالية 45 مليونا ويحتوى أيضا على متحف للفخار على مساحة فدان ومسرح لمعروضات الفنون التراثية وفندق بيئى وورش تدريب ومعرض دائم للمنتجات ومصنع للمنتجات الحريرية على مساحة ألف متر.