هل يقود بنيامين نتنياهو بلاده حقا نحو ما أسماها «إسرائيل الكبرى»؟.. وهل هو في مهمة تاريخية وروحية كما يدعي؟..أم أنه يقود إسرائيل نحو الهلاك والزوال وأن لعنة العقد الثامن ستحل عليها بالفعل مع قرب مرور ثمانين عاماً علي قيامها حيث لم تعمر لليهود دولة أكثر من ثمانين عاماً بإستثناء فترتين هما فترة الملك داود وفترة «الحشمونائيم» وكلتا الفترتين كانتا بداية تفككها في العقد الثامن.
وإسرائيل الحالية هي التجربة الثالثة للدولة اليهودية وهي الآن في عقدها الثامن ولذلك يخشي الإسرائيليون من زوال دولتهم حسب ماجاء في التلمود معززين ذلك لأسباب عدة أهمها حرب غزة التي اقتربت من عامها الثاني وإصرار نتنياهو علي مواصلة هذه الحرب دون أن تبدو لها نهاية وهو ما تسبب في تفكك المجتمع الإسرائيلي وانقسامه وارتفاع معدلات الهجرة العكسية حيث انتقل مؤخرا أكثر من عشرة آلاف إسرائيلي إلي اليونان واختار عشرات الآلاف مثلهم العيش في قبرص والبرتغال في نزوح جماعي لم تشهده إسرائيل من قبل حيث تشير الأرقام الرسمية أن أكثر من ثمانين ألف إسرائيلي غادروا العام الماضي إلي اليونان وقبرص والبرتغال بعد أن باعوا ممتلكاتهم.
هل يعي نتنياهو حقا الذي يتحدث عن «إسرائيل الكبري» حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بإسرائيل منذ عملية «طوفان الأقصي» وحتي اليوم وهي خسائر ليست عسكرية فقط رغم فداحتها حيث كشف معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن الحرب أسفرت حتي الأن عن مقتل مايقرب من ألفي إسرائيلي وإصابة خمسة وعشرون ألفا كما ألحقت الحرب علي غزة أضرارا جسيمة أصابت الاقتصاد الإسرائيلي وتسببت في خسائر فادحة في مختلف القطاعات وبلغت تكلفة الحرب حتي اليوم أكثر من ثمانين مليار دولار.
نعم خسائر إسرائيل التي لايريد أن يراها نتنياهو عديدة ويكفي أنها أصبحت اليوم أكبر دولة منبوذة ومعزولة بسبب حربها علي غزة كما خسرت العديد من الحلفاء والأصدقاء الذين أعلنوا عزمهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل وهو مايمكن أن نطلق عليه إنقلابا أوروبيا علي إسرائيل تقوده بريطانيا وفرنسا أقرب حلفائها بعد أمريكا طبعا وهو اعتراف إن تم ولم يكن مجرد تهديد لوقف حرب غزة سيجعل «إسرائيل الكبري» التي يحلم بها نتنياهو تصبح مجرد «إسرائيل الصغري» بعد أن تتحول الدولة الفلسطينية من مجرد اعترافات إلي واقع علي الأرض وفي تلك الحالة سيكون هذا أفضل لإسرائيل من زوالها حسب لعنة العقد الثامن.