هل تتذكرون تصريحات الرئيس السيسى فى إفطار رمضان الماضى عن الدراما المصرية وأثرها فى تشكيل الشخصية المصرية؟ وهل تتذكرون عدد اللجان التى تشكلت لدراسة ملف الدراما المصرية ووضع الحلول ورسم خرائط الطريق لها بعد تلك التصريحات؟ هل تتذكرون يا سادة يا كرام مقالى فى شهر أبريل والذى عنونته بـ «لجان عبده مشتاق» تعليقاً على تلك الظاهرة المريبة؟ الرئيس كان يشير بإصبعه على «بناء الوعي» وكان هؤلاء ينظرون إلى إصبع الرئيس فقط! فانبرى الجميع «عمال على بطال» لصياغة خطط وإستراتيجيات محاولا أن يلزم بها غيره، لقد هالنى وقتها أن أرى أحد هؤلاء المسئولين وهو يسارع باستثمار الفرصة وإنجاز اللقطة بتشكيل لجنة لدراسة الأداء الدرامى وتقديم النصائح لصنّاعها والتنظير عليهم، وهو المنوط به ووزارته وهيئته ومؤسسته إنتاج وصناعة تلك الأعمال الدرامية! لقد راق لهم ولغيرهم أن يمارسوا التنظير والنقد والفهلوة بدلا من أن يشمروا عن سواعدهم وينغمس كل منهم فى العمل الجاد، لقد اختار هؤلاء أسرع الطرق لالتقاط الصورة ووضعها فى ألبوم الإنجازات الملغوم بالأكاذيب والأباطيل حتى يسارع فى الحديث عنها أمام رؤسائه مزهوا بأنه وحيد عصره وفريد دهره، فلعن الله «اللقطة» اللعينة وعبّادها، فقد أفسدت حياتنا وعطلت مصالحنا وشلت حركتنا، لقد انتشرت فى معظم مؤسساتنا نموذج «الإدارة باللقطة» ومن خلالها أصبحت المشروعات غير مكلفة حيث تحتاج فقط إلى «كاميرا ومصور وتصريحات نارية عنترية حتى ولو كانت غير قابلة للتطبيق أو التصديق»، بعد هذه التصريحات يقوم المسئول بتشكيل لجنة «ملاكي» لدراسة تصريحاته وتنتهى تلك اللجنة بالدعوة لمؤتمر تحت رعاية مسئول أكبر لدراسة مخرجات تلك اللجنة، وينعقد المؤتمر وتصرف البدلات وتوزع الهدايا وينتهى المؤتمر إلى حزمة توصيات تمثل إعادة تدوير لتصريحات المسئول صاحب اللقطة الأولى مضافاً إليها مخرجات اللجنة الملاكى لسيادته، ويذهب المسئول إلى مكتبه أو منزله مرتاح الضمير خالى البال، فقد صنع ما لم يصنعه سابقوه والدليل هو ذلك الزخم والتخمة الإعلامية المصاحبة لنشاطه والتى صنع من خلالها ألبوما متضخمة للإنجازات الوهمية، أعود إلى قضية الدراما التى انفض من حولها مولد اللجان والتقارير وخرائط الطرق إلى لا شيء تقريباً، ورمضان التالى على الأبواب!! إنه ضجيج بلا طحين، وكأن ملاحظات السيد الرئيس وكلماته وتوجيهاته قد اختزلها هؤلاء فى تشكيل هذه اللجان والتقاط هذه الصور والاكتفاء بما يسمى «التنظير المؤسسي» حيث تسارع كل مؤسسة بإلقاء اللوم على اختها وبأنها بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، أنا هنا أقف فى أعلى نقطة من المشهد وحيداً ومن فوق جبل التجرد أعلن كفرانى المبين بالهوى والغرض والمحسوبية التى جعلت مصرنا العزيزة على قلوبنا «بلد الفرص الضائعة»، يا سيادة الرئيس الغالى العظيم: أنا أعلم جيداً أن يدك وحدها لن تصفق، ودائماً ما تحاول استنهاض همم الأمة المصرية ليشمروا عن سواعدهم ويشاركوا فى بناء دولتهم، وأعلم كذلك كم الأعباء الملقاة على عاتق فخامتكم داخلياً وإقليمياً ودولياً، وأعلم كذلك أن أحلامك لبلادك لا يحدها حد ولا يغطيها سقف، فلا أملك لكم فخامة الرئيس إلا الدعاء بالتوفيق والسداد والقبول، لذلك فآمالنا وأحلامنا جميعها معلقة فقط بالله ثم بكم سيادة الرئيس، لكن هناك من الأشخاص الذين يعرقلون كل محاولات الإصلاح ويقاومونها بشراسة، هناك من يتسلل فى غيبة الحراس ليسرق منا أحلامنا ويقتل آمالنا، إنهم مجموعة من الانتهازيين عديمى الشرف الذين يتعاملون مع الوطن على أنه «عزبة خاصة» أو فندق إذا ساءت فيه الخدمة بحثوا لهم عن فندق غيره، لكننى مؤمن يقينا أن يد الله معنا ولن تخذلنا بفضله وكرمه.