فى لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى مع رؤساء الهيئات الإعلامية تحدث عن حرية الرأى والتعبير والرأى الآخر. وهذا توجه أكثر من رائع. لكن الأهم فى هذا الأمر أن ينطلق الجميع من أرضية وطنية تهدف إلى البناء والتنمية، لا كما يتصورها أهل الشر الذين يستغلون ذلك فى التخريب والتدمير.
إن رؤية القيادة السياسية فى حرية الرأى والتعبير تحمل أبعادا، تتداخل فيها عوامل سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وأمنية. ولا يمكن قراءة هذه الرؤية بمعزل عن سياق التحديات الداخلية والخارجية التى تواجهها الدولة، ولا عن طبيعة التحولات التى شهدتها مصر منذ عام 2013. وتؤكد الخطابات الرسمية للقيادة السياسية على التزام الدولة بحرية الرأى والتعبير كحق دستورى أساسى وتعتبره ركيزة أساسية فى بناء مجتمع ديمقراطى ومتقدم. وتستند الرؤية إلى مبدأ أن حرية الرأى والتعبير حق أساسي، ولكنها ليست حقاً مطلقاً، بل يجب أن تمارس فى إطار من المسئولية، وبما لا يتعارض مع الأمن القومي، أو النظام العام، أو الآداب العامة، أو التحريض على العنف والكراهية. وهذه الضوابط ضرورية لحماية المجتمع من الفوضي، والتطرف، والتحريض. وهناك ضرورة فى التفريق بين النقد البناء والهادف، الذى يُعد جزءاً من العملية الديمقراطية، وبين نشر الشائعات والأخبار الكاذبة التى تهدف إلى زعزعة الاستقرار وبث الفتنة. إن حماية الدولة ومؤسساتها من الحملات الممنهجة التى تستهدفها، داخلياً وخارجياً، يُعد أولوية قصوي. كما أن هناك تركيزاً على ضرورة مواجهة ما يُطلق عليه «حروب الجيل الرابع» التى تُستخدم فيها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى لاستهداف الدولة وتقويض استقرارها.
ويمكن تحليل هذه الرؤية أيضاً من خلال دراسة بعض المبادرات التى أطلقتها الدولة فى الآونة الأخيرة. وتُعد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والحوار الوطني، مؤشرات على وجود إدراك رسمى للحاجة إلى إتاحة مساحات أكبر للحوار والمشاركة. ويُنظر إلى هذه المبادرات على أنها خطوة مهمة ورائعة وإيجابية، ولها دور فى معالجة تحديات حرية الرأى والتعبير.
إن رؤية القيادة السياسية فى حرية الرأى والتعبير، تهدف إلى الإصرار على الحفاظ على الاستقرار والأمن القومى فى مواجهة تهديدات حقيقية. وهذا التوازن ضرورى لضمان عدم عودة الفوضي، وتحقيق التنمية المستدامة.
ويولى الرئيس السيسى اهتماماً متزايداً بقضية حرية الرأى والتعبير، مؤكداً فى العديد من خطاباته ولقاءاته على أهميتها كحق دستورى وأساسى فى بناء دولة عصرية. ويرى الرئيس أن حرية التعبير هى جزء لا يتجزأ من حرية المعتقد، وأن المجتمع المصرى يحتاج إلى حوار مفتوح يتيح طرح مختلف الأفكار والآراء، شريطة أن يتم ذلك فى إطار من المسئولية واحترام الأمن القومى والنظام العام. وقد تجسد هذا الاهتمام فى إطلاق مبادرات مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى تضمنت محوراً كاملاً عن حرية التعبير، وكذلك إطلاق الحوار الوطنى الذى فتح الباب لمناقشة قضايا شائكة كانت غائبة عن الساحة لفترات طويلة. وهذه المبادرات إلى جانب توجيهاته المتكررة للهيئات الإعلامية بضرورة احتضان كافة الآراء الوطنية، تُشير إلى سعى القيادة السياسية نحو إتاحة مساحات أوسع للحوار والنقاش، مما يعزز من التعددية والانفتاح الفكرى فى المجتمع المصري.
وتعد حرية الرأى والتعبير ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. فمن خلال إتاحة مساحة للنقد البناء والمشاركة العامة، يمكن للمجتمع تحديد أولوياته التنموية بفعالية، ومعالجة التحديات بشكل أكثر شمولية. وعندما يتمكن الأفراد من التعبير عن آرائهم بحرية، يمكنهم المساهمة فى صياغة سياسات اقتصادية واجتماعية وبيئية أكثر عدالة وفعالية. كما أن حرية التعبير تُعزز الشفافية والمساءلة، مما يحد من الفساد ويضمن توجيه الموارد نحو المشاريع التنموية الحقيقية. وبدون هذه الحرية، تظل عملية التنمية قاصرة، وتفقد قدرتها على الاستجابة لاحتياجات المجتمع المتغيرة.