يواصل جيش الاحتلال قصفه الجوى والمدفعى على مدينة غزة، حيث يستعد لتنفيذ عملية عسكرية فيها، بالتزامن مع مساع سياسية جديدة لإحياء مفاوضات وقف إطلاق النار بعد حوالى عامين من الحرب على القطاع التى راح ضحيته مئات الآلاف من الشهداء والمصابين، فضلاً عن تدمير القطاع بالكامل.
ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن العملية البرية الواسعة النطاق للسيطرة على مدينة غزة ستتم على مراحل، وأنها لن تبدأ قبل الشهر المقبل.
وأضافت الصحيفة العبرية أن نجاح العملية سوف يعتمد على محاولات إسرائيل إجلاء نحو مليون من سكان مدينة غزة وضواحيها إلى الجنوب، مشيرة إلى أن القوات المحتلة ستواجه العديد من الصعوبات فى ذلك.
واستعداداً لتنفيذ المخطط الإسرائيلي، أعطى جيش الاحتلال أوامره لألوية نظامية بالتحضير لمناورة جديدة فى مدينة غزة، كما تلقت ألوية الاحتياط أيضًا، ولأول مرة خلال الـ 48 ساعة الماضية، أمرًا بالاستعداد للتفعيل فى سبتمبر القادم.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة من استعدادات الجيش، تحويل المفهوم العملياتى الذى أقره هذا الأسبوع رئيس الأركان إيال زامير إلى خطط ميدانية تضعها القيادة الجنوبية لأربع فرق على الأقل، بينها فرق احتياط، بهدف محاصرة مدينة غزة من جميع الجهات والتقدم تدريجيًا نحو أحيائها الغربية، ولا سيما صبرا والرمال والشيخ عجلين، التى تضم العديد من المبانى الشاهقة المتبقية.
بعدها ستبدأ مرحلة الإجراءات القتالية، التى من المفترض أن تشمل بحث خطط التحرك وتوقيتها، والاستعدادات اللوجستية، والتدريبات النهائية، وحشد القوات حول محور نتساريم، إلى جانب تنفيذ الضربات الجوية الأولي.
وفى إطار تلك الاستعدادات، عقد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اجتماعا مع رئيس الأركان، إيال زامير، وعدد من قادة جيش الاحتلال، لبحث الخطط العسكرية التى تستهدف مدينة غزة، تمهيدا للتصديق عليها.
وكان قد وافق المجلس الوزارى المصغر «الكابينت»، الجمعة الماضي، على خطة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لاحتلال قطاع غزة بشكل تدريجي.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أنَّ العملية البرية فى غزة ستعتمد على محاولات إسرائيل نقل نحو مليون من سكان المدينة وضواحيها إلى الجنوب.
وواصل جيش الاحتلال قصف مناطق مختلفة من القطاع خلال الساعات الماضية، حيث كشفت تقارير استخدامه روبوتات لتفجير منازل فى خان يونس، بعد أن شوهدت ألسنة النار ترتفع من بعض تلك المنازل، فضلاً عن قيامه أيضاً بتفجير عدة مواقع جنوب القطاع.
تأتى تلك التطورات الميدانية وسط أزمة انسانية تتفاقم فى القطاع الفلسطينى المحاصر، بسبب نقص التغذية، على الرغم من دخول المساعدات الغذائية.. وكان قد أوضح المفوض العام لوكالة «أونروا»، فيليب لازاريني، أنَّ أكثر من 100 طفل على الأقل توفوا فى غزة خلال الفترة القليلة الماضية بسبب سوء التغذية والجوع، وفقًا لمؤسسة إنقاذ الطفل الدولية.
فى نفس السياق، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، إنَّ ذوى الاحتياجات الخاصة فى غزة يواجهون تحديات يومية هائلة فى الوصول إلى الخدمات الأساسية، ويفتقرون إلى الطعام والأجهزة المساعدة والرعاية الصحية؛ وذلك بحسب منشور على صفحتها الرسمية بمنصة إكس «تويتر سابقًا».
وأضافت «أونروا» فى وقت سابق أنَّ مئات الأشخاص قتلوا أثناء بحثهم اليائس عن الطعام، منذ إنشاء ما يُسمّى بـ «مؤسسة غزة الإنسانية»، مشددة على ضرورة الحاجة الماسة إلى وقف إطلاق النار للسماح بوصول المساعدات بشكل آمن، ومنتظم، وواسع النطاق إلى الناس.
فى المقابل، قالت كتائب القسام إنها نفذت مؤخراً كمينا ضد قوة إسرائيلية جنوب حى الزيتون جنوب مدينة غزة، مستهدفة أفراده بقذيفة وأسلحة رشاشة وأوقعتهم بين قتيل وجريح.
وحول العمليات الاسرائيلية فى القطاع، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، أمس، نقلًا عن مصدر مقرب من البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، طلب من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، تسريع وتيرة العمليات العسكرية فى قطاع غزة.
كما أوضحت الصحيفة أنَّ وزير الشئون الاستراتيجية فى حكومة الاحتلال، رون ديرمر، حذر خلال اجتماع المجلس الوزارى المصغر للشئون الأمنية والسياسية «الكابينت»، من أن صبر الإدارة الأمريكية على استمرار الحرب فى غزة «بدأ ينفد».
يأتى ذلك مع استمرار مساعى الوسطاء من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، لكن دون تحقيق نتائج تذكر حتى الآن.
وكانت الفصائل الفلسطينية أعربت عن شكرها وامتنانها للدور المصرى الذى يسعى لوقف إطلاق النار، مؤكدة خلال اجتماعها فى القاهرة على أن الأولوية القصوى فى المرحلة الحالية هى وقف إطلاق النار.
فى الوقت نفسه، أعلنت تجاوبها الكامل مع مبادرات ومقترحات الحل بما يحقق متطلباتها بانسحاب الجيش الإسرائيلى ورفع الحصار عن القطاع، فضلا عن ضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية فورا بشكل آمن ودون عوائق.
على الجانب الآخر، كشفت مصادر إسرائيلية بأن تل أبيب طلبت من الوسطاء القطريين إبلاغ حماس، بأنه لا صفقة جزئية بعد الآن، بل اتفاق كامل يشمل إطلاق كافة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين فى غزة».
وعلى صعيد التطورات فى الضفة الغربية، أعلن وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريتش أمس التصديق على مخطط استيطانى فى المنطقة المسماة «إي1» من شأنه فصل القدس عن الضفة الغربية.
كما حث سموتريش، الحكومة المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، على إقرار خطته بمواصلة سرقة الأراضى الفلسطينية وبناء مستوطنات عليها لا سيما المنطقة المثيرة للجدل المسماه E1 بين القدس والعيزرية والتى ستقضى على أى فرصة لإقامة دولة فلسطينية من خلال تقطيع أوصال الضفة.
وهاجم فكرة الدولة الفلسطينية واصفًا إياها بـ»الحماقة والخطر الوجودي»، ودعا إلى الموافقة على خطة البناء فى المنطقة E1.
كما عبر سموتريش عن امتنانه للرئيس ترامب، قائلاً: لم يكن هناك رئيس فى البيت الأبيض متعاطف مع إسرائيل مثله، معرباً عن شكره على «تعاونه ودفاعه عن الشعب اليهودي».
وتأتى تصريحات سموتريتش فى سياق حديثه عن العلاقة مع الولايات المتحدة، حيث أشار إلى أن فترة حكم ترامب هى الأكثر تأييدًا لإسرائيل.
وكتب «سموتريتش» على حسابه بمنصة «إكس»: «منذ قيام الدولة، لم يكن فى البيت الأبيض رئيس مؤيد لإسرائيل مثل ترامب، ولا سفير مرتبط باليهود مثل هاكابي».
وفى رسالة مباشرة لنتنياهو، دعا سموتريتش إلى اتخاذ خطوة حاسمة، قائلاً: «هذه هى الساعة المناسبة لفرض السيادة الكاملة، وكل شيء جاهز».
يواصل المستوطنون اعتداءاتهم الوحشية فى مدن وقرى الضفة الغربية، مدججين بالسلاح ومحاطين بقوات جيش الاحتلال، حيث قاموا أمس باحراق أربع مركبات ومنزل فى بلدة عطارة شمال غرب رام الله، ما تسبب بأضرار مادية به.
من جهة أخري، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الحكومة الإسرائيلية إلى وقف فورى لمخططها الرامى لتقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى قسمين، وقال إن إنشاء المستوطنات – بما فيها داخل القدس الشرقية- انتهاك للقانون الدولي.