تحت عنوان «القضية الفلسطينية وأزمة غزة الراهنة»..نظمت الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجى ..الأربعاء الماضي.. «حلقة نقاشية» شارك فيها اللواء محمد إبراهيم الدويرى نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية.. وعدد من الكتاب والقيادات الصحفية.. هذه الحلقة النقاشية بما دار فيها من مناقشات وما طرحته من «أسئلة» وما استعرضته من «إجابات».. لايمكن وصفها إلا بأنها واحدة من أهم خطوات تفعيل «سلاح الوعي».. خاصة فى ظل تحديات غير مسبوقة يتعرض لها الأمن القومى المصرى وكذلك الأمن القومى العربي..وفى القلب والمركز «من الإثنين» يبرز «الأمن القومى الفلسطيني».
لقد تطرقت «الحلقة النقاشية» إلى العديد من الموضوعات التى تفرضها طبيعة المرحلة وطبيعة اللحظة التى تمر بها «المنطقة».. ويمر بها الإقليم.. ويمر بها العالم.. حيث أكدت «المناقشات» على أن القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هى «قضية أمن قومي».. وأن مصر بذلت.. ومازالت تبذل.. جهودا متواصلة من أجل وقف حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعبنا الفلسطيني.. وماتقوم به سلطات الإحتلال من جرائم وحشية فى غزة والضفة الغربية.. تتعامل مصر مع القضية الفلسطينية وفق «الثوابت التاريخية» التى لم ولن تتنازل عنها مصر أبدا إن شاء الله.
إنطلاقا من «الثوابت المصرية» تجاه «فلسطين» والتى أعادت التأكيد عليها الحلقة النقاشية «القضية الفلسطينية وأزمة غزة الراهنة».. التى أدارها الاعلامى حمدى رزق إنطلاقا من هذه الثوابت يمكن إعادة التذكير بعدد من «العناصر» التى يجب إبرازها ووضعها «فى الواجهة» نظرا لدقة وأهمية اللحظة والمرحلة التى تمر بها القضية الفلسطينية.. قضية العرب الأولي.. وقضية مصر الأولى أيضا.. هذه «العناصر» والتى بعثت بها «القاهرة» من قبل – ومازالت تبعث – كرسائل «فى كافة الإتجاهات» يمكن القول إن تقديم هذه العناصر «فى هذه اللحظة» فى واجهة «الثوابت والمحاور» يجيب على العديد من «الأسئلة الحائرة» لدى «البعض» سواء فى الداخل.. «داخل الوطن والإقليم».. أو الخارج.. «خارج الوطن والإقليم أيضا».
أول هذه العناصر التى يجب على كل ذى بصر وبصيرة أن يتوقف عندها وأمامها طويلا ..هو أن مصر «على كافة المستويات» تتعامل مع القضية الفلسطينية ليس بإعتبارها قضية دولة شقيقة أو قضية دولة جارة أو قضية دولة صديقة.. تتعامل مصر مع القضية الفلسطينية باعتبارها «قضية مصرية» و»أمن قومى مصري».. وذلك وفقا لما أكده ويؤكده «جميع المصريين».. هذه الركيزة الثابتة على مدى التاريخ تجعل من مصر «الدولة الأولي» الداعمة والمؤيدة والمحافظة على «الحق الفلسطيني».. ذلك الحق الذى تكالبت عليه «الأطماع الإستعمارية» غربا وشرقا لكى يتم إلتهامه.. ووقفت مصر.. على مدى التاريخ.. فى مقدمة المدافعين والمحافظين على «فلسطين».. «فلسطين الشعب والقضية».. مصر لا تفرط ولا تساوم على حقوق الشعب الفلسطيني.. موقف تاريخى ثابت يرتكز على قاعدة صلبة تقول بكل قوة إن فلسطين «أمن قومى مصري».
والعنصر الثانى فيما يتعلق بثوابت مصر وعلاقتها بالقضية الفلسطينية.. يتمثل فى «الوعي».. الوعى بالقضية.. أسبابها وتداعياتها.. وارتباطها بالأمن القومى المصري.. وفى ذلك يمكن القول أن المتتبع لتاريخ ومراحل القضية الفلسطينية.. منذ النشأة «قبل سبعة وسبعين عاماً» وحتى الآن.. مازالت القضية الفلسطينية «نهر متدفق بالحياة» داخل الفكر والوجدان المصري.. العام والخاص.. شعور وإحساس مصرى عميق بالمسئولية تجاه فلسطين.. فلسطين الشعب والقضية.. شعور تتوارثه الأجيال.. جيلا تلو الجيل ..القضية الفلسطينية «قضية مصرية».. نعم الوعى المصرى العام بالقضية الفلسطينية وعى له رمزيته ودلالته.. فمصر فى جميع مراحل الصراع «الفلسطينى الإسرائيلي» هى صوت فلسطين مهما كان حجم التحديات..القضية الفلسطينية مكون رئيسى من مكونات الحياة اليومية المصرية سواء على المستوى الشعبى أو المستوى الرسمي.
أما العنصر الثالث.. فيتعلق بمدى الإدراك المصرى لما يجرى للقضية الفلسطينية.. ففى ظل مايحدث وما يجرى فى منطقة الشرق الأوسط والعالم من تغيرات واضطرابات «فى المقدمة منها حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية فى غزة والمشروع الصهيونى الإجرامى التوسعي».. تبعث مصر دائما بإشارات تقول فيها بوضوح إنها تدرك كافة «المشاريع» التى يتم التخطيط لها والإعداد لها من أجل القضاء على القضية الفلسطينية ..تدرك مصر تماما هذه المخططات وتبذل جهودا هنا وهناك من أجل إجهاض هذه المشاريع والمخططات والتى جميعها»صهيونية».. وهنا تجدر الإشارة إلى أن «الإدراك المصري» تعامل بتلقائية تاريخية سريعة مع واحد من أخطر المشاريع «الصهيو أمريكية» فى تاريخ «الصراع العربى الإسرائيلي» ألا وهو مشروع تهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته..لقد رفضت مصر وتصدت لهذا المشروع الخطير ..وكان هذا الرفض دليلا قويا على عمق «الإدراك المصرى العام» لمايجرى وما يخطط له إسرائيليا وأمريكيا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
العنصر الرابع ..هو إدراك له خصوصيته العظمي.. فقيام إسرائيل بالإعتداءات المتواصلة ضد المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. قيام إسرائيل بالإعتداءات المتواصلة ضد المسجد المبارك.. إقتحامات وزراء ومستوطنين فى حراسة سلطات الإحتلال وإقامة طقوس تلمودية فى باحاته.. ومنع المصلين من دخوله.. تدرك مصر الخطورة التى تمثلها هذه الإعتداءات.. إن إسرائيل تعلم أن «الأقصي» هو الرمز.. رمز الشعب ورمز القضية.. ورمز الأمة أيضا.. تدرك مصر ذلك وما تسعى إليه إسرائيل والذى لن يتحقق بإذن الله.
والعنصر الخامس.. هو مرتبط بالخطوة التالية لهذا «الإدراك».. فطالما أن مصر تدرك مايجرى وما يخطط له إسرائيليا وأمريكيا ضد القضية الفلسطينية.. فكيف تتعامل مع ذلك ؟!.. الخبراء المعنيون يقولون إن مصر تتصدى لكل ما من شأنه تصفية القضية الفلسطينية.. الموقف المصرى ثابت وواضح فى ذلك.. ومصر تدرك حجم التحديات الإقليمية والعالمية.. وهذا الإدراك لايجعل تعاملها فى إتجاه واحد فقط بل هناك رؤية مصرية للتعامل مع «جميع السيناريوهات» إستنادا إلى قاعدة عدم السماح بأى تهديد للأمن القومي..والتصدى لأى محاولة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم.
العنصر السادس فى ذلك .. يتعلق بقضية السلام.. مصر والسلام فى المنطقة.. فمن خلال المواقف المصرية الرسمية يتأكد أن مصر تحرص على تحقيق السلام الشامل فى المنطقة.. سلام يحقق آمال شعوب المنطقة فى وقف الحروب والعيش فى أمان وإستقرار.. وهذا لن يتحقق إلا من خلال السلام الذى يعطى الفلسطينيين جميع حقوقهم المشروعة.. مصر حريصة على «حل الدولتين» والذى ينص على إقامة دولة فلسطينية «على حدود الرابع من يونيو1967».. مصر حريصة بالفعل على «السلام» لكنها وهى تحرص على ذلك تؤكد دائما أن هذا الحرص يسير جنبا إلى جنب مع التأكيد على عدم التفريط فى أى ثابت من ثوابت الأمن القومي.
والعنصر السابع.. يتمثل فى إهتمام مصر الدائم بلم «الشمل الفلسطيني» وإحداث مصالحة بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني.. مصالحة تضمن تشكيل جبهة داخلية فلسطينية قوية تكون قادرة على مواجهة الأمواج والرياح العاتية المتجددة فى «المحيط» الإقليمى والعالمي.. مصر فى جميع المراحل تحرص على تحقيق هذه المصالحة وترتيب البيت الداخلى الفلسطيني.. وهذا أيضا مرتبط بمدى الإدراك لما يحاك ولما يخطط له ضد «فلسطين».. فلسطين القضية والشعب.
بعد تناول هذه «العناصر» التى تبعث بها وتؤكد عليها «القاهرة» دائما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.. يمكن القول أنه فى ظل تعاظم التحديات التى يواجهها الأمن القومى المصرى والأمن القومى العربى بشكل عام «إقليميا وعالميا».. وارتباط ذلك إرتباطا وثيقا بالقضية الفلسطينية وماتخطط له إسرائيل من مشاريع «إستعمارية توسعية كبري».. وآخرها وهم إسرائيل الكبرى الذى تتصدى له مصر بكل حسم وكذلك مخطط توسيع الاستيطان الاجرامى فى الضفة، يمكن القول أنه فى ظل تعاظم هذه التحديات فإن «الإستثمارفى الوعي» أصبح من «متطلبات الضرورة «.. فالوعى بالقضية الفلسطينية صار «سلاحا» لاغنى عنه ويجب أن يكون حاضرا وجاهزا..لأن فلسطين بالفعل «قضية أمن قومى مصري».