أكد خبراء الدبلوماسية المصرية ورجال الفكر والسياسة والتاريخ والاجتماع.. أن تصريحات المسئولين الإسرائيليين عما يسمى «إسرائيل الكبري».. أكذوبة وأوهام قديمة يحلم بها دوماً مسئولو تل أبيب.. ولا أساس لها..
قالوا ان مصر تحبط كل المخططات الإسرائيلية لابتلاع الأراضى الفلسطينية.. عبر دبلوماسية حكيمة وواعية وتفضح كل الألاعيب والانتهاكات الإسرائيلية لكل القوانين الدولية والإنسانية.. وعبر امتلاك قوة ردع تستطيع أن تحمى أمنها القومي.
وطالبوا بضرورة تقديم شكاوى جماعية فى المنظمات الدولية بمجلس الأمن والأمم المتحدة ضد هذه التصريحات التى تؤجج التوترات وتزعزع الاستقرار بالمنطقة.. وضرورة تحرك المجتمع الدولى لوقف التوسعات الاستيطانية الإسرائيلية.. والتأكيد على أن التوجهات الإسرائيلية التوسعية تتعارض تماماً مع الجهود الدولية والإقليمية الساعية لارساء السلام العادل والدائم والشامل فى الشرق الأوسط.
.. ودبلوماسيون: ضرورة تقديم شكوى جماعية.. بمجلس الأمن
قال السفير عمرو رمضان مساعد وزير الخارجية الأسبق إن «تصريحات رئيس وزراء إسرائيل خلال مقابلته مع قناة 24 الإخبارية الإسرائيلية يوم 12 أغسطس بأنه شعر بوجود صلة مع رؤية الأرض الموعودة فى التوراة أو إسرائيل الكبرى تصريحات فى غاية الخطورة ولا ينبغى أن تمر مرور الكرام أو كغيرها من تصريحات أو تصرفات عدائية تصدر من إسرائيل، ويخطئ من يظن أنها للاستهلاك المحلى أو يصفها بأنها «تصريحات نتنياهو»، فهى تصريحات صادرة من رئيس السلطة التنفيذية فى دولة إسرائيل وتحوى تحريضا وأطماعا فى أراضى دول جوار ست هى مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق والسعودية، خاصة فى الوقت الذى تحتل فيه إسرائيل بالفعل أراضى فى اثنتين منها هما لبنان وسوريا فضلا عن احتلال الضفة الغربية لنهر الأردن والسعى حاليا لضمها.
وأضاف السفير رمضان فى تصريحات خاصة لـ « الجمهورية» أن رئيس وزراء إسرائيل صرح أمس الاول أى بعد يومين من تصريحاته الأولى بأن للجيش الإسرائيلى وصية مقدسة لضمان خلود إسرائيل.
أوضح أن هذا الخلط بين الدين والسياسة، بين المعتقدات الدينية والقانون الدولى فى أشد الخطورة، ولا يقوم به إلا مهووسون نعرف تماما قدرهم فى التاريخ الإنسانى وما ترتب على أقوالهم بداية ثم تصرفاتهم التالية من حروب ودمار وخراب تسببوا فيه لشعوبهم أولا ولجيرانهم ثانيا.
فأنا مثلا كإنسان مسلم أدرك توعد الله لبنى إسرائيل فى سورة الإسراء بعقابه لهم ثم تمكين لهم بعد فترتين من الفساد والإفساد فى الأرض، وتختلف التفسيرات فى هاتين الفترتين وما تحقق منهما، فبعض المفسرين يرى أن الوعد الأول تحقق فى فترة النبى سليمان عليه السلام، وأن الوعد الثانى تحقق كذلك فى فترات تاريخية تالية ومختلفة حيث تم فتح بيت المقدس عدة مرات، قبل أن تحتله إسرائيل مرة أخرى عام 1967 مع الأراضى التى احتلتها فى حرب ٥ يونيو والمناطق التى بسطت نفوذها عليها.
ولكن هذا يعتبر قراءة فى التاريخ أو استشرافا للمستقبل، ولا ينبغى أن يشكل سياسة دولة سواء مدنية أو دينية، وكما قلت فإن خلط الدين بالسياسة أمر شديد الخطورة.
ويضاف إلى خطورة هذه التصريحات أنها تأتى من رئيس حكومة ائتلافية تضم وزراء من عتاة اليمين المتطرف، ونرى حجم جرائم الحرب التى يرتكبها يوميا الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة من قتل وتشريد وتجويع وإبادة جماعية بتكليفات من هذه الحكومة وآخرها إقرار خطة لاحتلال غزة وكأن ما جرى منذ اليوم التالى لـ 7 أكتوبر 2023 لا يكفي.
وأعرب عن تصوره أن بداية التعامل مع هذه التصريحات – إلى جانب رفضها، وهو ما حدث إعلاميا- هو تقديم شكوى فردية أو جماعية فى مجلس الأمن ضد إسرائيل لأن هذه التصريحات تهدد السلم والأمن الدوليين، وتعد انتهاكا لاتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر من ناحية وبين إسرائيل والأردن من ناحية أخري. كما يستدعى الأمر – فى تقديري- استدعاء القائم بالأعمال الإسرائيلى بالقاهرة وإبلاغه رسالة واضحة فى هذا الشأن ينقلها لحكومته، كما استدعت الخارجية الأردنية السفير الإسرائيلى بعمان قبل يومين.
كما ينبغى التواصل مع الولايات المتحدة ومبعوثيها وكذلك مع باقى الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن «بريطانيا- فرنسا- روسيا- الصين»، وكذا مع الدول غير دائمة العضوية لتوضيح مدى الخلط والخطورة فى هذه التصريحات وتحميل مجلس الأمن المسئولية فى ضمان أمن دول المنطقة واستقرارها.
وأكد أن هناك خطوات أخرى يمكن اتخاذها وفقا لمصالح وتقدير الدول التى تشملها هذه التصريحات الأخيرة.
قال السفير على الحفنى نائب وزير الخارجية الاسبق إن افكارا جديدة تتجدد والنوايا لم تتغير، تصور دولة إسرائيل على اتساعها وعلى حساب دول الجوار وهو توجه عدوانى واستعمارى واستيطاني، حيث نعيش فى ثورة اتصالات وشعوب العالم أدركت أن ما يحدث فى قطاع غزة ومن قبله الحروب التى تم شنها على عدة دول فى المنطقة يؤكد أن هذه الدولة استعمارية وتوسعية واستيطانية ونهجها عدوانى قائم على التهديد باستخدام الأسلحة وهو ما يتنافى مع قواعد القانون الدولى والمواثيق الدولية.
اضاف السفير الحفنى فى تصريحات خاصة لـ «الجمهورية» أن إسرائيل ورئيس وزرائها لا يبالون.. وأن يقف نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حاملاً لخريطة تشمل أجزاء كبيرة من المنطقة ودول الجوار، وبالتالى نحن نشهد اليوم تعدياً على مواثيق اجتمعت عليها الأسرة الدولية ودول وحكومات وشعوب العالم وتجد فيها انها تمثل شبكة الأمان بالنسبة لها.
أشار السفير الحفنى إلى أنه ومع الإفصاح والتكرار والتاكيد على هذه الاطماع أصبح لزاماً على بلدان العالم والمنظمات الدولية أن تتخذ من التدابير الدولية التى من شأنها فرض العقوبات على إسرائيل وعدم تركها تفلت من العقاب ويجب ردعها ووضعها فى حجمها الطبيعي، وهذا لن يتم بعمل دولة ولكن بمواجهة من قبل المجتمع الدولى وبدءاً بدول الإقليم، وبالتالى فهى مسألة لا يمكن السكوت عليها، فيجب أن يكون هناك رد فعل وموقف جماعى إقليمى دولى يتصدى لمثل هذه الافكار المريضة.
أكد أن تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى، جاءت فى الصميم وتنبيه دول وشعوب العالم إلى أن مثل هذه الممارسات لا يجب أن تمر دون عقاب وأنه يجب أن يتصدى المجتمع الدولى ودول الإقليم لمثل هذه الممارسات والأفكار المريضة، فمصر تعمل جاهدة فى أطر مختلفة ومتنوعة فى المنظمات التى نحن أعضاء فيها فى تعاملنا مع المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة.. نحن ننبه لمثل هذه الممارسات التى لن تفضى سوى لمزيد من التوتر و«سكب الزيت على النار»، فلا أحد يقبل مثل هذه الأفكار المريضة وهذه التوجهات العدوانية الاستيطانية الاستعمارية.
شدد على أنه لا يجب أن يسمح لأى دولة مهما كان حجمها سواء كبيرة أو صغيرة أن تستمر مثل هذه الممارسات وأن تكون هناك دول تشجع على هذا وتدعمه، فنحن دورنا على مستوى إقليمنا سواء على المستوى العربى أو التعاون الإسلامى أو القارة الأفريقية فى إطار علاقاتنا بالمؤسسات الأخرى كالاتحاد الأوروبي، فنحن لا نريد تكرار أخطاء الماضى ويجب أن نتعلم من أخطاء الماضى حيث شاهدنا أهوالا فى حربين عالميتين فى بداية القرن الماضى ولا نريد أن نشاهد مثل هذه الممارسات تتكرر مرة أخري.. فهذه النزاعات الفاشية والعنصرية التى تهدف إلى السيطرة والاستحواذ والطمع فى ثروات الآخر.
أشار إلى أن مصر تمضى فى طريقها من خلال هذه المحافل، حيث ننبه بصفة مستمرة إلى أن يجب أن نعمل جميعاً فى ظل منظومة جماعية واحدة من أجل تأمين احترام القانون الدولى والمواثيق الدولية خاصة الأمم المتحدة ونعزز هذه الشبكة التى نحن أعضاء فيها والتى توفر لنا الأمان الذى ننشده فيجب أن يكون هناك أمن وسلم واستقرار فى ربوع دولنا وأيضاً على المستوى الإقليمى والدولي، وبالتالى فنحن نسعى فى هذا الاتجاه فى كل محفل واتجاه ننادى بهذا وسوف نستمر عليه، ونأمل مزيداً من الدول أن تنضم إلى هذا المسعى فى تأكيد على قيم السلام والتنمية.. فمصر هدفها إيقاف الحرائق والأزمات والتشجيع على التسوية السلمية للمشكلات المثارة داخل الدول أو بين الدول وبعضها الآخر.