خطاب المنصة كشف حقيقة الجماعة ولغتهم التكفيرية وكراهيتهم للمصريين
الملاحقة الأمنية نجحت فى كسر شوكتها ونحتاج للمواجهة الفكرية والتوعية المدرسية

مثل كل أكاذيب الجماعة الإرهابية، يحاولون كل عام إعادة التذكير باعتصام رابعة المسلح كجزء من المظلومية الخادعة.
لكننا سنظل نكشف حقيقة هذه الأكاذيب الإخوانية ونؤكد على إجرامها وخيانتها للوطن.
سنواصل الاستماع إلى شهادات كل من اكتوى بنار الجماعة وخرج منها ليعود إلى الحياة.
فى هذا الحوار يقدم الباحث فى شئون الإسلام السياسى طارق أبوالسعد شهادته على اعتصام رابعة المسلح، وكيف كان بؤرة إرهاب إخوانية، طارق الذى خرج من الجماعة بعد 30 عاما يوضح بالأدلة كيف كانوا يفكرون، ومخططاتهم ضد الدولة وتحركاتهم لإحداث انقسام فى المجتمع ويحذر من أن هذا مازال نهج الجماعة الإرهابية فى كل زمان ومكان.
> كيف تصف اعتصام رابعة المسلح؟
>> الغرض الأساسى للإخوان من اعتصام رابعة أن يكون اعتصامًا مسلحًا يتم فيه اختطاف المعزول محمد مرسى ويصعد على المنصة، وهذا المخطط الرئيسى والأساسى الذى كانوا يراهن عليه الإخوان أول أسبوعين فى «مخيم رابعة» كما أود تسميته لأن الاعتصام كلمة شريفة لا يستحقونها الإخوان، والمخطط يمثل خيانة واضحة للوطن خاصة أنه كان «ملغماً» بالأسلحة لاستخدامها فى العنف، والأكثر كارثية فى الفكر الإخوانى أنهم كانوا يريدون تقسيم مصر بأن يجعلوا الشعب الذى يضرب به المثل فى التاريخ فى الوحدة بمثابة أحزاب تتقاسم الحكم، وهناك أوهام خارجية كانت تزين للجماعة تلك الفكرة، وأنهم سيقومون بالضغط على الدولة المصرية للاعتراف بالوجود الإخواني، ووصل بهم التفكير والتخطيط لدرجة أنهم كانوا يريدون اقتحام الحرس الجمهوري، لظنهم أن محمد مرسى محتجز داخله، وكانت هناك محاولة أخرى لاقتحام النصب التذكارى فى طريق النصر بهدف توسيع دائرة الاعتصام والضغط على الدولة لأن النصب التذكارى به قبر الرئيس الشهيد أنور السادات، فقد خططوا لأبعد مما يذهب إليه خيال العقلاء رغبة فى انتزاع مرسى والصعود به إلى المنصة ثم استجداء الحماية من الداعمين لهم خارجيا لتبدأ مرحلة تقسيم الدولة، لكنهم فوجئوا بقوة الدولة وحضورها وأجهزتها التى أجهضت أحلامهم الوهمية، وقد شـــهد «مخيــم رابعــة» الذى اســتمر 60 يومًا محاولات للتفاوض، والشهود على ذلك كثر من السياسيين والتيارات الدينية التى كانت موجودة فى ذلك الوقت، حيث كانت الدولة وأجهزتها تطالبهم بالخروج سلميًا وفض المخيم، ولكنهم كانوا لا يبدون رأيا بما يؤكد أن القرار ليس بيد الإخوان وإنما فى يد جهات أخرى كانت تخطط وتأمرهم بالتنفيذ، ولكن فى الفترة الأخيرة من مخيم رابعة المسلح تغيرت بوصلة الأفكار لدى الإخوان ومن يخططون لهم، فقد يئسوا من إمكانية إعادة مرسى أو المطالبة بشرعيته، وانتقلوا إلى ضرورة شحن الشباب والبسطاء بأعلى درجة حتى يكونوا بمثابة دروع بشرية ملتهبة لتحقيق أكبر قدر من الخسائر بحيث يتم العمل على منظومة «المظلومية»، وهذه المظلومية يمكن البناء عليها فى الدعم المستمر باللجوء الجسدى أو المادى بما يساعدهم على الاستمرار على أمل العودة مرة أخري.
> هل كانت هناك نية لدى الجماعة للوصول إلى تسوية سياسية، أم أن التصعيد كان هدفًا مقصودًا؟
>> لم تكن لدى الجماعة أى نية للتسوية السياسية على الإطلاق، ليس لأنهم لا يفهمون سياسة ولكن لأنهم لا يملكون القرار، فالذى أمرهم بالتجمع فى رابعة هو الذى يملك التسوية السياسية أو عدم التسوية السياسية، وأنا مازلت مصمماً على أن الإخوان كانوا لا يملكون القرار، وإنما كان القرار بيد الأجهزة الخارجية التى أنفقت عليهم، فإنفاق رابعة كان يفوق ميزانية دول، وبالتالى لم يكونوا يستطيعون أخذ قرار التسوية، حيث لم يكن كما نتخيل بأن المرشد يجتمع مع لجنة رابعة ويتفاوض ويأمر، ولكن هناك جهة ما كانت تصدر التعليمات وهم ينفذون، وكان الهدف الأساسى التصعيد وإما الوصول للهدف فى الانقسام الشعبي، أو احداث خسائر بشرية تفيدهم فى دعاوى المظلومية .
> وكيف استغلت الجماعة الاعتصام فى الخطاب الإعلامى الداخلى والخارجي؟
>> الجماعة استغلت المخيم أو التجمع الإرهابى المُسَلَّح برابعة،فأنا لست من هواة الألفاظ القاسية ولكن الوصف الصحيح حتى لا يغيب عن الناس حقيقتهم بمجموعة من الأكاذيب الكثيرة، ففى الخارج، زعموا أنه اعتصام سلمي، وأن سلميتهم أقوى من الرصاص، كما ادعى بديع على منصة رابعة، وقتما كان العنف حقيقياً ويتفقون عليه، وبالتالى كانوا يكذبون على الناس وأنهم أبرياء، لكنهم فى حقيقة الأمر جناة بل مجرمون، وكانوا يستخدمون الصورة وفن الصورة، والمظاهرات والتمثيل فيها لأخذ اللقطة والأكاذيب التى كانت تروجها وسائلهم الإعلامية المأجورة، وخير مثال مظاهرات مسجد الفتح وكانوا وقتها يتحدثون عن مستشفى ميداني فى مسجد الفتح، وعندما حاصرت الدولة المسجد لم نجد مستشفى ميدانى كما كانوا يروجون، وأما قنابل الغاز التى كانوا يدعون أن الدولة تضرب بها المسجد، كانت فى حقيقتها طفاية حريق، فكانت أكاذيبهم كبيرة جدًا، ولم تروج على المنصة فقط وإنما كانت قنوات إخبارية أخرى تروج هذه الأكاذيب بل وتساهم فيها، وهذا أكبر من إمكانيات الجماعة، حيث إننى أعلم جيدًا إمكانياتهم فقد كنت منتميًا إليهم 30 سنة، وخرجت منهم بعد 25 يناير 2011، فهذه الأخبار فوق قدراتهم وإنما قدرات مؤسسات أخرى هى التى خططت لتصوير فيديوهات صورت فيها جثث وشهداء تتحرك وأقامت دعاية وبثت لمنصات وقنوات إقليمية ودولية لدرجة أن المتعاطفين معهم نسوا الحقائق وأكبر أكذوبة وفاة ابنة محمد البلتاجي،هى بالفعل ماتت، لكن ماتت بأوامر من الجهة التى كانت تدير، لتصوير المشهد كما تم بثه على أنها طفلة صغيرة استشهدت، رغم أنه كان من الممكن أن تخرج مع الآمنين أو يتم إنقاذها، والخطاب الداخلى تم إخراجه تليفزيونيا وكأنهم يجاهدون فى سبيل تحرير وطن، وأن الإسلام سيتم تدميره إذا ما لم يقفوا هذه الوقفة، وكانوا يقولون هذا للدعاية لأن معظم المتواجدين فى رابعة وقت الفض ليسوا من التنظيم الإخوانى وإنما كانوا من المتأثرين بالدعاية الإخوانية .
> كيف قرأت تحركات الجماعة الإرهابية يوم الفض؟
>> كان تحركاً غريباً بالنسبة لي، لأنهم صمموا على الانتقال بالعنف ليس فى نفس المكان ولكن قاموا بنشره داخل محافظات مصر، حيث إن فض رابعة كان صباح يوم 14 أغسطس عام 2013، فى الوقت نفسه تمت مهاجمة جميع محافظات مصر، وتم قطع الطرق، وهذا يدل على أن الهجمات كان مخططًا لها كنوع من رد الفعل بنقل العنف خارج مربع رابعة، وأن تكون موجة من العنف الداخلى تنتشر بربوع مصر كلها، بإشعال نار الفتنة، فقد هددوا بذلك، وقاموا بتنفيذه مدة شهرين، لكن الدولة بجميع أجهزتها كانت قادرة على إطفاء نيران الفتنة والحرب التى أشعلوها، وبدأت الأمور أكثر وضوحًا وكشفوا عن وجودهم بشكل كبير وتجلى ذلك منذ عام 2013 حتى عام 2017.
> هل كان لدى قيادات الإخوان خطة واضحة للتعامل مع السيناريوهات المحتملة؟
>> مازالت مصممًا أنهم كانوا يمتلكون رؤية واحدة متفقين عليها جميعًا وهى موجة العنف الشديدة «قتلي، مصابين، دماء، إلخ « والدعم الخارجى والضغوط الخارجية التى مُورست على الدولة المصرية من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية أو حتى من بريطانيا، هذه الضغوط كانت الرهان أن الذى صنع مربع رابعة والطريق إلى رابعة كان يراهن أن ذلك سيجعل الدولة المصرية تخضع، ولا يوجد سيناريو بديل للاستمرار فى العنف، حتى تفهم عدد كبير من الإخوان وكان لهم قناعة بأن العنف لن يجدى بشيء ولن تتراجع الدولة قيد أنملة والتجربة خير دليل، حتى وإن استمرت.
> ما تقييمك للخطاب الإعلامى للجماعة بعد الفض مباشرة؟
>> الخطاب الإعلامى على منصة رابعة وبعد الفض مباشرة خطاب حقيقى يعكس قناعة كل إخوانى تجاه الدولة المصرية وتجاه الشعب المصري، هذه هى الحقيقة، وهو «التكفير، والعنف، والاستعلاء على الشعب، والإصرار على أنهم حملة رسالة الدين ولا أحد غيرهم، والاستهانة بالدماء والتحريض على الدماء» هذه الخطابات لم تكن مجرد خطابات وافدة أو بوصلة خاطئة، أو انحراف أو رد فعل، فهذا هو الوجه الحقيقي للإخوان، فتجمع رابعة كشف عن مكنون نفوس الإخوان، وهناك أكثر من مرحلة، ما بعد رابعة حتى عام 2016 وكانت استمراراً لخطاب رابعة، وعقب ذلك مرحلة الرجوع للاستكانة والمظلومية، «نحن شهداء وماذا تريد الدولة من الإخوان» ومرحلة 2020 وحتى الآن مرحلة المهادنة مع الدولة ليست باسم الإخوان ولكن لأنهم فشلوا، والمشاكل التى يعانى منها المجتمع المصرى والدفع لإثارة المشاكل، والخطاب الحقيقى لمن لا يعلم الإخوان هو الخطاب على منصة رابعة وما بعد رابعة لمدة عامين.
> ما أثر الفض على تماسك الجماعة داخليًا؟وهل كان سببًا رئيسيًا فى الانقسامات اللاحقة؟
>> ليس الفض فى حد ذاته، ولكن سياسة الجماعة ما بعد الفض باستمرار استخدام العنف هو الذى تسبب فيما بعد فى الانشقاقات أو الخلافات بين عناصر الجماعة، والخلاف الأول بين محمد كمال، ومحمود عزت، والذى كان يرى أنه يسير وفق قرارات الجماعة فى غرفة عمليات رابعة بأن يكون الجهاد بإشعال النيران فى البلاد، فهذه هى قناعتهم، ولكن الخسائر الكبيرة جعلتهم يتراجعون، وكان هناك خلاف بين محمود عزت ومحمود حسين ليقينهما أن التنظيم يتعرض للانهيار، وهذا الخلاف الثلاثى جعل الجماعة تنشق لجماعتين، واحدة مع محمد كمال وأخرى مع محمود عزت، وعقب ذلك تداعت على الجماعة أساليب أخرى للحوار مما أحدث انشقاقاً داخل جبهتهم، فكان الفض ليس تأثيره سلبيًا على الانشقاق بل تأثيره على قدرات الجماعة لأن الدولة واجهت هذا التنظيم بقوة وحسم، ورسالة واضحة مضمونها أن من يحمل السلاح فى وجه الدولة لا يلومن إلا نفسه، وبالتالى كانت سياسة الفض وما بعده «لا أحد يمتلك السلاح إلا الدولة ومن يخرج عن هذه السياسة لا يلومن إلا نفسه، وهذا ما أدى لإضعاف التنظيم.
والواقع يقول أن الاعتصام كان خسارة كبيرة للجماعة فلم تكسب التعاطف كثيرًا ولكنها أوقف الهدر الذى حدث، لأن 30 يونيو أحدثت صدمة لدى التنظيم العالمى للإخوان، وتساقط مثل تساقط قطع الدومنيو، ورواية المظلومية لم تحدث تعاطفاً ولكنها أوقفت انفضاض الشعب عنهم، ولولا رواية المظلومية لتلاشت الجماعة.
> ما أثر أحداث رابعة على قدرة الجماعة على العمل السياسى فى الداخل والخارج؟
>> أثبت الجماعة داخل مخيم رابعة أنها لا تفهم فى السياسة ولا الدين ولا أى مسار من المسارات التى زعمت أن الجماعة لهم فيها باع و خبرات وكشفت أيضًا عن عملياتهم الواضحة والأكيدة لأجهزة ودول أخري، وإعلاميًا لجهات غير وطنية، وبالتالى قدراتهم وإمكاناتهم السياسية أثبتت أنهم لا يعرفون عنها شيئاً، فلا يوجد حزب يفهم فى السياسة يصل لدرجة تصادمية صفر، فهم لا يملكون فن المراوغة السياسية فهذا ليس دورهم الأساسى لأنهم عملاء مأجورون ورابعة كشفت حقيقتهم العارية والشعب فطن إلى ذلك، حتى أن المتعاطفين انفضوا من حولهم.
> ما الدروس التى يجب أن نستفيد منها فى التعامل مع كيانات مؤدلجة مثل الإخوان؟
>> الكيانات المؤدلجة مثل الإخوان وكل تنظميات الإسلام السياسي لابد من مواجهتها المتطرف وهنا ثلاثة دروس يجب الاستفادة منها بأن من يخرج عن إطار الدولة لابد أن يواجه أمنيًا وقضائيًا، هذا هو الدرس الأول، وإدراجه مع القضاء الذى يفصل فى الحكم، هذا هو الدرس الثاني، فالملاحقة الأمنية كسرت شوكة الإخوان أما الدرس الثالث، فهو المواجهة الفكرية، وهذا الدرس يجب مواجهته فالمؤدلجون هم أصحاب أفكار يقنعون الأطراف بالكذب أنهم على صواب فيستمروا فى توالد الحقد والكراهية فلا بد من مواجهتهم بداية من التيار السلفى حتى داعش والقاعدة وما يستجد من جماعات جديدة، فهم على باطل ولا بد من كشف أفكارهم الباطلة بالمواجهة والتصدى لها وتصحيح تلك المفاهيم الخاطئة ويتم ذلك بالرد بالحجة من قبل علمائنا والتوعية المدرسية بتعريف الطلاب أساليب التجنيد الذى لم يعد بالطريقة التقليدية بل أصبح عن طريق الانترنت، فمثلاً من يشير على الفيس «افتحوا المعبر» أصبح فى دائرة الإخوان وتم تجنيده بجهده وعقله، لذا لابد من شن حملة مستمرة كمشروع قومى لمواجهة أفكار التيار الإسلامى السياسى الإرهابى المتطرف.
الجماعة والتنظيم المتطرف
> كيف يمكن مواجهة رواية الجماعة عن رابعة على المستوى الفكرى والإعلامي؟
>> يكفى أننا نذيع فيديوهاتهم التى تحدثوا فيها على منصة رابعة ونقوم بتحليلها ومنها على سبيل المثال «شهداؤنا فى الجنة وقتلاكم فى النار»، هذه قناعاتهم بالحكم على الخلاف السياسى على أنه خلاف ديني، ومن خطاب رابعة نستطيع أن نحلل الكثير والكثير، فالإخوان تكرر الأكذوبة ملايين المرات ونحن نقول الحقيقة مرة واحدة وكذلك الذين شهدوا أحداث رابعة أمثال «الأخوين عمرو عبد الحافظ وعماد عبد الحافظ» من سكان محافظة الفيوم خرجوا عن الجماعة وأعدوا مراجعات ضد الجماعة وهم شهود عيان على أحداث رابعة فيجب تسليط الضوء على شهادة شهود العيان باستضافتهم فى كل القنوات الإعلامية وتحليل دلالات ذلك اجتماعيا وتأثيرها على السلم الاجتماعي، بحيث تظل فى ضمير الشباب بأن الإخوان خطر على الأمن الوطنى وعلى الأمن القومى وعلى الدين وعلى الانتماء والدولة والأفراد.
> أخيرًا ما الرسالة التى توجهها للشباب الذين تأثروا بخطاب الجماعة الإرهابية حول أحداث رابعة؟
>> من إخوانى سابق إلى أى مواطن مصرى وعربى تأثر بدعاية الإخوان، الذى قدمها الإخوان على إنها دواء انصحكم الدواء فيه سمُ قاتل، تقتل الانتماء، تقتل الدين وتقتل الأفراد، لا تستمع للجماعة ولا لقادتها ولا لخطابها ولا كُتابها وكذلك لا لمروجيها على «السوشيال ميديا».