لا يكاد يخلو لقاء للرئيس عبدالفتاح السيسى دون الحديث عن دور الإعلام بشتى أنواعه فى حماية الوطن والدفاع عنه من خلال تنمية الوعى لدى المواطنين والتصدى للهجمات المغرضة والممنهجة ضد الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية لا سيما فى العقدين الأخيرين باعتبار الإعلام يمثل أحد أهم وأخطر أسلحة حروب الجيلين الرابع والخامس لضرب الدول وزعزعة استقرارها ومحاولة بث روح الفرقة بين الشعوب وقياداتها ومؤسساتها الوطنية.
ورغم أهمية الإعلام كسلاح فعال لحماية البلاد والعباد من مخططات أهل الشر وأعوانهم الا أن ذلك لا يعنى غياب النقد البناء الذى يهدف إلى تصحيح الأخطاء والأخذ بيد المجيدين أو بمعنى أدق أن يشير إلى الإيجابيات تماما كما يكشف السلبيات دون إفراط أو تفريط وألا يقتصر على الصوت الواحد بحيث يقدم الرأى والرأى الآخر فى إطار القانون الذى يكفل الحرية ويحمى حقوق الجميع وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى خلال اجتماعه المهم مؤخرا مع رئيس الوزراء ورؤساء الهيئات الإعلامية.
كذلك الحال يجب القضاء على ظاهرة الاحتكار التى باتت منتشرة بشكل خطير بل ومخيف فى الوسط الاعلامى والصحفى فهناك من يعمل رئيس تحرير ومذيعاً فى الراديو ومقدم برنامج فى التلفزيون وربما يكون عضوا فى البرلمان الأمر الذى يفقد المصداقية فى كثير من هؤلاء وما يقدمونه من برامج أو موضوعات، ولن أبالغ إذا قلت أن ذلك يجعلهم مثار احتقار الكثيرين أيضًا!!!.
لكل ذلك وغيره الكثير والكثير من الأمور أتمنى أن يعى المسئولون عن هذا الملف المهم والخطير كما ذكرت فى البداية ما جاء من تصريحات ورسائل بعث بها الرئيس السيسى خلال اجتماعه الأخير وفى القلب منها التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية التعبير، واحتضان كافة الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية، بما يعزز من التعددية والانفتاح الفكري.
علاوة على وضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصري، وذلك بالاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة، بما يضمن مواكبة الإعلام الوطنى للتغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم، ويُمكنه من أداء رسالته بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة .
الأمر الآخر المهم الذى وجه به الرئيس ونتمنى أن تلتزم به الحكومة والجهات المعنية هو إتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، خاصة فى أوقات الأزمات التى تحظى باهتمام الرأى العام، حتى يتم تناول الموضوعات بعيداً عن المغالاة فى الطرح أو النقص فى العرض، مع أهمية الاعتماد على الكوادر الشابة المؤهلة للعمل الإعلامي، وتنظيم برامج تثقيفية وتدريبية للعاملين فى هذا المجال، مع التركيز على مفاهيم الأمن القومي، والانفتاح على مختلف الآراء، بما يرسخ مبدأ »الرأى والرأى الآخر« داخل المنظومة الإعلامية المصرية لتكون بحق صوت مصر القوى لمواجهة أكاذيب وآلاعيب أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج.
ختاما نؤكد أن التجديد والتطوير أصبح ضرورة وطنية، وليست رفاهية، فالإعلام ليس مجرد وسيلة نقل أخبار، بل أداة تشكيل وعي، وبناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع، وهذه المهمة تحتاج لإعلاميين يمتلكون المصداقية فى الطرح والبعد عن المبالغة أو الانحياز المفرط ،إلى جانب الوعى السياسى والثقافى الذى يمكّنهم من قراءة المشهد وتقديمه للجمهور بعمق، الحضور القوى واللباقة فى إدارة الحوار وتبسيط القضايا المعقدة، علاوة على التواصل مع الأجيال الجديدة عبر خطاب عصرى وأدوات إعلامية حديثة.