بكت من هول الصدمة وهم ينظرون ويظنون بها الظنون.. أقسمت بربها أنها بريئة وهم صامتون لا يتكلمون.
طلبت العون فى شدتها، لكنهم لا يردون ولا يجيبون فنطق لسانها بما قال يعقوب عليه السلام «فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون» يوسف 18.
دعا النبى – صلى الله عليه وسلم – عليا بن أبى طالب وأسامة بن زيد وطلب منهما المشورة فى أمر حديث الإفك.
شهد أسامة لعائشة – رضى الله عنها – بالتقوى والصلاح.
وقال علي: يارسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير.
وطلب منه أن يسأل عنها الجارية بريرة التى تلازمها فأقسمت بمن بعثه نبياً ورسولاً أنها لمن الصالحين الطيبين.
جلست عائشة – رضى الله عنها – مع أبويها تبكى حالها، ودخلت عليهم امرأة من الأنصار وجلست بجوارها تبكي، فدخل عليهم النبى – صلى الله عليه وسلم – وجلس بجوار عائشة ولم يفعل ذلك طوال هذه المدة، كما انقطع عنه الوحي.
قال عليه الصلاة والسلام: «ياعائشة إنى بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت قد ألممت بذنب، فاستغفرى الله وتوبى إليه».
لم ترد عائشة – رضى الله عنها – بل نهضت من مكانها وتوجهت إلى أبيها بعد أن جفت آخر قطرة من دموعها وقالت: أجب عنى رسول الله فيما قال يا أبى – قال الصديق – رضى الله عنه: والله ما أدرى ما أقول لرسول الله.
وفى بعض الروايات قال: لم نفعل ذلك فى الجاهلية يا ابنتى فهل نفعله فى الإسلام؟
تركت أباها وتوجهت إلى أمها وقالت لها: أجيبى رسول الله ياأماه.. قالت أم رومان: والله ما أدرى ما أقول لرسول الله.
قالت عائشة – رضى الله عنها – إنى والله قد علمت ما سمعتم، حتى استقر فى أنفسكم، وصدقتم فلئن قلت لكم إنى بريئة لا تصدقون، ولئن اعترفت لكم بأمر يعلم الله اننى منه بريئة لتصدقون.. والله لا أجد لى ولكم إلا قول أبى يوسف «يعقوب عليه السلام» حين قال: «فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون» يوسف 18.
فى هذه اللحظات الحاسمة تصبب العرق من جبين النبى – صلى الله عليه وسلم – ونزل الوحى بآيات بينات من سورة النور.
ابتسم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال: ياعائشة إن الله قد برَّأك.
قالت أمها: قومى إلى رسول الله واشكريه.
قالت عائشة – رضى الله عنها:
لا والله لا أقوم إليه، فإنى لا أحمد إلا الله – عز وجل – الذى برَّأنى من فوق سبع سماوات.