وداع وسائل الاعلام للفنان الكبير لطفي لبيب اختلف كثيراً عن وداع غيره من الفنانين فهو لم يتعامل أبداً مع الجمهور كفنان له مساحة من الخصوصية لا يسمح لأحد بتجاوزها بل كانت تفاصيل حياته واعماله عند الجمهور المستمع لحواراته التليفزيونية وكلنا نعلم انه ترك الدراسة بجامعة الاسكندرية وجاء للقاهرة من أجل حبه للتمثيل ولذلك اتجه للدراسة في معهد الفنون المسرحية وذكر ذلك أكثر من مرة كما انه واحد من أبطال حرب أكتوبر 1973 وعبر القناة مع الكتيبة 26 وحكي بالتفصيل يوميات ذلك الانتصار العظيم في كتاب تمني أن يتحول لفيلم عن نصر أكتوبر.
كان لطفي لبيب نموذجاً للمواطن المصري الطيب البسيط الذي يحب التواصل مع الناس مثل الذي تجلس إلي جواره في المواصلات العامة فيحكي لك ملخطاً لقصة حياته لأنه متصالح مع نفسه وفي حالة رضا عن مشوار حياته الطويل الذي يشاهده كل يوم يمر أمامه مثل شريط السينما وكان يعشق عمله وعندما مر بأزمته الصحية قبل 8 سنوات وافقدته بعض الحركة كان يذهب إلي الاستديو علي كرسي متحرك يستمتع بمشاهدة الفنانين والفنيين وهم يعملون لأنه يفتقد مناخ العمل أكثر من العمل ذاته.
يتذكر الجمهور دوره في فيلم »السفارة في العمارة« ولا ينساه وهو من أصعب الأدوار ويذكر ليبب في أكثر من حوار ان الفنان الكبير عادل أمام هو الذي اتصل به تليفونياً ليرشحه للقيام بهذا الدور ورغم أهمية الأداء التمثيلي للأدوار علي الشاشة إلا انه يعتبر الممثل المبدع الثاني للعمل لأن المبدع الأول هو المؤلف ثم المخرج وبعد ذلك يأتي دور الممثل الذي تأتي أهميته الكبيرة في ان الجمهور ينسب نجاح أو فشل العمل إليه وهنا تكمن صعوبة مهنة التمثيل.
تربي لطفي لبيب علي خشبة المسرح القومي وقام بأداء أهم أدواره في مرحلة الشباب لذلك فإن للمسرح مكانة كبيرة في عقله وقلبه ويصفه بالشاحن الذي يقوم بشحن الطاقة الفنية للممثل ليتمكن من الاستمرار في العمل وقد ساهم المسرح في ثقافة الفنان وتنمية الوعي بالتاريخ والسياسة والمجتمع لذلك يقدر لطفي لبيب تاريخ عمالقة الفن مثل نجيب الريحاني الذي يتمتع بمكانة خاصة عنده لأنه علي حد تعبيره »يمزج بين الضحك والمرارة« والمشاهد يضحك وفي نفس الوقت يأسي لحال الشخصية التي يقدمها الريحاني.
المواطن لطفي لبيب لا ينسي مصر ابداً وهو يقول في صلاته »اكرمني يارب واحفظ بيتي وأولادي« ثم يدعو لمصر بان يحفظها الله لأنها البيت الكبير علي حد تعبيره من أجل كل ذلك كان وداع لطفي لبيب مختلفاً لققد فقدنا فناناً يعشق هذا الوطن وأبناءه الطيبين.