يصعب فى العصر الحديث أن تتداول الاوساط الاعلامية مفردة «احتلال» ذلك لأنها مفردة باتت من العصور البائدة ذات الدلالة الخبيثة سيئة السمعة فهى تعنى استمرار قانون الغاب الذى تحكمه القوة الغاشمة وليس القانون والمباديء الانسانية التى تدعيه الدول المتحضرة(!) وبهدف التلاعب بالمفردات للتأثير وربما الاستهزاء بعقول ومشاعر الرأى العام العالمى وأيضا التملص من الالتزامات القانونية لدولة الاحتلال تجاه الشعب المحتل فقد اعلن العدو الصهيونى بدء عمليات «السيطرة» وإجرائيا هى عمليات «احتلال» لغزة، ومع استعراض تاريخ مختصر لاحتلال العدو الصهيونى للأراضى العربية: نجد أنه فى 14 مارس 1978 قام الصهاينة بغزو جنوب لبنان حتى نهر الليطانى بهدف خلق منطقة عازلة بعرض 10 كيلومترات داخل الأراضى اللبنانية وبطول حدودها.
لكن ما حدث ان العدو الصهيونى زاد من مساحات الاحتلال فى لبنان والتعدى على مزيد من أراضيها إلى أن تموضع اللواء الثالث المعروف باسم «ألكسندروني» على التلال الخمسة فى منطقة رأس الناقورة، بعد عمليات «البيجر» ثم قنص واستهداف قيادات «حزب الله» وحتى اغتيال «حسن نصر الله».
لم يختلف الوضع فى الجارة «سوريا» فبعد احتلال العدو الصهيونى لـ «هضبة الجولان» كنتيجة لعدوان يونيه 1967 ورغم اتفاق فك الاشتباك بين إسرائيل وسوريا فى 31 مايو 1974، الذى نص على استمرار وقف إطلاق النار القائم وفصل الأطراف المتحاربة بواسطة قوات حفظ السلام التابعة، بل انه تم الغزو الإسرائيلى لسوريا فى عملية عسكرية جوية وبرية شنَّتها يوم الأحد 8 ديسمبر 2024 بعد ساعات من سقوط بشار الأسد فى سوريا، حيث توغَّلت إسرائيل داخل المنطقة العازلة والقنيطرة وجبل الشيخ، بذريعة إنشاء منطقة عازلة بين الأراضى السورية وهضبة الجولان.
أما قضية القضايا فكانت فلسطين التى تم احتلال أراضيها عقب وعد بلوفر 1917 ورغم صدور قرار 181 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى 1947 المعروف باسم «قرار التقسيم» ونص على تقسيم فلسطين لدولتين: يهودية وعربية، مع اعتبار القدس منطقة دولية، ولم يتم تنفيذ هذا القرار بالكامل، حيث لم تقم الدولة العربية، بينما تم اعلان انشاء دولة صهيونية فى مايو 1948 على أجزاء من الاراضى الفلسطينية، بل واحتلت الصهاينة «القدس» واعلنوها عاصمة لهم واعترفت امريكا بذلك فى عهد دونالد ترامب فى 6ديسمبر 2017 ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
وللمرة الاولى تقام صلاة تلمودية من أربعة آلاف يهودى يتقدمهم وزير الأمن «بن غفير» منذ آلاف السنين يدخل اليهود باحة المسجد الابراهيمى ويعلنون ضمه للمجلس الدينى بمستوطنة كريات أربع بعد ان كانت تحت الادارة العربية لبلدية الخليل المسماة باسم المسجد، وهى المرة الأولى التى تجرى فيها تغييرات كبيرة فى الحرم الإبراهيمى منذ عام 1994 فى خطوة تاريخية غير مسبوقة لتغيير الوضع القائم، منذ قرارات ما تسمى «لجنة شمغار» عام 1994 ذلك الوقت أوصت اللجنة بتقسيم الحرم الإبراهيمى بواقع 63٪ لليهود و37٪ للمسلمين، فى أعقاب المجزرة التى رتكبها المستوطن «باروخغولدشتاين»، وأسفرت عن استشهاد 29 فلسطينيا كانوا يؤدون صلاة الفجر فى الحرم الإبراهيمي.
ونعود لحتلال الصهاينة لفلسطين قديما وحاليا ورغم قبول الدول العربية بالقرار 338 فى 22 اكتوبر 1973 بوقف العمليات العسكرية الا ان العدو الصهيونى لم يلتزم بقرار 424 بالانسحاب الكامل من الاراضى التى احتلها فى يونيه 67 بل ان العدو الصهيونى زاد من الاراضى العربية التى احتلها حتى الآن! فقد اعلن الكابينت «السيطرة» وليس الاحتلال» على قطاع غزة وذلك للتملص من واجبات دولة الاحتلال تجاه الشسعب المحتل طبقا للمواثيق والأعراف الدولية ولتكن السيطرة فقط بهدف الضغط على الفلسطينيين فى اتجاه سيناء وهذا هو الهدف من السيطرة كما يعلنون أو الاحتلال بواقعه الحقيقى لمزيد من الاراضى العربية(!).