أرجو أن يتسع صدر السادة المسئولين – كل المسئولين – لتقبل هذا الرأى ، الذى أعتبره رأياً عاما وليس رأيا آخر ، ورأيى يكمن فى سؤال بسيط جدا ، لماذا لا تعتبرون الإعلام جزءاً أصيلاً فى معادلة اتخاذ القرار وصناعته؟ لماذا يتم تغييب عنصر الإعلام عن كل القرارات فى مراحل صناعتها المختلفة وحتى لحظة إصدارها؟ حيث يكون المسئول حريص على السرية المطلقة لمشروعات قراراته وخاصة عن أعين الإعلام والصحافة.
> > >
وبعد صدور تلك القرارات يتلقفها المتربصون بالتشويه والتشكيك والطعن فى عرض الدولة ومسئوليتها ، هنا يتذكر المسئول دور الإعلام فى الدفاع عن قرارات لم يعرف عنها أكثر من معرفة الإخوان المقيمين فى أوروبا ، فيبدأ المسئول فى إصدار بيانات توضيحية لقراراته يغلب عليها الطابع الإنشائى الخالى من المضمون والذى يفتقر إلى المعلومة الدقيقة، وينطلق المتحدث الرسمى «المسكين» بالحديث المقتضب المرتعش المتردد أمام وسائل الإعلام.
> > >
الحديث يغلب عليه الطابع الدفاعى والتبريرى والتوضيحى وكأنه تأدية واجب، وهنا تتعرض سردية الحكومة لهزيمة ساحقة ماحقة قبل أن يتم عرضها ، للأسباب الاتية:
1 – عدم المبادرة بطرح الأفكار الخاصة بالقرار وأهميته والدافع لإصداره قبل إصداره
2 – التأخر الشديد فى الرد والتوضيح فور إصدار القرارات لمدة لا تقل ٤٢ ساعة فى معظم القرارات ذات الأبعاد الجماهيرية مثل قضية استيراد الغاز على سبيل المثال.
> > >
3 – غياب المهارات الفنية فى القائم بعملية الرد والتوضيح ممثلا للجانب الرسمى ، حيث نجد ان معظمهم تم اختيارهم من مجالات وقطاعات ليس لها علاقة بالإعلام ، ويكون أسس الاختيار مبنية على أسس عديدة ليس من بينها موهبة الاتصال السياسى والإعلامي.
4 – ضعف الإيمان بفكرة العمل الجماعى والمسئولية التضامنية وشيوع النزعات الفردية داخل مؤسسات الدولة.
> > >
5 – عدم الرغبة فى الظهور الإعلامى والإدلاء بتصريحات خوفا من لفت الانتباه أو الخطأ أو النفسنة كما يظن البعض وإيمانا بالفكرة المسمومة « الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح ».
6 – يؤمن الكثير من المسئولين ألا أحد يحاسب أحداً على صمته ولكن الحساب يكون على كلامه ومن ثم الصمت أفضل من الكلام ! .
7 – يظن البعض أن الظهور الإعلامى سيعرض المسئول لمواجهة جحافل الإخوان وسيتسلمونه بالنقد والتجريح وهو لن يقوى على تحمل ذلك النقد الجارح.
> > >
هذه الأسباب وغيرها تجعلنا نخسر المعركة قبل أن تبدأ وتضيع علينا فرصا مهمة لإحراز أهداف مستحقة فى مرمى الخصم ، واقول هنا بمنتهى الأمانة والتجرد أن دور الإعلام بات أهم وأخطر من أن ينظر إليه تلك النظرة الكلاسيكية الضيقة التى تضعه فى منطقة نائية عن جغرافية الفكرة الأساسية ، الرئيس طالب مرارا بإتاحة المعلومات الصحيحة للناس فى الوقت المناسب ، وطالب الجميع بقوله «كلموا الناس» وطالب الإعلام بالانتباه والتدقيق والتركيز فى كل ما يصدر للناس.