الرئيس السيسى أعلن ثوابت «القاهرة» لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال
لولا وقفة مصر لسقطت غزة والقضية كاملة
ما يحدث فى القطاع تطهير عرقى وإبادة جماعية بشهادة العالم
من يزايد على موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية وشعبها ..إما جاهل أو غبى، أو مكابر أو خائن أو صاحب أجندة معادية للأمة العربية والإسلامية، وللقضية الفلسطينية ذاتها.. تلك الكلمات انطلقت من قلب السياسى الفلسطينى الكبير الدكتور محمود الهباش قاضى قضاة فلسطين ومستشار الرئيس الفلسطينى للشئون الدينية.. حيث أكد فى حوار خاص لـ«الجمهورية» أنه منذ اللحظة الأولى، أعلنت مصر موقفها السياسى الواضح ضد العدوان على قطاع غزة وأكد قائدها الرئيس عبدالفتاح السيسى أن أولوية الموقف المصرى هو وقف العدوان والحل العادل والشامل على أساس الشرعية الدولية، كما تصدت مصر بقوة لمحاولات التهجير، وأفشلتها، مشددا على أن موقف مصر أكبر من كل المزايدات، وهو موقف ثابت منذ عام 1948 وحتى اليوم مصر خاضت كل حروبها مع إسرائيل من أجل فلسطين.. الهباش وصف ما يحدث فى غزة بأنه تطهير عرقى وإبادة جماعية بشهادة العالم وأن أحياء كاملة مسحت من على وجه الأرض.
كيف ترون ما يجرى فى غزة من جرائم إسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين؟
>> ما يجرى فى غزة هو حرب إبادة جماعية بكل ما تحمله الكلمة من معني، وجريمة حرب مكتملة الأركان، وهذا ليس رأينا وحدنا، بل العالم بأسره يشاهد ويشهد على ما يحدث، ويؤمن بأن ما يجرى فى غزة هو تطهير عرقى وإبادة جماعية، وأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب واضحة بحق الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، حيث تم تطهير مناطق ومدن كاملة، فمدينة بيت حانون دُمّرت بالكامل، وكذلك بيت لاهيا، ومدينة رفح دُمّرت تمامًا، وأحياء كاملة فى مدينة غزة مُسحت عن وجه الأرض، والقصف طال المدارس، والمستشفيات، والمساجد، والكنائس، والطرق، وحتى خيام النازحين، وآخرها خيمة الصحفيين قبل يومين، وكل هذا يقودنا إلى حقيقة واحدة: ما ترتكبه إسرائيل فى قطاع غزة هو حرب شاملة تُنفذ أمام سمع العالم وبصره، يضاف إلى ذلك سياسة التجويع، واستهداف الأطفال، وتدمير المستشفيات، ومنع إرسال الأدوية والمساعدات، وحتى منع إدخال المياه، وقد اعترف وزير الحرب الإسرائيلى علنًا على شاشات التلفزيون بأنهم منعوا دخول المواد الغذائية إلى قطاع غزة، وهذا وفق القانون الدولى يُعد جريمة حرب. لقد اعترف بجريمة حرب على الهواء مباشرة، فماذا يريد العالم أكثر من ذلك؟ جرائم تُبث على شاشات التلفزيون، وقصف منازل مدنية يُقتل فيها الأطفال، وحتى الآن، قُتل فى قطاع غزة أكثر من 18 ألف طفل، وحوالى 20 ألف امرأة، وأكثر من 60 ألف شهيد إجمالًا، إضافة إلى أكثر من 150 ألف جريح، ونسبة الدمار تفوق 80 ٪ من مجمل القطاع، وهذا لا يمكن وصفه إلا بأنه جريمة حرب مكتملة.
ما أبرز صور الانتهاكات التى رصدتموها خلال الأسابيع الأخيرة؟
>> كل ما ذكرته هو صور مصغرة لانتهاكات جسيمة تضمنت استهداف الأطفال، والمناطق المدنية، ومنع دخـول المواد الغذائية، ولكن الأمر لا يقتصر على قطاع غزة فقط، بل يمتد إلى الضفة الغربية، حيث انتهكت حرمة المقدسات، وهُجّرت أحياء كاملة، مثل مخيم طولكرم ومخيم نور شمس، وهُدمت عشرات بل مئات المباني، ويُمنع الناس من العودة إلى منازلهم حتى لأخذ بعض متعلقاتهم، ففى الضفة الغربية هناك ما يقارب ألف حاجز ونقطة تفتيش إسرائيلية تقطع أوصال المدن والمحافظات، وتفرض قيودًا مرعبة على تنقل المواطنين داخل فلسطين وخارجها، فإسرائيل تضع قيودًا على حرية نقل البضائع والتجارة، وتمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن العبادة؛ المسلم يُمنع من الوصول إلى المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي، والمسيحى يُمنع من الوصول إلى كنيسة القيامة وكنيسة المهد، وفى المقابل تُطلق إسرائيل العنان لقطعان المستوطنين الإرهابيين، وهم جماعات منظمة يرعاها جيش الاحتلال الإسرائيلى وتساندها وتحميها الحكومة الإسرائيلية، ويتحركون فى الضفة الغربية طولا وعرضًا، يقطعون أشجار الزيتون، يلوثون آبار المياه، يسرقون الأغنام، ويمنعون وصول المواشى إلى المراعى الفلسطينية، ويعتدون على البيوت، ويحرقونها، ويحرقون السيارات، ويقتلون الناس، وكل ذلك تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، حتى أن بعض هذه الجماعات الإرهابية اعتدت قبل أيام على سيارة دبلوماسية روسية، والاعتداء وقع أمام الجيش الإسرائيلى الذى لم يحرك ساكنًا سوى لحماية المستوطنين، وبكل تأكيد، ما يحدث هو جرائم حرب موثقة، مكتملة الأركان، لا تحتاج إلى تفسير أو تبرير.
كيف تؤثر هذه الجرائم على النسيج الاجتماعى الفلسطينى ومستقبل الأجيال القادمة؟
>> النسيج الاجتماعى الفلسطينى متماسك وقوى، والأزمات تزيده قوة وتماسكًا، والتشارك فى المعاناة يُولد حالة من الشعور بضرورة التوحد، وهذا ينعكس على مستوى الشارع والقاعدة الشعبية، كما ينعكس على مستوى النخبة أيضًا، ووحدة الألم تقود إلى وحدة العمل، وقد أفشلت محاولات التفتيت، ومن جهة أخرى مصر فتحت حدودها بشكل كامل لإدخال المساعدات، بعشرات آلاف الأطنان تبرعات من الشعب المصرى، ومن الدولة المصرية، ومن الأزهر الشريف، ومن بعض الدول التى سهلت مصر دخول مساعداتها إلى فلسطين، كما فتحت حدودها واستقبلت عشرات الآلاف من الجرحى والمرضى والطلاب، وسهلت علاجهم، وهم يتلقون العلاج الآن فى المستشفيات المصرية مجانًا، على حساب الشعب المصري، فلا يستطيع أحد أن ينكر فضل مصر، ولا عظمة موقفها تجاه قضية فلسطين.
كيف ترون بعض الجهات التى تهاجم مصر بزعم نصرة فلسطين؟
>> هؤلاء ليسوا «إخوانًا»، بل «خوان»، أصحاب أجندات لهدم الدولة المصرية، تظاهروا فى تل أبيب أمام السفارة الإسرائيلية بتصريح من الشرطة الإسرائيلية، وبتصريح من بن غفير، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية، وهاجموا مصر والقيادة الفلسطينية، ولم يرفعوا علم فلسطين واحد. يدّعون أن هذا نصرة لفلسطين، فكيف تكون نصرة لفلسطين وأنت ترفع علم إسرائيل؟ هؤلاء أجنداتهم أصبحت مفضوحة، وهم مجرد أدوات رخيصة وقذرة فى يد الاستعمار الصهيونى الذى يريد تدمير المنطقة العربية، وبالذات منطقة شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط: فلسطين، سوريا، لبنان، الأردن، مصر، ليبيا، انظروا ماذا فعلت هذه الثقافة «الخَوانية» الخائنة التى خانت الله ورسوله، وخانت أمانة الأمة، فتّتت العالم العربي، مزّقته، جزّأته، وأضعفت مواقفنا، لذلك، أوجّه كلمة حب للشعب المصرى: انتبهوا، مصر أمانة فى أعناقكم، لا قدر الله، إذا سقطت مصر، ستسقط الأمة كلها، والحفاظ على مصر هو حفاظ على المقدسات، وعلى الأمة، وعلى التاريخ، وعلى الدين، وعلى الأرض والعِرض، فانتبهوا جيدًا للمؤامرات التى تُحاك ضد مصر، ومصر اليوم هى الجدار الأخير الذى يحمى الأمة العربية والإسلامية، وعليكم أن تفوتوا الفرصة على المتآمرين، وعلى «الخَوان»، ولا تستجيبوا لهم، والتفوا حول دولتكم، حول قيادتكم، حول جيشكم، وحول أزهركم، لكى نحمى معًا كل الأمة العربية.
ولماذا التشكيك من هؤلاء فى دور مصر فى إدخال المساعدات؟
>> لأن مصر هى المصدر الرئيسى، حيث تُشكل ما نسبته 70 ٪ من إجمالى المساعدات، وهم يريدون حصارا كاملا، ومصر تريد الدعم والمساندة وإدخال المساعدات إلى غزة، والشعب المصرى والدولة المصرية والأزهر الشريف، جميعهم يساهمون بشكل كبير، أما فى أولوية منع التهجير، فمصر هى الأكثر تصديًا وبشكل صارم لمؤامرة التهجير.
كيف ترون جهود مصر فى إرسال المساعدات عبر معبر رفح فى هذه المرحلة؟
>> مصر لم تُغلق معبر رفح ولا ساعة واحدة منذ السابع من أكتوبر والذى يُغلق المعبر هو الاحتلال الإسرائيلى طوال الفترة التى لم تكن فيها إسرائيل قد سيطرت على المعبر، كان المعبر مفتوحًا للأفراد، ولا تزال مصر تعلن يوميًا أن معبر رفح مفتوح، وأنا أصدق هذا ومقتنع به، فالبضائع تتدفق يوميًا، مئات الأطنان، عشرات الشاحنات، وهناك مئات الشاحنات تنتظر فى الجانب المصري، لكن إسرائيل هى التى تُعرقل، أما مصر، فإن أبوابها مفتوحة أبوابها لاستقبال المساعدات، وإرسالها إلى الشعب الفلسطيني، وأنا هنا أتحدث تحديدًا عن المساعدات البرية، لأنها الأكبر والأهم، فمصر لم تغلق حدودها، ولم تغلق أبوابها، لا أمام البضائع، ولا أمام الأسرى، ومن يدّعى كذبًا أن مصر تُحاصر قطاع غزة، عليه أن يخجل من هذا الكذب المفضوح، ولولا مصر، ربما لسقط قطاع غزة تمامًا، والرئة التى يتنفس منها القطاع هى مصر، إضافة إلى ذلك، هناك مساعدات من الأردن عن طريق الهيئة الخيرية الهاشمية، التى تقوم بدور كبير فى دعم الفلسطينيين فى شمال قطاع غزة، إلى جانب دول عربية أخرى: المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الجزائر، المغرب، ولا أريد أن أنسى أى دولة، والمواقف العربية الرسمية والشعبية تقف مع فلسطين، ومع حق فلسطين، ومع شعبها.
برأيكم هل تحتاج مصر أن تفعل أكثر من ذلك لوقف العدوان وتحقيق هدنة دائمة؟
>> مصر تفعل بالفعل ما يجب أن تفعله، تقود جهود الوساطة من أجل وقف العدوان، وهذا هو الأولوية الأولى. نحن كفلسطينيين لدينا أربع أولويات، وهناك توافق بيننا وبين مصر عليها:
وقف العدوان بأى صورة، بأى ثمن، بأى شــكل، لا تهم التفاصيل.
إدخال المساعدات الإنسانية.. منع التهجير القسرى.
إنهاء الاحتلال، وتحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية، وقيام دولة فلسطينية، وهذه الأولويات الأربع نتحرك عليها، ومصر تتحرك عليها أيضًا بل إن مصر تبذل الجهد الأكبر، إلى جانب قطر، من أجل تحقيق الأولوية الأولي، وهى وقف العدوان، أما التفاصيل، مثل «مقابل ماذا؟»، فهى لا تهمنا الآن، المهم أن نحمى الناس، والإنسان الفلسطينى هو أغلى ما نملك، وأثمن ما لدينا، ونحن لا نملك طاقات طبيعية كبيرة، ولا موارد ضخمة، لكننا نملك الإنسان، وإذا فقدنا هذا الإنسان، فقدنا فلسطين، فلا معنى لفلسطين بدون الفلسطينيين، لذلك، إستراتيجيتنا الأولى وأولويتنا القصوى هى الحفاظ على الفلسطينيين داخل فلسطين، من أجل حماية القضية الفلسطينية، ومصر، بأمانة، تقوم بجهد خارق فى هذا المجال، وتتحمل الكثير من المعاناة من أجل تحقيق هذه الأولوية، فضلًا عن الأولويات الأخرى.
وعلى الصعيد السياسى، كيف ترون حملات التشويه ضد موقف مصر من إنهاء الاحتلال؟
>> موقف مصر ثابت وواضح، وقد عبّر عنه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة، مؤكدًا أن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا عبر قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال، نحن نُقدّر هذا الموقف المصري، ونعتبره دعمًا جوهريًا لتحقيق أولوياتنا الوطنية.
كيف تقيّمون تجاوب الدول العربية مع المأساة الإنسانية فى غزة؟
>> عندما أقدمت حركة حماس على ما فعلته فى السابع من أكتوبر، يجب أن نقيم الحدث ليس فقط بمعزل عن نتائجه، بل فى ضوء ما ترتب عليه، والعبرة بالخواتيم، وبالنتائج، وصحيح أن ما حدث حرّك مشاعر عشرات الملايين من العرب، وهذا أمر معروف، لكن فى السياسة لا تُبنى القرارات على العواطف فقط، بل على المصالح.
كيف تفرّقون بين السياسى الصادق والسياسى المضلل؟
>> السياسى الحقيقى ليس من يُرضى الناس مؤقتًا، بل من يُحقق مصالحهم السياسى الذى يُدغدغ العواطف دون أن يُراعى النتائج هو كاذب ومخادع، ولا يستحق الاحترام. أما السياسى الصادق، فهو من يبحث عما ينفع الناس، ويُحقق مصالحهم، حتى لو لم يُرضِ الجميع، والرسول صلى الله عليه وسلم علّمنا أن «الرائد لا يكذب أهله»، أى لا يُخدعهم بعواطف مؤقتة ثم يأخذهم إلى الهلاك. القائد الحقيقى هو من يُراعى مصالح شعبه، ويُجنّبهم الكوارث.
هل تعتقد أن ما حدث فى السابع من أكتوبر كان نكبة؟
>> نعم، بالنظر إلى النتائج والمآلات، ما حدث كان نكبة حقيقية. دمار كامل لقطاع غزة، آلاف الشهداء والجرحي، والثمن؟ الإفراج عن عشرات من الأسري. ونحن نحترم الأسرى ونُقدّرهم، لكن علينا أن نُوازن بين الثمن والنتائج. المصالح السياســية تُقاس بنتائجها، لا بعواطفها.
هل استشارت حماس أحدًا قبل تنفيذ العملية؟
>> لا، لم تستشر أحدًا لذلك، لماذا يتحمل الآخرون النتائج؟ من لم يكن شريكًا فى القرار، لا يجب أن يُحمّل تبعاته. ومع ذلك، الدول العربية لم تقصّر، ووقفت خلف الدولة الفلسطينية، وخلف الشعب الفلسطينى.
إذًا، هل ترون أن المواقف العربية تلبى متطلبات المرحلة؟
>> نعم، المواقف العربية الحالية، فى ظل كل المعطيات، متقدمة جدًا، وتلبى متطلبات الأولويات الفلسطينية الأربع: على المستوى الإنساني، وعلى مستوى وقف العدوان، وعلى مستوى منع التهجير، وعلى المستوى السياسي. لكن التحديات كبيرة، أكبر بكثير من توقعاتنا، وأكبر من قدراتنا، خاصة أن من يقف خلف العدوان هى الولايات المتحدة، بكل ما تملكه من قدرات وتأثير.
هل هناك أثر إيجابى للموقف العربى على الساحة الدولية؟
>> نعم، الالتفاف العربى حول الموقف الفلسطيني، وحول قضية فلسطين، أدى إلى اعترافات دولية مهمة، من فرنسا، ومن دول أخرى كثيرة، وهذا يُثبت أن الموقف العربى الموحد له تأثير حقيقي، ويُسهم فى تعزيز القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
هل ترى أن وحدة الألم تقود إلى وحدة العمل والموقف الفلسطينى؟
>> بلا شك، وحدة الألم تفرض علينا وحدة العمل ووحدة الموقف لكن للأسف الشديد، لا تزال هناك حالة من التفكك داخل النخب السياسية، بين نخبة الشرعية الوطنية المتمثلة فى منظمة التحرير الفلسطينية، وبين بعض الفصائل مثل حركة حماس، التى تصر على البقاء خارج الإجماع الوطني، رغم أن المعاناة واحدة، والألم واحد، والعدو واحد، والتحدى مشترك، وهذا الإصرار على البقاء خارج المظلة الوطنية الجامعة، بعد ما يقرب من عامين على اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، يُعد أمرًا معيبًا، ويثير الكثير من التساؤلات، لماذا؟ لماذا تصر حماس على البقاء خارج الإجماع الوطنى، رغم أن الشعب الفلسطينى موحد على مستوى الشارع؟ هناك وحدة وطنية حقيقية بين الناس، لكن غياب التوحد السياسى يُضعف الموقف العام.
الرفض الشعبى لفكرة مغادرة الأرض الفلسطينية أعطت رسالة للعالم ما مضمونها؟
>> مضمونها وصراحتها أن الفلسطينين يرفضون مغادرة أرضهم رفضًا قاطعًا، يقولون: «نموت هنا، ولا نحيا خارج فلسطين»، هذا موقف شعبى قطعي، يُعبّر عن عمق الانتماء الوطني، ويُجسد التحدى الكبير الذى نواجهه.
كيف تنظرون إلى فكرة التهجير فى السياق التاريخى؟
>> التهجير كان حلمًا صهيونيًا قديمًا، منذ نهاية القرن التاسع عشر، حين رُوّج لفكرة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». مؤسس الصهيونية السياسية، تيودور هرتزل، عندما زار فلسطين عام 1902، وجدها عامرة بالسكان، متحضرة، متقدمة، فيها مطارات وموانئ، وكانت القدس من أجمل المدن تنظيمًا ونظافة، قال حينها: «كيف تقولون إنها أرض بلا شعب؟ الشعب موجود، لكن علينا أن نجعلها أرضًا بلا شعب»، عبر تهجير الفلسطينيين إلى مجاهل أفريقيا والصحراء ليموتوا هناك، فتُصبح فلسطين أرضًا بلا شعب، ويُستقدم إليها شعب بلا أرض.
هل تجدون أن العدوان الأخير أعاد إحياء هذا المشروع؟
>> منذ اندلاع عدوان السابع من أكتوبر، أعلن نتنياهو صراحة أنه يريد تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، لكن الموقف الفلسطينى كان رافضًا وبصرامة، والموقف المصرى كان رائعًا فى التصدى لهذه المؤامرة، وكذلك الموقف الأردنى. وتوحدت حول هذا الموقف كل الدول العربية والإسلامية، بل حتى العالم بأسره، ورفض التهجي، وباسم كل الشعب الفلسطيني، أشيد بموقف مصر، الذى كان الأول فى رفض التهجير، ولولا هذا الموقف، ربما كانت إسرائيل نجحت ولو جزئيًا فى فرض التهجير، لكن القيادة المصرية، ومعها القيادة الأردنية، والقيادات العربية والإسلامية، أعلنت أن التهجير يعنى إعلان حرب، وهذا الموقف عزز الصمود الفلسطيني، وأعطانا أملًا بأن المستقبل سيكون أفضل، وأننا سنحافظ على فلسطين، ونُفشل مؤامرة التهجير، وسنطرد الاحتلال الإسرائيلى.
كابن من أبناء فلسطين كيف ترى المتربصين بمصر؟
>> مصر، منذ اللحظة الأولي، حافظت على موقفها التاريخى من القضية الفلسطينية، وموقف مصر أكبر من كل المزايدات، وهو موقف ثابت منذ عام 1948 وحتى اليوم، مصر خاضت كل حروبها مع إسرائيل من أجل فلسطين: حرب 1948، حرب 1956، حرب 1967، حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر 1973، وقدمت مصر عشرات آلاف الشهداء والجرحى، وخسرت أرضها فى مرحلة ما، وتعرضت لاعتداءات متكررة، وكل ذلك من أجل فلسطين، من يزايد على موقف مصر، إما جاهل وغبى، أو مكابر وصاحب أجندة معادية للأمة العربية والإسلامية، وللقضية الفلسطينية، ومنذ اللحظة الأولى، أعلنت مصر موقفها السياسى الواضح ضد العدوان، وأكدت أن أولويتها هى وقف العدوان، وأنها مع القضية الفلسطينية، ومع الحل العادل والشامل على أساس الشرعية الدولية، كما تصدت مصر بقوة لمحاولات التهجير، وأفشلتها مما أدى إلى الاعتراف بدولة فلسطين وضرورة إقامتها فى مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى سيعقد فى سبتمبر القادم على هامش الجمعية العامة كل هذا نتيجة موقف عربى صلب متماسك قوى والتف حول الموقف الفلسطينى 4 قمم شهدتها المنطقة العربية خلال عامين أول قمتان فى السعودية قمة عربية إسلامية وقمة فى القاهرة وقمة فى بغداد كل هذه القمم تعكس صلابة الموقف العربى ونحن نقدر بشكل كبير كل المواقف العربية ونحترمها مهما كان بينها تفاوت.
كيــف تقيـم موقــف المجتمـع الدولــى تجـاه ما يحدث فى غزة ولماذا يفشل مجلس الامن فى اتخاذ خطوات حاسمة تجاه ذلك؟
>> التى تتحمل المسئولية الأولى عن استمرار العدوان هى الولايات المتحدة وهى شريكة فى العدوان على الشعب الفلسطينى التى استخدمت الفيتو أكثر من مرة فى مجلس الأمن لمنع وقف العدوان والحرب وهى التى تمنع مجلس الامن من التحرك الجاد لوقف العدوان، ويفشل بسبب الدعم الأمريكى لإسرائيل.
ما المطلــــوب من المنظمــات الحقــوقية تجــاه ما يحدث فى غزة؟
>> المطلوب تحقيق وتطبيق القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى ومحاكمة مجرمى الحرب الإسرائيليين وجلبهم قسرا إلى منصة العدالة لكى يحافظ العالم على قِيمه وقوانينه عليه أن يتبع معيار واحد ولتطبيق القانون والمعايير المزدوجة لا تحقق المطلوب.
ما الرسالة التى توجهها للأمة الإسلامية بشأن نصرة غزة وأهلها؟
>> الأمة العربية والإسلامية هى مسئولة معا عن حماية المقدسات والأرض المقدسة والشعب الفلسطينى وكل له قدره بشكل متفاوت ومختلف والمطلوب أن يستخدم الجميع ما لديه من إمكانيات سياسية واقتصادية واعلامية وقانونية من أجل ونصرة القضية الفلسطينية ومحاكمة وملاحقة مجرمى الحرب الإسرائيليين.
كيف يمكن توظيف الخطاب الدينى فى فضح الجرائم الإسرائيلية عالميا؟
>> الخطاب الدينى هو من أكثر الخطابات تأثيرا فى الوعى الإنسانى بغض النظر عن كونه إسلاميا أم غير إسلامى بشكل عام الخطاب الدينى يوقظ الوعى لدى الأمة بوجوب نصرة المظلوم ونصرة المستضعفين ويكفى فى إطار فهمنا للخطاب الدينى أن نستحضر حديث النبى صلى الله عليها وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان، وهل هناك منكر أشد من المنكر الذى تمارسه إسرائيل دولة الاحتلال بشأن الشعب الفلسطينى، هذا الخطاب الذى أخذ أبعاده وشكله الصحيح يسهم فى الحفاظ على وحدة الدولة العربية والإسلامية وتماسكه وينبذ الفتن الداخلية وكل الجهود لتغيير المنكر الكبير الذى ترتكبه إسرائيل بفلسطين.
ما السيناريو الذى تتوقعه لغزة فى المستقبل؟
>> إسرائيل تعمل على إبقاء الوضع فى غزة تحـت وطـأة الحـرب وتريـد احتلال قطاع غزة ولا تريد قيام الدولة الفلسطينية ولذلك تعمل على فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وفصل قطاع غزة من خلال حماس ولذلك دعمت إسرائيل حكم حماس فى غزة طيلة 18 عاما وعملت على تسهيل وصول الأموال إلى حماس فى غزة وعندما سئل نتنياهو لماذا تفعل ذلك، قال لكى أمنع وحدة الشعب الفلسطيني، وقيام الدولة الفلسطينية والآن إسرائيل تعمل على فصل قطاع غزة من خلال الحرب ونتحدث عن إدارة مختلفة بعيدا عن منظمة التحرير الفلسطينية والسيناريو الوحيد المقبول فلسطينيا أن يتم انسحاب إسرائيل من قطاع غزة ووقف العدوان والإفراج عن المعتقلين والأسرى وإعادة إعمار غزة وعودة دولة فلسطين لتتولى مسئوليتها كاملة فى قطاع غزة ووحدة الأرض الفلسطينية وفق القرارات الشرعية وهذا هو السيناريو الممكن والذى يمكن أن يحقق السلام وأى سيناريو آخر لن يحقق السلام.
كلمة أخيرة للعالم عن غزة ومعاناتها
>> غزة جزء من الإنسانية ونحن بشر أطفالنا كأطفال الدنيا بأسرها من حقهم أن يعيشوا وأن يكون لهم مستقبل وإذا استمر هذا التوحش الإسرائيلى فى قطاع غزة العالم كله سيدفع الثمن غالياً