وجدت إسرائيل فى أحداث 7 أكتوبر 2023 فرصة ذهبية لتمارس المزيد من العنف والذبح والقتل والإبادة ضد الشعب الفلسطينى الأعزل وتواصل جرائمها المستمرة منذ أكثر من 77 عاما، وعاثت فسادا، وبقدر ما حصل الكيان الصهيونى على تأييد ومساندة ودعم دولى بلا حدود فى البداية، بقدر ما وجدت الدولة العبرية من رفض واستهجان لممارساتها الوحشية.
استطاع اليهود بأساليبهم المغلفة بالكذب والمحشوة بالبهتان أن يقنعوا العالم بأنهم «مظاليم» وفى خطر الفناء مما فعلته حماس فى ذلك اليوم، وهم الذين يذيقون الفلسطينيين سوء العذاب أصنافا وألوانا، ونكثوا بكل العهود ونكبوا فى الوعود وتاريخهم معروف بذلك، يثيرون القلاقل ويشعلون الحروب والفتن أينما حلوا ونزلوا، وما لجأ الحمساويون لذلك إلا ردا على التعنت اليهودى والتطرف ورفض كل الحلول والتضييق عليهم، ولو استطاع الإسرائيليون منع الهواء عنهم لمنعوه.
وقد وجدت الحكومة الإسرائيلية المتطرفة المتعطشة للدماء فى ذلك فرصة لتمارس هوايتها فى التخريب والتدمير، وتجاوزت المدى فى كل شىء وتخطت الممارسات الحيوانية، التى لا تعرف الرحمة، بل فى الحيوانات من عنده رحمة ورأفة حتى بفرائسها، ولا غرابة فى ذلك مع ما يعتقدون، فها هو الحاخام الإسرائيلى رونين شاولوف يصرح بأن الأحمق فقط من يشفق على «الإرهابيين المستقبليين» (يقصد أطفال غزة) ويقول خلال درس دينى إنه يتمنى موت جميع أطفال غزة جوعاً، مؤكداً أنه لا يشعر بأى شفقة تجاههم وإن كانوا لا يزالون صغاراً.
وبعد أن اقترح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إلقاء قنبلة ذرية على غزة، لمحوها وأهلها من الوجود، يكشف وزير التراث الإسرائيلى اليمينى المتشدد عميحاى إلياهو من حزب «العظمة اليهودية» عن موقفه حيال الرهائن المحتجزين، ويقول إن تحقيق النصر على حماس أهم من قضية الرهائن، ونتعامل مع المختطفين بوصفهم أسرى ونتعامل مع قضيتهم بعد النصر وهزيمة حماس، ويرى أن الأولوية ليســـت لهم، وهذا يكشف نوايا الدولة العبرية فى أنها لا تؤيد الســلام ولا ترغب فى إنهاء الحرب على غزة، وأن الهدف الأساس هو المزيد من سفك الدماء والقتل والإبادة للفلسطينيين، وهذا الهدف لم يعد خافيا بل أصبح الإسرائيليون بمختلف انتماءاتهم يرددونه ويؤيدونه ويدفعون نحوه، حتى الذين يتظاهرون بمعارضة النتنياهو.
ومازال رئيس الوزراء الإسرائيلى السفاح، يواصل المغالطات ويردد الأكاذيب والترهات بالمكر والخداع، ويدعى أن إسرائيل تواصل جهودها لإطلاق سراح الرهائن، بينما فى كل مرة يتم التوصل فيها إلى اتفاق ينكث بوعوده ويتراجع فى موقفه ويعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر.. ويخادع نتنياهو عائلات الرهائن، بأنه يجرى مشاورات بشأن الملف ولا يتوقف عن المحاولة، وقدم لهم وعودا لا حصر لها ولكنها من الأوهام، ليكسب المزيد من الوقت فى محاولة لتحرير الرهان بالحرب، ليجعل من نفسه بطلا، ثم قتل المزيد من الأبرياء الفلسطينيين .
إسرائيل مازالت تعيش أوهام التوسع، فقد أيّد الكنيست بأغلبية واحد وسبعين من مئة وعشرين نائبا، مشروع قرار يقضى بضم الضفة الغربية، ويؤكد البروفيسور نعوم تشومسكى أن إسرائيل تسعى منذ خمسين عاما لبناء «إسرائيل الكبرى» بإبقاء غزة محاصرة وخنقها، والاستيلاء على الأراضى فى الضفة الغربية، بدعم أمريكى.
وقد نجحت مصر فى عرقلة المشروع الأمريكى الصهيونى بتهجير أهل غزة، وصنعت موقفا دوليا قويا كانت ثمرته تزايد عدد الدول التى ترفض التهجيــر والتى أعلنت عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وفى مقدمتها بريطانيا وفرنســا وكندا، حتــى إن أصــــواتا بريطــانية قالت إن وعــد بلفــور لا يتضمن إلغاء دولة فلسطين.
لكن مجرمى الحرب الصهاينة، استخدموا الخطط البديلة لإجبار الغزويين على الرحيل وترك أرضهم بتكثيف القتل والتجويع، وارتكاب جرائم لم تقع على أيدى عتاة السفاحين، وأمام استمرار الموقف الدولى الذى يكتفى بالتصريحات والشجب، يواصل جيش الكيان كل أنواع الفجور ضد الشعب الفلسطينى ويتفنن فى تعذيبه ويتفاخر بذلك، ولم يعد للصرخات ولا للنداءت جدوى، ولا صدى لتحذيرات الجهات الأممية بعد حالات الوفيات كل لحظة بسبب الجوع.
الأزمة مستمرة، واقتربت المأساة الفلسطينية الكبرى من إكمال العام الثانى.