الشمس والرياح تمكنها من إنتاج
مليون ميجاوات تؤهلها للتصدير إلى أوروبا
الأزمات العالمية والحروب والتوجه الاوروبى للطاقة النظيفة لمواجهة التغيرات المناخية.. عززت مكانة مصر كمحور عالمى ومركز لإنتاج الطاقات النظيفة وتصديرها لكافة الأسواق خاصة مع تنامى الاصوات المطالبة بالحفاظ على البيئة واستبعاد كل ما يهددها والتركيز على الطاقة الخضراء باعتبار أن الطاقة تمثل الجزء الاكبر لمشاكل البيئة.. وخلال السنوات الماضية غيرت مصر خططها واستبعدت الفحم من مشروعاتها المستقبلية ووضعت الهيدروجين النظيف المنتج من المياه هدفا من أهدافها بما تمتلكه من إمكانيات لإنتاجه وتصديره وإحلاله كبديل لوسائل النقل والمصانع وبما يمكنهـا من المسـاهمة بـ 8 ٪ من إنتاجه العالمي.
الخبراء أكدوا أن دور مصر سوف يتعاظم خلال المرحلة القادمة بما تمتلكه من امكانات لانتاج الطاقة النظيفة من الماء والشمس والرياح وطاقة باطن الارض والمخلفات الزراعية والصناعية وحتى الهيدروجين والطاقة النووية إلى جانب امتلاكها لشبكة عملاقة تتصل بدول الجوار والشرق والمغرب العربى وإفريقيا لتكون المورد الأساسى للطاقة إلى أوروبا خاصة بما لديها من إمكانات واحتياطيات للغاز الطبيعى ومصانع لإسالة الغاز تستقبل إنتاج دول المنطقة ودول الجوار لتقوم بتصديره إلى أوروبا بعد إسالته.
الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أكد أن الوزارة انتهت من مراجعة الخطة الإستراتيجية المستقبلية للطاقة وفقا للمستجدات الجديدة واستبعاد مشروعات الفحم نهائيا حفاظا على البيئة وتماشيا مع الاشتراطات البيئية العالمية والاعتماد على الموارد المحلية باعتبار ان الفحم كان سيتم استيراده بالكامل من الخارج مضيفاً إنه يجرى العمل حاليا لتنفيذ عدد من المشروعات لإنتاج الكهرباء من المصادر الجديدة والنظيفة لتحقيق رؤية مصر 2030 لتوفير جزء كبير من متطلبات الاستهلاك من الطاقات الخضراء بعد أن نجحت مصر فى الوصول بالطاقة المنتجة من المصادرة المتجددة لأكثر من 8 آلاف ميجاوات لتصبح الدولة الاولى بالمنطقة فى هذا المجال ومن المتوقع أن يصل انتاج الطاقة النظيفة سنويا إلى اكثر من 10 آلاف ميجاوات ساعة وهذه القدرات تسهم فى توفير حوالى 175 ألف طن بترول مكافئ سنويا وتحد من انبعاث 475 ألف طن ثانى أكسيد الكربون كما أنها توفر حوالى 4000 فرصة عمل.
قال عصمت إن مصر نجحت فى توفير حوالى 25 ٪ من متطلبات الاستهلاك من الطاقة النظيفة لتسبق بذلك كافة البرامج الزمنية المحددة كما نجح القطاع فى الحصول على عروض بسعر تنافسى أقل من 5.2 سنت دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من محطات الطاقة الشمسية وحوالى 3 سنت دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من مزارع الرياح الوزير أضاف أن تنفيذ مشروع بنبان ومزارع الرياح العملاقة مكنت من زيادة ثقة الشركات العالمية فى الاستثمار فى مصر.
ولفت أن الحكومة المصرية وضعت هدفاً قومياً لتحويل مصر إلى مركز محورى لتجارة وتداول الطاقة وتم تشكيل لجنة عليا لإدارة هذا الملف برئاسة وزير البترول وعضوية ممثلى الوزارات والجهات المعنية وتختص بوضع تصور لمشروع تحويل مصر إلى مركز إقليمى للطاقة من خلال الاستفادة المثلى من المقومات التى تتوافر بمصر خاصة الموقع الإستراتيجى الذى يتوسط كبارَ منتجى ومستهلكى الطاقةِ فى العالم حيث تمرّ عبرَ هذا الموقع أهمّ طرق التجارةِ البحريةِ الدولية، فضلاً عن امتلاك مصر للعديدَ من الفرص الاستثمارية فى قطاعى الغاز والبترول والكهرباء بجميع مجالاتِه والتى تتضمن توليدَ الكهرباء من الطاقات المتجددة وتدعيم وتحديث شبكات نقل وتوزيع الكهرباء.. مشيراً إلى الموقع الجغرافى الرائع لمصر عند ملتقى القارات وأن مصر دولة عابرة للقارات بسبب موقعها فى شمال شرق أفريقيا، ولها أيضا امتداد آسيوى كما تشارك مصر بفاعلية فى جميع مشروعات الربط الكهربائى الإقليمى حيث ترتبط كهربائياً مع دول الجوار شرقاً وغرباً مع كل من الأردن وليبيا ويتم حالياً إعداد دراسة جدوي لزيادة سعة خط الربط الكهربائى مع الأردن لتصل إلى 2000-3000 ميجاوات بدلاً من 450ميجاوات حالياً وذلك من خلال الربط على الجهد الفائق المستمر.
أكبر شبكات المنطقة
أكد عصمت أن مصر تمتلك شبكة كهربائية عملاقة هى الأكثر اتساعا فى المنطقة ومن أكبر الشبكات التى تمتلك قدرات توليد لأن تقوم بالدور الإستراتيجى فى مشروعات الربط وتبادل الطاقات بين دول العالم إلى جانب ما تمتلكه من مؤهلات علمية ومراكز بحوث وكوادر بشرية وغيرها مشيرا إلى أن قدرات الشبكة ستصل إلى حوالى 70 الف ميجاوات وبها قدرات احتياطية وفائضة تقدر باكثر من 25٪ توفر متطلبات الدول المرتبطة بالشبكة المصرية حاليا فى المشرق والمغرب العربى والدول الجارى الارتباط معها فى افريقيا خاصة دول الجوار.
وكشف أن المرحلة القادمة تتطلب تشريعات خاصة بما يحقق المرونة ويمكن مصر أن تصبح مركزا إقليميا لعبور الطاقات الكهربائية المنتجة منها ومن إفريقيا ودول المشرق والمغرب العربى إلى أوروبا وأن مصر خطت خطوات مهمة لإصلاح البنية التشريعية لقطاع الكهرباء وتهيئة المناخ لتشجيع الاسثمار فى مشروعات الطاقة الكهربائية والاستفادة من الإمكانيات الهائلة من الطاقة المتجددة من أهمها إصدار القانون رقم 203 لسنة 2014 لتحفيز الاستثمار والذى يتضمن مجموعة من الآليات التى تساعد المستثمر على الدخول فى هذا النشاط: وقد تم الإعلان عن مشروعات تعريفة التغذية، كما أقر مجلس الوزراء الضوابط والأسعار الخاصة بالبرنامج وتم نشرها على جميع المستثمرين المؤهلين ، وقد تم بالفعل توقيع 32 اتفاقية لشراء الطاقة بإجمالى قدرة 1465 ميجاوات. .أكد الوزير أن تحويل مصر لمركز عالمى للطاقة من خلال تحقيق هدف إضافة 120 ألف ميجاوات من الطاقات المتجددة للشبكة قبل عام 2040 وتعجيل الهدف الرئيسى للوصول بمســاهمة الطــاقة المتجـــددة بنســبة 42 ٪ وزيادة القـدرات لتــصل إلــى 2.5 جيــجاوات عــن المخطــط والوصــول بهــذه النســبة إلـــى 60 ٪عام 2040 بإنتاج أكثر من 65 جيجاوات من طاقتى الشمس والرياح و2.4 جيجاوات من مشروعات الضخ والتخزين و2 جيجاوات من الطاقة الكهرومائية و4.8جيجاوات من الطاقة النووية فى نفس التوقيت يخصص 49جيجاوات من الطاقة التقليدية بدلا من 69 جيجاوات.
من ناحية أخرى أكدت الدراسات العالمية أن مصر يمكنها إنتاج قدرات تصل إلى مليون ميجاوات من طاقتى الشمس والرياح منها 350 ألف ميجاوات للرياح و650 ألف ميجاوات للشمس.
ووقعت مصر مذكرات تفاهم مع تحالفات عالمية لإنتاج 28 ألف ميجاوات من الرياح باستثمارات 50 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة لتصبح واحدة من أكبر محطات الرياح فى العالم.. وتستهدف مصر توفير 44 ألف فرصة عمل فى مشروعات الهيدروجين الأخضر بعد توقيع مذكرات تفاهم مع مستثمرين باستثمارات 83 ملياراً و600 مليون دولار توفر 37 مليون طن انبعاثات.
كما وضعت مصر برنامجا لإقامة سلسلة من المحطات النووية تتضمن إنشاء 40محطة وتم تحديد عدد من المواقع بداية من الضبعة إلى النجيلة إلى شواطئ البحر الأحمر وغيرها والميزة فى الطاقة النووية أنها أقل تكلفة حيث يبلغ تكلفة الوقود النووى 60 مليون دولار مقابل 370مليون دولار لنفس القدرات فى الوقود التقليدي، وتبلغ إنتاجية المحطات النووية 92 ٪ مقابل 30 ٪ للرياح والشمس. .قال عصمت إنه يتم حالياً العمل على استكمال مشروع الربط الكهربائى المشترك بين مصر والسعودية من خلال خطوط للربط الكهربائى بنظام التيار المستمر قدرة 3000 ميجاوات على جهد + 500 ك.ف والتى يعتبر نموذجاً مثالياً لمشروعات الربط الكهربائى نظراً لاختلاف ساعات الذورة بين الصباح والمساء فى البلدين كما ان قدرات الكهرباء فى البلدين تمثلان اكثر من 85٪ من قدرات الكهرباء العربية وباتمـــام هـــذا المشروع تكون اكثر من 95 ٪ من قدرات الكهرباء العربية قد ارتبطت فى شبكة واحدة تمتد من دول الخليج إلى شمال افريقيا إلى المشرق العربى وتكون مصر محورا لهذه المشروعات ومن المتوقع بدء تشغيل المرحلة الأولى من المشروع فى عام 2021.
أكد أن هناك رغبة عربية شاملة فى اقامة السوق العربية المشتركة واستكمال مشروعات الربط وتبادل المعلومات وتوحيد المواصفات واستغلال الطاقات المتجددة وكافة مصادر إنتاج الكهرباء لتوفير احتياجات الشعوب العربية وبرامج التنمية نظرا للتحديات الكبيرة التى ظهرت فى مجال تأمين احتياجات المواطنيين من الكهرباء إلى جانب الأسباب الفنية والاقتصادية ولدعم خطوات التعاون والوحدة بين البلدين مؤكدا أن الجداول الزمنية للمشروع سيتم الالتزام بها بما يحقق دخوله الخدمة الفعلية وتبادل الكهرباء بين البلدين فى المواعيد المحددة خاصة أن هذا المشروع أحد أهم حلقات الربط الكهربائى العربى ويؤدى إلى نتائج هامة لاقامة سوق عربية موحدة للطاقة خاصة أن خطوط الربط المنفذ بها هى الاولى من نوعها مما يمكنها من استيعاب قدرات هائلة يمكن ان تصل إلى 6 آلاف ميجاوات للتبادل بين البلدين لتحقيق اقصى ميزة اقتصادية.
ويتضمن مشروع الربط مع السعودية والمقرر أن يدخل حيز التشغيل الفعلى خلال شهور تنفيذ خطوطة قريبا تنفيذ محطتى محولات للتيار المتردد/ المستمـــر جهـــد 500كـــيلوفـــولت بمدينة بدر، ومحطة مفاتيح ربط الخط الهوائى مع الكابل البحرى بمدينة نبق بالأراضى المصرية ، والثانية تتضمن محطتى محولات بجهد 500 كيلوفولت بشرق المدينة وتبوك ومحطة مفاتيح ربط الخط الهوائى مع الكابل البحرى بالأراضى السعودية و الثالثة تتكون من خط هوائى بطول يصل إلى حوالى 450 كم من محطة محولات بدر إلى محطة مفاتيح نبق ، والحزمة الرابعة تتكون من خط هوائى بطول يصل إلى حوالى 850 كم من محطة مفاتيح الربط إلى محطة شرق المدينة مروراً بمحطة محولات تبوك والحزمة الخامسة فتتضمن ربط محطتى المفاتيح بكابلات أرضية بالأراضى المصرية والسعودية وكابل بحرى جهد 500كيلوفولت عبر خليج العقبة بطول يصل إلى حوالى 16 كم .
تقوية الربط الاردنى
المهندس جابر الدسوقى رئيس القابضة للكهرباء يؤكد إنه تم الاتفاق بين مصر والأردن على تشكيل فريق عمل من الجانبين لدراسة زيادة القدرات الكهربائية المتبادلة بينهما لتصل إلى 3 آلاف ميجاوات ووضع آليات للتنفيذ وتحديد جدول زمنى لذلك وبحث إمكانية إقامة خط آخر للربط بين البلدين لتحقيق الاستفادة الاقتصادية المثلى وإتاحة إمكانية تبادل القدرات الكهربائية الاحتياطية الزائدة والتشغيل الأمثل لمحطات التوليد وكذلك دراسة إمكانية إنشاء عدد من الشركات المشتركة فى مجال الاستشارات والمقاولات الكهربائية.
أكد أن خطوط الربط الحالى بين مصر والأردن يتيح تبادل قدرات تصل إلى حوالى 400 ميجاوات، وان الربط بين البلدين أحد أقدم مشروعات الربط الكهربائى فى المنطقة وأن هناك جهوداً مستمرة لتطويره بما يحقق زيادة القدرات المتبادلة والاستغلال الامثل للامكانيات خاصة أن هناك اختلافاً فى أوقات الذروة بين البلدين كما ان الشبكة المصرية بها فائض احتياطى آمن يمكن تبادله مع الأردن ودول الربط الأخري.
قال إن هناك اجتماعات دورية ومستمرة لخبراء الكهرباء فى مصر والاردن والعراق للتنسيق والتكامل وبحث إمكانية انضمام العراق لمشروع الربط العربى عن طريق الأردن ليحصل على جزء من احتياجاته من مصر كما أن هناك تعاوناً مع كل من ليبيا وغيرها من الدول العربية لاستكمال مشروعات الربط العربى الشامل لتحقيق المزايا الاقتصادية والفنية لشبكات الكهرباء وتحسين الاداء وتلبية متطلبات الشعوب.
قال الدسوقى إنه تم توقيع مذكرة تفاهم للربط الكهربائى شمالاً مع قبرص واليونان فى قارة أوروبا لتعبر الكهرباء المتوسط وبذلك تكون مصر مركزا محوريا للربط الكهربائى بين ثلاث قارات. وأن الربط الكهربائى بين شمال وجنوب المتوسط سوف يعمل على استيعاب الطاقات الضخمة التى سيتم توليدها من الطاقة النظيفة. وقام قطاع الكهرباء المصرى بتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون فى عدد من المجالات من بينها إجراء البحوث حول استراتيجية الطاقة فى مصر، وتعزيز تنمية استخدام الطاقات المتجددة وتكامل الشبكات الكهربائية، وكذا التشاور الفنى لتطبيقات الشبكات الذكية، بالإضافة إلى الترويج لمفهوم الربط الكهربائى العالمي.
أشار إلى أن أسعار الطاقة المتبادلة بين الشبكات المرتبطة يتم حسابها وفقا لبورصة الطاقة فى لندن وبالاسعار العالمية وأن مصر كانت تقوم بتزويد كل من ليبيا والاردن ولبنان وسوريا والاراضى الفلسطنية بجزء من احتياجاتها من الكهرباء وأن هناك تنسيقاً وإجراءات للتعاون مع العراق وإمكانية توفير جزء من احتياجاته من الكهرباء من الشبكة الكهربائية الموحدة للمشرق العربى وبالتحديد من مصر للمساهمة فى حل ازمة الطاقة التى يعانى منها العراق.
ربط نهر «إنجا».. بالسد العالى
من الإجراءات الجارى تنفيذها والتى تؤهل مصر لتكون محور مشروعات الطاقة المستقبلية مشروع استغلال قدرات نهر انجا فى الكونغو والتى يمكن انتاج 300 الف ميجاوات من الكهرباء النظيفة منها ونقل جزء كبير منها إلى اوربا عبر شبكات الربط التى تنطلق من الجنوب إلى الشمال فى مصر التى تعتبر بوابة العبور إلى الشمال وقد تم ربط شبكتى كهرباء مصر والسودان وجار تنفيذ المرحلة الثانية لتقوية المشروع .ويمكن لمصر تلبية الاحتياجات السودانية من الكهرباء وكذلك الدول الافريقية وكذلك المعدات المصنعة محليا فى ظل الرغبة الاكيدة للتعاون والتكامل بينهما وان قطاع الكهرباء على استعداد للمساعدة فى استكمال الدراسات السودانية لاستغلال المساقط المائية وإنتاج الطاقة النظيفة من منطلق الخبرة المتراكمة من انشاء السد العالي.
