لا تزال مصر تؤكد على ثوابتها الراسخة نحو سوريا الشقيقة بدعمها لسيادتها وسلامة ووحدة أراضيها ورفضها لأى تدخل خارجى يهدد أمنها ووحدتها ..بل انها تذهب ايضا لدعمها فى إعادة إعمارها عقب الخروج من الازمة الحالية خاصة بعد أحداث العنف الدامية بمحافظة السويداء.
وغيرها من المناطق والتى أدت الى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى بالهجوم المسلح الاخير بما يهدد اتفاق الهدنة الهش ووحدة وسلامة الاراضى السورية وينذر بوقوع صدام طائفى يحطم وحدة سوريا فضلا عن اندلاع دوامة التوتر والتصعيد والفوضى الأمنية.
كما تحرص مصر على دعم الجهود العربية للتوصل لعملية سياسية شاملة للأزمة السورية بما يضمن تحقيق الاستقرار والعدالة وعودة اللاجئين وتستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضى السورية وتدعو دائما الى أهمية اطلاق عملية سياسية شاملة خلال المرحلة الانتقالية الدقيقة بحيث تشمل كل مكونات المجتمع السورى.
اتصور أن خروج سوريا من عنق الزجاجة والنفق المظلم المرسوم لها من أهل الشر مرهون بتحقيق الشمولية فى العملية السياسية والتصدى لجماعة الاخوان الاجرامية والمتطرفة والتى تعتبر رأس الحربة بالمشروع الدولى الاستعمارى لتفكيك الدول من الداخل وما يحدث فى عفرين دليل واضح على ذلك
وينبغى مراعاة أن السماح بالتدخلات الخارجية يستدعينا لاسترجاع الخطط الخبيثة لاتفاق سايكس بيكو لتقسيم الدول والوصول بسوريا لاقتطاعها الى خمسة اجزاء مابين كرد ودروز وعلويين ومسلمين من السنة المعتدلين ومسيحيين.. لذلك فإن إعادة بناء سوريا الجديدة يتطلب الإسراع بإقامة حوار ديمقراطى واسع وشامل لا يقصى اى مكون من مكونات المجتمع السورى الذى يبحث عن الامن والاستقرار وتحسين مستوى معيشته الاقتصادية
بالفعل هناك تباين واضح بين ما اقدم عليه مكون من الدروز للاستقواء بالالة العسكرية الإسرائيلية ومابين رغبة مظلوم عبدى القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية فى الانخراط ضمن جيش سوريا المستقبل حين يتشكل باعتباره جزءا من الدولة وليس جيشا موازيا ويشير الى ان دمج قواته جزء من مقاربة مدروسة مع وجود حكومة تمثيلية ودستور عادل يتيح مشاركة كافة القوى السورية ويحفظ وحدة الدولة.
كما ان دمج قوات قسد ضمن الجيش الوطنى الموحد يدل دلالة بالغة على الرغبة فى الانضمام لمؤسسات الدولة وليس الاتجاه نحو الانعزالية.. وبالتالى أى تقدم فى الملف السورى ينبغى أن يتم من خلال التفاوض والحوار وليس بالطريق الأحادى وأن أى خطوات يجب أن تبنى على تفاهمات ودستور جديد يضمن حقوق الجميع.
اعتقد اننا لسنا بحاجة للربط بين ما يحدث فى سوريا الجديدة والشرق الاوسط الجديد حيث كان عدد سكان سوريا قبل أحداث سقوط بشار الأسد ونظامه نحو 24 مليون نسمة يعيشون على ارض مساحتها 185 الف كيلو مترات مربع ومع تصاعد الأحداث والاشتباكات تراجع عددهم الى نحو 15 مليون مواطن سورى بسبب هجرة المتبقى منهم كلاجئين لخارج البلاد وربما عاد مؤخرا لوطنهم مابين مليون الى مليون وخمسمائة الف سورى من دول الجوار
من الأهمية تلبية تطلعات الشعب السورى بالداخل ولا يرتبط ذلك على حساب التركيز فى الحصول على دعم الخارج لتثبيت اركان الحكم ولذلك نجد مصر حريصة على تعزيز الاستقرار السياسى بسوريا والدعوة دائما لإنهاء العنف والتصعيد المسلح.