بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن قمة مرتقبة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأسبوع المقبل، حذّرت أوكرانيا بأنها لن تقبل بتسوية سلمية تجعلها تتنازل عن أراضيها. فى هذا الصدد، شدد أمس الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، من أن القرارات المتّخذة من دون مشاركة بلاده لن تجلب السلام، رافضا بشكل قاطع فكرة التخلّى عن أراضٍ لصالح روسيا. وكتب زيلينسكى على شبكات التواصل الاجتماعي: «الأوكرانيون لن يتركوا أرضهم للمحتلّ»، مشدداً أن أيّ قرار ضد مصلحة البلاد، و دون مشاركة أوكرانيا، يعد قرارا ضدّ السلام، ولن يحقّق شيئا. فى الوقت نفسة طالب زيلينسكي، فى اتصال هاتفى أمس مع رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، الأوروبيين باتخاذ «خطوات واضحة» لتحديد نهج مشترك قبل القمة المرتقبة بين بوتين ترامب الجمعة القادمة. وقال زيلينسكى على تليجرام بعد المحادثة: «من الضرورى اتخاذ تدابير واضحة، والتنسيق على أعلى مستوى بيننا وبين شركائنا». فى وقت سابق، أعلن ترامب مؤخراً أنه سيلتقى بوتين فى 15 أغسطس فى ألاسكا، آملاً فى التوصل لاتفاق بشأن انهاء الحرب فى أوكرانيا خلال اللقاء. وكان قد صرح ترامب خلال قمة ثلاثية مع رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان ورئيس أذربيجان إلهام علييف أن «الوضع فى أوكرانيا قد يجد طريقه إلى الحل قريبا جدا». وأوضح ترامب أن اتفاق انهاء النزاع بين روسيا وأوكرانيا سيتضمن تبادل أراض، لكنه لم يعط تفاصيل حول ذلك، معلقاً: «سيكون هناك بعض من تبادل الأراضى لصالح الطرفين». وكانت قد ذكرت وكالة «بلومبرج» مؤخراً أن مسئولين أمريكيين وروسيين يعملون على التوصل لاتفاق بشأن الأراضى الأوكرانية، الذى من شأنه يضمن بقاء روسيا فى الأراضى التى تسيطر عليها، ووفق الشروط التى وضعها بوتين. وأكدت المصادر أن موسكو ستوقف هجومها فى منطقتى خيرسون وزابوريجيا بأوكرانيا فى إطار الاتفاق، مضيفة أن أمريكا تسعى للحصول على موافقة كييف وأوروبا بشأن الاتفاق مع موسكو. من جانبه، أكد أمس المتحدث باسم الكرملين، دميترى بيسكوف، على عقد القمة بين بوتين وترامب، كما نوه فى الوقت نفسه عن تلقى الرئيس الأمريكى دعوة لزيارة روسيا من أجل عقد قمة ثانية محتملة.
كما ذكر مساعد الرئيس بوتين، يورى أوشاكوف، أن بلاده تتوقع أن يُعقد الاجتماع المقبل بين الزعيمين فى روسيا بعد قمة ألاسكا، مضيفًا أن هناك دعوةً وُجهت بالفعل إلى الرئيس الأمريكي.
وعن سبب اختيار ألاسكا تحديداً كمكان للقاء الزعيمين، قال أوشاكوف، إن موسكو وواشنطن لديهما مصالح اقتصادية متداخلة فى ألاسكا والقطب الشمالي، وأن هناك «آفاقًا لتنفيذ مشاريع واسعة النطاق». فى غضون ذلك، رد رئيس صندوق الثروة السيادية الروسى كيريل دميترييف، على خبر القمة فى ألاسكا، بدعوة البلدين إلى التعاون فى مجالات «البيئة والبنية التحتية والطاقة فى القطب الشمالى وخارجه». وكتب دميترييف، عبر منصة إكس «تويتر سابقا» أن ألاسكا بجذورها الأرثوذكسية، وحصونها، وتجارة الفراء فيها، تُجسّد روابط بين روسيا والولايات المتحدة. وتقع ولاية ألاسكا، فى أقصى شمال غرب الولايات المتحدة، ولا يفصلها عن روسيا سوى مسافة لا تتجاوز 90 كيلو متراً عبـــر مضــيق بيرينـــج ، ما جعلها تاريخياً أقرب نقطة تماس بين البلدين، وشهدت هذه الولاية الحدودية محطات من التعاون مثل الحرب العالمية الثانية، وأخرى من التوتر خلال الحرب الباردة.
كانت ألاسكا تحت السيادة الروسية حتى عام 1867م، بعده قامت الولايات المتحدة بشرائها من الإمبراطورية الروسية مقابل 7.2 مليون دولار، تحديداً فى يوم 30 مارس 1867م، وذلك بعد مفاوضات بين وزير الخارجية الأمريكى ويليام سيوارد، والسفير الروسى فى الولايات المتحدة إدوارد دى ستويكل. بعدها صادق مجلس الشيوخ الأمريكى يوم 9 أبريل 1867م على صفقة الشراء، ثم وقع عليها الرئيس الأمريكى أندرو جونسون فى 28 مايو من العام نفسه، لتنتقل بذلك ألاسكا رسميا إلى الولايات المتحدة يوم 18 أكتوبر 1867، وينتهى الوجود الروسى فى أمريكا الشمالية.
وكانت الصحافة الأمريكية قد سخرت آنذاك من الصفقة ووصفتها بـ»حماقة سيوارد» نسبة إلى وزير الخارجية الأمريكى الذى أبرمها، لكن السنين أثبتت أنها كانت استثماراً إستراتيجياً منح واشنطن منفذاً إلى القطب الشمالى والمحيط الهادئ، بالإضافة إلى غناها بالمناطق الطبيعة.