بعيدا عن المناوشات الأيديولوجية المنهكة للحقيقة، وبعيدا عن حالة السجال الشيطانى الذى يصنعها ويحركها أبناء وأحفاد الاستاذ إبليس الملعون، وبعيدا عن الانحيازات الغبية لأهواء النفوس المريضة، بعيدا عن هذا كله، واقترابا من الموضوعية فى زمن ما عاد يعرف حدود المنطق، اسأل وأتساءل بهدوووووء شديد، هل انتصرت حماس على إسرائيل فى حروبها الخمسة الماضية؟ وهل حققت حماس أهدافها من حرب السابع من اكتوبر؟ وهل استفادت القضية الفلسطينية من حرب السابع؟ وما هى حسابات الأرباح والخسائر الحقيقية فى هذه الحرب؟ وليسمح لى الجميع أن أسأل سؤالا بسيطا جدا لكن رغم بساطته لن يجيبنى أحد عنه، السؤال هو، هل استفادت القضية الفلسطينية من وجود حركة حماس فى المشهد عموما؟ أم كان وجودها بمثابة جلطة في شريان القضية؟ فمنذ تكوين حركة المقاومة الإسلامية التى انبثقت من تنظيم الاخوان وحتى الآن، نجحت حماس فى نقل القضية الفلسطينية من مربع طلب قيام الدولة الفلسطينية إلى مربع طلب إدخال وجبة غذائية إلى أبناء قطاع غزة، فما جرى منذ وصول حماس للسلطة كان بمثابة خطة تقسيم وفصل القطاع عن الضفة نهائيا، قرار الحرب الذى يسِّوقه الكثيرون على أنه قرار المقاومة العبقرى الذى يضارع قرار حرب أكتوبر، ويضعها فى صدارة المشهد فى حلقات الصراع مع دولة الكيان، هؤلاء المصفقون من أصحاب الحناجر المزلزلة يرون قرار السنوار قرارا تاريخيا لصالح القضية الفلسطينية، ويؤكد هؤلاء أن تعريفا جديدا للنصر صكه أبناء حماس، هذا التعريف هو ليس مهما ان تنتصر على الأرض وتحرر ترابك الوطنى وتقيم دولتك، لكن كفاك ان تنهك دولة الاحتلال وتقوم بخطف مجموعة من الجنود والمستوطنين ثم تجلس للمفاوضات عليهم دون ان تكون هناك كلمة واحدة عن إقامة دولة او حتى شبه دولة، حماس وحواريها يعلنون دوما انهم انتصروا، فهل تدمير قطاع غزة وجعله غير قابل للحياة نصرا، هل مقتل واستشهاد وإصابة مئات الآلاف من أبناء القطاع يعد نصرا؟ وهل النصر يستوجب البحث عن آلية دولية للحصول على وجبة غذائية وشربة ماء وجرعة دواء؟ هل النصر يعنى البحث عن خروج آمن لقادة حماس؟ وعندما اختلطت الأوراق وعمت الفوضى وقال الكثيرون إن ما جرى نصر ومعجزة وقال آخرون إنها شهادة وفاة القضية الفلسطينية، لجأت حماس إلى تصدير مشاكلها عبر تنظيمها الأساسى وهم جماعة الاخوان، فأرادوا – كما ارادت اسرائيل – تصدير المشكلة إلى مصر، وها نحن نقف فى مربع إلقاء الهجمات على المواقف المصرية، حماس تهاجمنا واسرائيل تهاجمنا والإخوان يحاولون تشويهنا.