فى لقائه الأخير مع طلبة الأكاديمية العسكرية المصرية، كان الرئيس عبدالفتاح السيسى صريحا ومباشرا فى تفنيده للجرائم التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة. لم يكتف بإدانة العنف فحسب، بل وضع النقاط على الحروف، مبيناً الأبعاد الحقيقية لما يحدث. لقد ركز الرئيس السيسى على عدة نقاط أساسية تشكل جوهر الموقف المصري، والتى يمكن تلخيصها فى أن ما يجرى ليس مجرد «حق دفاع عن النفس» كما تزعم إسرائيل، بل هو تجاوز صارخ للقانون الدولى والإنساني. وأشار الرئيس السيسى إلى أن الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية، مما يشكل عقاباً جماعياً لسكان غزة، وهذا بحد ذاته جريمة. كما تطرق إلى الأعداد الهائلة من الشهداء المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، مؤكداً أن هذه الأعداد لا يمكن تبريرها بأى شكل من الأشكال، وأن استخدام القوة المفرطة ضد شعب محاصر هو عمل غير أخلاقى وغير قانوني. وتفنيد الرئيس السيسى لم يتوقف عند هذا الحد، بل شمل أيضاً استهداف المستشفيات والمدارس ودور العبادة، وهى أماكن محمية بموجب اتفاقيات جنيف، مما يثبت أن إسرائيل تتجاهل القواعد الأساسية للحرب. وفى سياق آخر حذر الرئيس من خطورة التهجير القسرى للفلسطينيين من غزة إلى سيناء، واصفاً إياه بالخطر الذى يهدد تصفية القضية الفلسطينية، ويشكل تهديداً مباشراً للأمن القومى المصري. هذه الرسالة كانت واضحة وصارمة، حيث أكد أن مصر لن تقبل بهذا السيناريو مطلقاً، وأن أى محاولة لفرض هذا الحل بالقوة ستكون لها تداعيات خطيرة. كما شدد السيسى على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فورى وكافٍ إلى القطاع، رافضاً استخدام التجويع كوسيلة للضغط على المدنيين. وأوضح أن فتح معبر رفح بشكل مستمر وكامل هو مسئولية إنسانية وأخلاقية، وأن العراقيل التى تضعها إسرائيل أمام دخول المساعدات تزيد من معاناة الشعب الفلسطينى وتكشف عن نواياها. وفى تفنيده للرواية الإسرائيلية، أشار الرئيس السيسى الى أن الحل الحقيقى يكمن فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد أن تجاهل جذور الصراع وتغليب الحلول العسكرية لن يؤدى إلا إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار فى المنطقة. هذا الموقف القوى والشجاع من الرئيس السيسى لم يكن موجهاً لإسرائيل فقط، بل كان أيضاً نداءً للمجتمع الدولى للتحرك بشكل فعال ووقف هذه الجرائم، وتحمل مسئولياته تجاه الشعب الفلسطيني. لقد دعا إلى تطبيق القانون الدولى دون ازدواجية فى المعايير، وإلى فرض وقف فورى لإطلاق النار، والعمل على إيجاد حل سياسى عادل وشامل للقضية الفلسطينية. كان الرئيس السيسى واضحاً فى أن الأوضاع الراهنة لا يمكن أن تستمر، وأن الصمت الدولى تجاه ما يحدث فى غزة يشجع إسرائيل على ارتكاب المزيد من الانتهاكات، مما يهدد السلم والأمن الإقليمى والدولي. وبهذا الموقف، لم يكن الرئيس السيسى مجرد زعيم عربى يدين الأحداث، بل كان مدافعاً عن القيم الإنسانية والقانون الدولي، ومفنداً بشكل منطقى وواقعى للادعاءات الإسرائيلية، وموضحاً أن الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو تحقيق العدالة للشعب الفلسطينى وإعادة الحقوق لأصحابها.
ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد الأحداث فى قطاع غزة، اتخذت مصر موقفًا ثابتًا وواضحًا يرتكز على مبادئ أساسية للقانون الدولى والإنساني. ورفضت مصر بشكل قاطع سياسة العقاب الجماعى التى تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وأكدت أن استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية والمستشفيات والمدارس يمثل انتهاكًا صارخًا لأبسط قواعد الإنسانية. كما حذرت القاهرة مرارًا من خطورة تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسرى لسكان غزة إلى سيناء، معتبرة هذا الأمر تهديدًا مباشرًا للأمن القومى المصرى وتجاوزًا للخطوط الحمراء. ولعبت مصر دورًا محوريًا على الصعيد الدبلوماسى والإغاثي، حيث كانت البوابة الوحيدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، وقادت جهودًا مكثفة للتوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار دائم. ولقد أكد الرئيس السيسى فى أكثر من مناسبة على أن الحل الدائم لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل يكمن فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، معبرًا عن قناعة مصر الراسخة بأن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.