فى يقينى وفى ذاكرتى الحية منذ الطفولة ان اسمه يانع فى جيل العمالقة طه حسين والعقاد والرافعى وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم وقامته ظلت علامة أدبية ورمزا مهما فى تاريخ الأدب شعرا ولغة وقصة وصحافة.. واستطاع خلال حياته التى امتدت ستة عقود تقريباً أن يقدم أكثر من 30 عنوانا مميزا فى تاريخ الأدب العربية بكتبه التى تركها تخلد اليوم اسمه كواحد من فحول الشعر والأدب فقد كان مثقفا ثقافة عربية مميزة تعكس اطلاعه الغزيز على ما خلفه كتَّاب العربية وشعراؤها الذين سبقوه.. وتميز بأنه كان مولعا بشعر ابن الرومى والشريف الرضى وأبو العلاء المعري.
من واقع أوراقه كان واضحا رغم صداقته الشديدة بالأديب الكبير عباس محمود العقاد إلا أن ابن الرومى شاعره الأحب والأقرب إلى قلبه وهذا ضمنه كتابه «حصاد الهشيم».. وفى النثر من يقرأ ما كتبه يرى تأثره بالجاحظ واضحا وضاحكا خاصة فى استخدام اللوازم اللفظية التى كان يعبر بها.. وفى ثقافته الغربية مزج بين الإبداع العربى الخالص والأدب الإنجليزى والعربي.. وتأثره بالأدب والتراث العالمى من واقع الترجمة الفرنسية والألمانية والروسية فقد نقل إلى لغتنا العربية «الجميلة» الكثير من تراث الأدب الغربي.. كان طريقه إلى الطب لكن فى أول يوم عندما دخل إلى المعمل وشاهد المشرحة والتشريح سقط مغشيا عليه.. وترك الطب إلى الحقوق وعندما وجد مصروفاتها عالية لأن أخاه غير الشقيق بدد ثروة والده ذهب إلى مدرسة المعلمين وعمل بالتدريس 10 سنوات 5 منها مع الوزارة بمدارسها «المعارف» و5 فى المدارس «الحرة» قبل أن يعود إلى عالم الأدب والصحافة وهو ابن كوم مازن بالمنوفية وعاش فى السيدة زينب الحى الشعبى الأشهر فى ذلك الوقت كما عاش فى الإمام الشافعي.. إن حياة الأديب الكبير إبراهيم عبدالقادر المازنى حافلة بالمحطات المضيئة وأيضاً بالأيام البائسة فقد كانت حياته «يوم حلو ويوم» مر وكتابه عن حياته ألمح لهذا.. وفى الحديث عن حياته تجد نفسك أمام كاتب كبير وناقد ساخر من طراز بديع سواء فى تناوله للقصيدة شعرا ونثرا أو القصة وترجمة الشعر واستطاع ببلاغة البيان أن يبرز كلسان عربى فصيح.. معاركه الأدبية كانت مادة صحفية وأدبية للشعراء والأدباء مع حافظ إبراهيم وطه حسين والمنفلوطى وغيرهم ويحسب للمازنى الصحفى الذى تخرج فى مدرسة المعلمين العليا عام 1909 وسافر فى فرنسا وإيطاليا وانجلترا.. وذاع صيته صحفيا عندما مثل نقابة الصحفيين فى المؤتمر الدولى للصحافة ومنها مؤتمر حرية «الأنباء» عام 1946 أحد الصحفيين الذين عينوا بمرسوم قانون إنشاء نقابة الصحفيين.
تجربته الصحفية ثرية ثراء تجربته الأدبية والقصصية وتجربته الشاملة فهو من أساطين الفكر والأدب فى جيل العمالقة التى ثار بها على التقليدى والقديم دون هجران للجذور والأصول فكان من الرواد المجددين.
المولد والنشأة
رغم انتماؤه إلى كوم مازن لم تتوفر معلومات كثيرة عن المكان الذى ولد به والده كان يعمل محاميا ومأذونا شرعيا وكان عمله يتطلب سفره كثيرا خاصة إلى اسطنبول وكانت سفرياته تستغرق شهورا وولد أديبنا الكبير فى يوم الثلاثاء التاسع من أغسطس 1889 وعندما كتب المازنى نفسه قصة حياته لم يكتبها مباشرة بل جاء فى كتابه «قصة حياة» كلمة أن هذه القصة بها مشاهد مما مر به فى طفولته وشبابه وكهولته.. وهنا عكس أيام الأديب طه حسين الذى كتب «الأيام» وبها قصة حياته مباشرة دون تورية أو إخفاء.. لكنه يشير إلى انه ولد فى منزل تقليدى وصارم لوالد يعمل بالمحاماة وكثير السفر والزواج ومات وهو صغير فرعته أمه والتحق بالكتَّاب كعادة أبناء جيله وفى الوقت الذى انشغل والده بالسفر أصرت أمه على تعليمه وفى قصة حياة التى لم يفصح عن انها حقيقة تماما كان والده يقضى فى البيت الكبير بعضا من الوقت حيث أم المازنى وفى المنزل الثانى يقضى يوما أو ليلة أخري.. وكان للأديب الكبير أخ أصغر منه هو أحمد وكلاهما فى الأسرة يحملان لقب المازنى نسبة إلى قريتهم بالمنوفية كوم مازن.. والتحق المازنى بالمدرسة الناصرية والخديوية ومنها إلى كلية الطب التى لم يمكث بها عندما دخل قاعة التشريح سقط مغشيا عليه فانصرف منها إلى الحقوق وأمام مصروفاتها العالية ذهب إلى المعلمين التى تخرج فيها 1909 وعمل بالتدريس 10 سنوات من المدارس التى عمل بها مدرسة السعيدية كمدرس للترجمة.. وظهر تفوقه فى الترجمة مبكرا واتجه بعد ذلك للصحافة التى كان قد تواصل معها عبر رسائل البريد بينما كان طالبا فى الدراسة يكتب لعدد من الصحف اليومية والأسبوعية مثل الدستور والجريدة والبيان وعكاظ الأسبوعية والأفكار ووادى النيل والأهالي.. وكان المازنى على حبه للحياة يسخر منها ولا يباليها ويراها ثوبا يجدد بالاحياء وعبر عن ذلك فى كتابه «حصاد الهشيم» وفى عام 1913 أصيب بكسر فى ساقه تسبب له فى عاهة مستديمة أثرت على حالته النفسية فآثر العزلة.
ولا شك ان ارتباطه بعلاقة قوية مع عباس محمود العقاد والشاعر عبدالرحمن شكرى جعلهما يواصلان الإبداع كله نثرا ونقدا وشعرا وأسسوا معا مدرسة «الديوان» فى الشعر واختلف شكرى معهما فانسحب لكن المازنى ظل مرتبطا بالعقاد إلى آخر يوم فى حياته.
«كوم مازن» قريته التى أحبها
فى مركز الشهداء التابع للمنوفية تقع شماله قرية كوم مازن وهى من القرى التاريخية الأثرية بالمنوفية وكانت إحدى قلاع الرومان أيام الفتح الإسلامى تبعد عن نهر النيل نحو 9 كيلو مترات وأيام الغزو الرومانى بحسب خطاب أرسله من الحاج سليمان بدور ويجمعه بالمازنى أن جدهم واحد كما قال فى خطابه الذى نشره الأديب الكبير عباس محمود العقاد فى جريدة «الأخبار» فى 3 أغسطس 1959 متزامنا مع الذكرى العاشرة لوفاة المازني.. اسهب الخطاب حول قريته «كوم مازن» وتاريخها كقلعة من قلاع وحصون الرومان التى احتموا بها قبل معركة الشهداء الفاصلة بين العرب والرومان أيام الفتح الإسلامى وكان لحصن «كوم مازن» شأن لديهم حيث إن العرب عندما انتصروا كانت القرية تسمى فى ذلك الزمن «نيقوس» وسارت إليها فلول جيش الرومان وسكنوا حصونها وتعقبتهم قوات العرب بقيادة قائد كان قريبا من عمرو بن العاص اسمه «مازن» نسبة إلى القبيلة العربية «مزنة» وهذا يذكر كثيرا فى أحاديث العلامة السعودى حمد الجاسر أحد كتَّاب وقرَّاء التاريخ العرب المشهورين فى الجزيرة العربية ويحمل لقب «العلامة» وكذلك يذكرها فى أحاديثه دوما الأديب محمد حسين زيدان وهو أحد المهتمين بدراسة الأدب والتاريخ فى الجزيرة العربية أيضاً.
وبعد دحر الرومان وإخراجهم من حصونهم من قرية «نيقوس» وبعدها تغير اسم القرية إلى «قوم مازن» قبل تحريف اسم القرية واللهجة وصارت «كوم مازن» فى هذه القرية الوادعة على نيل مصر شريان حياة الريف فى ذلك الوقت ولا يزال.. فى هذه القرية عاش والده المحامى بن المرحوم عبدالقادر المازنى الذى ترك القرية إلى القاهرة للدراسة بالأزهر الشريف حتى صار أحد أقطابه وله ضريح فى الإسكندرية.. وهذا تاريخ معروف للمازنى نفسه وكثير من أبناء قرية كوم مازن التى يصل عدد سكانها إلى نحو 10 آلاف نسمة ويمر بها قطار للسكة الحديد مرتبط بخط سكك حديد منوف وكفر الزيات.. وهذه القرية بجوارها عدد من القرى الشهيرة ككفر عشما وزاوية الناعورة وبها ضريح سيدى «شبل» الشهير وفيها عاشت عائلة المازنى حيث ان والده كان ميسورا.. وإن كان لم يرتبط بالقرية فقد ألحقه والده بمدرسة الناصرية الابتدائية ومدرسة الخديوية وكان يأمل أن يكون طبيبا فترك الطب وذهب للحقوق ومنها إلى مدرسة المعلمين وتم تعيينه مدرسا للترجمة بالمدرسة السعيدية الثانوية.. ويقول أقرانه انه كان كثير الاطلاع وعمل فى التعليم فترة رغم أنفه لكنها امتدت 10 سنوات.
علاقته مع الأدباء
بعيدا عن علاقته الكبيرة بالأديب عباس محمود العقاد فقد كان المازنى متأثرا بالثقافة العربية والغربية معا واستفاد من التجارب الأدبية للجاحظ والجرجانى والشريف الرضى وابن الرومى وبشار وبن الفارض وجمال الدين بن نباتة المصري.. ومن سيرته الأدبية يلاحظ انه تأثر بالمدرسة الانجليزية وكثير من كتاب الغرب بينهم شكسبير وماكونى ووليم هازلت وأرنولد وليهنت.
أبرز مؤلفاته
1913 أصدر أول ديوان شعرى له من جزءين.
1915 الجزء الثانى من ديوانه الشعري.
1921 نشر دراسة عن الشعر ووسائطه.
1921 دراسة مشتركة مع عباس محمود العقاد عن شعر حافظ إبراهيم.
1924 أصدر حصاد الهشيم.
1927 أصدر قبض الريح.
1929 أصدر صندوق الدنيا.
1932 أصدر خيوط العنكبوت.
1935 أصدر 3 أعمال متتالية هى ثلاثة رجال وامرأة، حيدر وشركاه ومسرحية غريزة المرأة.
1935 أصدر 3 أعمال أيضاً أخرى هى أقاصيص وإبراهيم الثانى وع الماشي، كما أصدر كتابه رحلة الحجاز وبحث عن بشار بن برد كما ان له دورا مهما فى ترجمة روائع الأدب الغربى وتميز المازنى بأسلوبه السلس الذى يتحرى الفخامة فى اللفظ.
معاركه الأدبية
دارت بين المازنى وحافظ إبراهيم معركة أدبية شكلت حراكا كبيرا فى الأوساط الأدبية مع طه حسين والمنفلوطى وحافظ إبراهيم وأحمد زكى أبو شادى والرافعى وعبدالرحمن شكرى وخليل مطران وآخرين لدرجة ان المازنى وصف «حافظ» بأنه ليس بشاعر.. هو كبعض الطيور ياوى إلى عش غيره ووصلت الاتهامات إلى حد أن وصف المازنى حافظ بأنه انتحل شعر الأوائل وانه يسرق أعماله من المعرى والخوارزمى والمتنبي.. وبعد وفاة حافظ تناوله المازنى بمقالات خلت من الخصومة الشخصية ونوهت بفضائل حافظ الرجل والشاعر والصديق وانه جاهد فى سبيل وطنه ولغته وان له على اللغة والأدب والوطن والشرق الفضل الذى لا يجحد وهذه الكلمات كتبها المازنى بنفسه فى نهاية معركتهما الأدبية.
عضوية مجمع اللغة العربية
اختار مجمع اللغة العربية بدمشق المازنى عضوا به قبل أن يحظى بعضوية مجمع الخالدين عام 1947 قبل وفاته بعامين ليكمل بعضوية المجمع أملا خاصا مع صديقه الأديب الكبير عباس العقاد.
ترك وظائف الحكومة
وفى عمله مع الحكومة لم يكن مستقرا ويقول: تركت العمل فى الحكومة لأنى لا أطيق القيود فكيف أقيد نفسى.. وأثناء تركه الوظيفة إذا به يفقد زوجته عام 1921 بعد أن عاشت معه 11 عاما من الحب والتفانى كما يقول شقيقه أحمد المازنى ان وفاتها أصابته بصدمة عنيفة حولت حياته وتفكيره وكتب كثيرا عنها رثاء شعرا ونثرا صريحا وتزوج مرة ثانية بعد وفاتها بسنوات ورزقه الله تعالى بنتين وولدا وبوفاتهما أيضا جعلاه مفتقدا أجمل ما فى الحياة فعندما رحلت ابنته الأولى مندورة كتب فيها نثرا أدمى القلوب.
بين الصحافة والنقابة
عمل بجريدة الأخبار 1920-1926 وجريدة السياسة الأسبوعية مع محمد حسنين هيكل 1926-1936 ورئيساً لتحرير جريدة الاتحاد اليومية 32-34 ورئيساً للتحرير فى جريدة البلاغ 1934 ولمدة تقترب من 15 عاما وانتخب وكيلا لنقابة الصحفيين عن المحررين 1941 وسط الحرب العالمية الثانية فى السنة الأولى لإنشاء النقابة واستمر حتى 1946 بعد أن توقفت نيران الحرب وتأسست الأمم المتحدة والجامعة العربية.
محطاته الأدبية
وكما فى محطاته الصحفية من نجاحات أيضاً حياته الأدبية مملوءة بالإنجازات متأثرا بالثقافتين العربية والغربية التى أجاد فيها الثقافتين فقد قرأ للجاحظ والجرجانى ووليم هازلت وكولى وتشارلز ديكنز وفى عام 1913 أصدر ديوانه الشعرى من جزئين الأول وعام 1915 الثانى وفى انتاجه حصاد الهشيم وقبض الربح وصندوق الدنيا وصندوق العنكبوت وإبراهيم الكاتب والمازنى الذى أرخ لكثير من عاداتنا وتقاليدنا فى مصر جامعا بين قريته التى لم يعش فيها كثيرا كوم مازن وحى السيدة زينب الشعبى وله دوره فى الأدب الساخر الذى أشاد به الكثيرون من المفكرين والكتاب وبينهم شيخ الظرفاء كاتب بلدياته محمود السعدنى وكان له رأى فى ان الرواية العربية قوية بقوة الرواية الغربية وان إبداعنا العربى عالميا بالرغم من ان لكل أمة فنها الأدبى الروسى أو الانجليزى أو الفرنسى أو الألمانى أو الأمريكى ونادى المازنى بخصوصية الرواية العربية وان لدينا فى العربية مقومات تقدمنا إلى العالمية.. وهو نفسه ظهر متأثرا بديستوفيسكى الروس وشكسبير العرب.
المزج بين العربية والغربية
وقد نقل المازنى إلى العربية عددا لا بأس به من التراث الغربى مثل مسرحية الشاردة للكاتب الانجليزى جال زورنى ابن الطبيعة للكاتب الروسى ارتزياستيف واميل لجان حال روسو والوشايات للكاتب الانجليزى شريدان و»جريمة اللورد» للأيرلندى أوسكار وايلد ورواية «الن كاتوميه» للجنوب افريقى «هجرد» وقلم المفصلة لروفائيل ساباتيني.
فقد اطلع كثيرا على الأدب الغربى لإجادته اللغة الانجليزية وأول كتاب صدر عنه كان عبارة عن رسالة للماجستير أعدتها د. نعمات أحمد فؤاد عام 1954 بعد وفاته بخمس سنوات وكتب المقدمة عباس محمود العقاد.. والمعروف عن المازنى انه الأديب الساخر الذى عشق أوراقه.. فهو الأديب الذى ارتفع بالفكاهة إلى مرتبة الأدب.. فهو يعد من الرواد فى الأدب وتميز بالتجديد وكان نموذجا قويا للأديب الذى حمل رسالة تطويع الأدب العربى إلى الأجناس الأدبية التى لا تعرف فيه عن نحو ما هى عليه فى الأدب الغربي.
المجلس الأعلى للثقافة وأسرته
ولعل الأدباء يذكرون احتفال المجلس الأعلى للثقافة عام 99 على مدى 3 أيام وعبر 11 جلسة بمشاركة أدباء وباحثين عرب إلى جانب مصريين ألقوا الضوء على أدب المازنى ومن الصدف المهمة فى هذه الاحتفالية الحديث الذى أدلى به ابنه نيابة عن الأسرة عبدالحميد عبدالقادر المازنى الذى أثار الحضور باقتراحه على المؤسسات الثقافية وعلى رأسها المجلس الأعلى للثقافة بجمع تراث المازنى بتحقيقه ونشره حتى تعرف الأجيال علما من أعلام أدبنا المعاصر واجمعت كلمات المترتبة على القيمة الأدبية والصحفية للأديب الكبير ودوره فى حركة التجديد فى الشعر العربى وحقيقة الحديث عن المازنى له جوانب كثيرة بدأت فى أوائل القون الماضى وعاشت حربين عالميتين وسط دعوات قاتلة بهدم القرية وجاء المازنى ليجمع بين التجديد والإبقاء على القديم فى تعميق للهوية وهذا يلمسه القارئ فى جوانب حياته مثل قصة عود على بدء وثلاثة رجال وامرأة وقصة حياة وميدو وشركاءه و«ع الماشي»، فى الطريق و«خيوط العنكبوت» وقد نشرت له نصف الدنيا قصصه المجهولة «ميمى وفيفي».
نظرية المازنى الأدبية
كانت نظرية أديبنا الراحل الكبير استحداث لغة سهلة ميسرة للكتابة وقد جمع بين العامية التى يمكن استخدامها أو ادخالها فى الفصحى وقدمها كقاموس لمجمع اللغة العربية واعجبت كثيرون من الأدباء والمفكرين بنظريته الأدبية وبينهم محمود تيمور – رحمه الله – وكثيرون من أبناء جيله فقد كان يملك جسارة فكرية فى استحداث تمرد على الجمود اللغوى بلغة سهلة ميسرة تواكب العصر.
الوفاة
رحلته فى الحياة التى بدأت فى 9 أغسطس 1889 ومر فى الرحلة بمحطات كثيرة متنقلا فى مواقع العمل وأصيب عرض «اليولينا» فى الدم الذى أنهك صحته وألزمه العزلة إلى أن توفاه الله.. وفى يوم 10 أغسطس 1949 فاضت روحه إلى بارئها وتم إجراء مراسم الدفن فى منطقة المقابر بالقاهرة.. وكانت ظروف الوفاة فى توقيت شديد الحساسية فى مصر بعد 14 شهر من حرب 1948 والأوضاع الحزبية مأزومة وهو نفسه الرجل الذى ولد بعد 7 سنوات من الاحتلال الانجليزى وهزيمة عرابى وقبل عامين من ثورة 23 يوليو والشارع السياسى فى حراك واضح وتغيير وزارى متسارع.. وبوفاته طويت صفحة مهمة من تاريخنا الأدبى والعربى المعاصر فأعماله الخالدة تؤكد قيمته الأدبية وتراثه الشعرى لأديب ثائر ساخر ارتفع بالفكاهة إلى مرتبة الأدب معتمدا على لغته السهلة التى أبرز فيها تمرده على الجمود اللغوي.. فقد كان المازنى من جيل العمالقة الذين فقدتهم الساحة الأدبية وخلدهم كنوز المعرفة بأعمالهم التى تبنت عبقرية ترسم خريطتنا المصرية برقيها وحاضرها واحياءها الشعبية فقد كانت كتابات المازنى الفيلسوف الساخر شعره يدق العواطف ويخفق القلوب وأدبه يلف دروب ريفنا العظيم ونيله وفروعه التى تتحرك مع خلجان النهر الخالد فقد كان المازنى الأديب والشاعر والصحفى يريد لكلمته أن تعاصر الحياة وتعبر عن روح العصر.. وقد كان بما تركه لمكتبتنا العربية.