أكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء رفض مصر التام للخطوات الأحادية التى تنتهجها إثيوبيا، فيما يتعلق بنهر النيل، وضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي، وأن نهر النيل ليس استثناء من الأنهار الأخرى التى تنطبق عليها القواعد والمبادئ التى ننادى بها، وأهمها التنسيق والتشاور وتدارس المشروعات التى تنفذ على هذا النهر بما يمنع وقوع الأضرار ويحقق مصالح الجميع.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى المُشترك الذى عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع نظيره السوداني، الدكتور كامل الطيب إدريس، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، عقب جلسة المباحثات الموسّعة بين الجانبين.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه تم التشديد، على أهمية التنسيق بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات، وأنه تم فى هذا الصدد تناول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومنها قضايا الأمن الإقليمي، وسبل تعزيزه واستدامته، حيث تم الاتفاق على ضرورة التشاور حول القضايا المرتبطة بأمن البحر الأحمر، وأعرب رئيس الوزراء فى هذا الصدد عن تطلع مصر للتنسيق المشترك إزاء قضية البلدين الوجودية المرتبطة بمياه النيل، والتأكيد على أهمية التنسيق المشترك بين البلدين فى إطار الهيئة الفنية الدائمة المشتركة.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن الجانبين المصرى والسودانى أعربا عن الاعتزاز بعلاقات الأخوة والصداقة العميقة التى تربطهما بدول حوض النيل الأخرى فى إطار من الأخوة والمنفعة المتبادلة وعدم الإضرار، وأكدا ضرورة تعزيز التعاون بين دول الحوض تأسيسا على مبادئ القانون الدولى للحفاظ على استدامة نهر النيل، ذلك المورد الحيوى الذى يستحق من الجميع أقصى اهتمام.
وقال رئيس الوزراء، إننا نتألم ونشعر بالأسف الشديد للحرب فى السودان الشقيق؛ فنحن والسودان كالجسد الواحد.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى حرص مصر بشكل راسخ منـــذ بدء الأزمة ـ بناء على توجيهات واضحة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، على تقديم مختلف أوجه العون والدعم للأشقاء والضيوف الأعزاء من أبناء الشعب السوداني، الذين أتوا إلى مصر هربا من ويلات الحرب، حيث فتحت مصر أبوابها للأشقاء السودانيين ليس تفضلا ولا مناً، وإنما من منطلق واجب الأخ تجاه أخيه.
وأعرب رئيس الوزراء عن أمله فى استعادة السودان الشقيق للأمن والاستقرار، وخروجه من محنته الحالية فى أسرع وقت حرصاً على حياة الأبرياء.
وأشار رئيس الوزراء إلى الجهود التى تبذلها مصر منذ اندلاع الحرب فى السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وذلك من خلال المشاركة فى مختلف المبادرات المعنية بالسودان الرامية لإنهاء الحرب، انطلاقاً من أن الاستقرار فى السودان هو هدف ينبغى علينا جميعا السعى للوصول إليه وتحقيقه، مؤكداً أن هذا الهدف يكتسب أهمية بالغة للحفاظ على السلم والأمن فى القارة الأفريقية ككل.
أكد رئيس مجلس الوزراء تجديد مصر دعمها الكامل لحكومة السودان، وكافة المساعى الرامية للحفاظ على مؤسساته الوطنية ورفض أى تهديد لوحدة السودان وسلامة أراضيه، والوقوف إلى جانب تطلعات الشعب السودانى فى التقدم والازدهار وتحقيق أهدافه فى إعادة الإعمار والتنمية.
وجدد الجانب السودانى تقديره للروابط والقواسم المشتركة التى تجمع بين الشعبين الشقيقين، وتطلعه واستعداد الدولة السودانية بمؤسساتها الوطنية المختلفة للعمل المشترك بما يخدم أهداف تعزيز تلك العلاقة والوصول بها إلى آفاق أرحب.
وأكد الجانبان، خلال المباحثات الثنائية، على أهمية النظر فى عقد اللجان المشتركة، على أن تقوم الجهات المعنية فى البلدين بتحديد التوقيتات المناسبة فى هذا الشأن. كما ناقش الجانبان تطوير التعاون فى مجال الاستثمار والفرص المتاحة للشركات المصرية للاستثمار فى عدد من المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية للسودان، لا سيما مع استشرافه مرحلة إعادة الإعمار.
وثمَّن الجانبان التطور الكبير الذى يشهده التعاون والتنسيق القطاعى بين البلدين لا سيما فى قطاعات النقل.
وتطرقت المباحثات إلى التعاون فى قطاع الصحة بين البلدين، وأعرب الجانب السودانى عن تطلعه لترقية التعاون فى مجال مكافحة الأمراض وزيادة عدد القوافل الطبية المصرية المتخصصة، وتقديم برامج لدعم قدرات الكوادر الصحية السودانية بما يعزز عملية إعمار القطاع الصحى فى السودان. كما اتفق الجانبان على قيام الجهات المعنية فى البلدين بالتشاور من أجل بلورة مذكرة تفاهم حول تسجيل الدواء المصرى فى السودان.
وفى مجال تأهيل الكوادر السودانية تمهيداً لمرحلة إعادة الاعمار، اتفق الجانبان على تدشين برامج تدريبية متخصصة للتأهيل المهنى والفنى للجانب السودانى بالتعاون مع الوكالات المصرية ذات الصلة، وبالإضافة إلى تنشيط أطر التعاون بين الأمانة العامة لمجلس الوزراء السودانى والأمانة العامة لمجلس الوزراء المصرى فى مجال التنمية البشرية والتطوير الإداري.
من جانبه قال رئيس الوزراء السوداني: إن العهد مع مصر لن ينكسر، وإرادتنا معاً لن تلين، وأن الرؤية الثاقبة التى اتفقنا عليها سوف تكون رؤية كلية لمصلحة بلدينا ولأجيال المستقبل.
وقال الطيب أقف اليوم أمامكم مُتواضعاً، نيابة عن أهل السودان قاطبة، لنُسدى الشكر والتقدير والعرفان لدولة مصر رئيساً وحكومة وشعباً، على هذه المواقف التاريخية النبيلة، وعلى استضافتها للملايين من أهل السودان فى هذه الظروف الاستثنائية التى تمر بها بلادنا، نتيجة هذه الحرب الضروس التى فرضت علينا.
وأضاف الدكتور كامل الطيب إدريس: لقد أكدنا على هذه الرسالة من جانب الشعب السودانى خلال لقاء السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، كما نجدد نقل هذه الرسالة إلى معالى دولة رئيس الوزراء المصري.
واستطرد: هذه رسالة من الأمة وليست منى كرئيس للوزراء، فهى من كل الشعب السودانى الذى يُثمن عالياً هذه المواقف التاريخية المهمة، وسوف نُبادل أهلنا فى مصر حكومة وشعباً هذه المواقف وهذه المعاملة الكريمة، التى لقيناها من إخواننا فى مصر.
فى ختام الزيارة، وجه البروفيسور كامل الطيب إدريس ـ رئيس مجلس الوزراء الانتقالى الدعوة إلى شقيقه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لزيارة السودان والبناء على نتائج هذه الزيارة ومناقشة المزيد من أطر التعاون الثنائى.