من المؤكد أن إصلاح وتجديد التعليم أمر طبيعى. ويختلف الباعث الذى يدفع إليه من عصر إلى آخر. وتماشيًا مع مرحلة التطور المعرفى والتقنى، وتحولات المعيشة، والسياق الظرفى الذى يفرض نوعية جديدة من الأدوات والمناهج، يصبح من الضرورى تبنّى نموذج تعليمى جديد قائم على مسارين مستقلين؛ تحسين التعليم التقليدى ليواكب متطلبات العصر، وإرساء التعليم الرقمى المستقل كمسار موازٍ يمنح المتعلمين مرونة غير مسبوقة.
وحتى لا اتهم اننى أدعو إلى هدم النظام التعليمى القائم، أقول يجب تطويره وإعادة ابتكاره، عبر دمج التقنيات الحديثة مع أسس التعليم الراسخة، بما يفتح آفاقًا جديدة لأبنائنا وفقًا لقدراتهم وطموحاتهم ومنحهم مفاتيح تعليم أكثر شمولاً وعدالة.
كما بات معروفاً فإن التعليم فى الأردن يواجه تحديات جوهرية تعيق الابتكار وتحدّ من جودة مخرجاته، واليوم لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة دون إصلاح تعليمى جذرى يقوم على مسارين مستقلين: التعليم التقليدى المحسن والتعليم الرقمى المستقل.
يبقى التعليم الحكومى وهو الأكثر انتشارًا. لكنه يعانى من قيود تحدّ من تطوره، بينما يواجه التعليم الخاص تحديات تتعلق بتدخل الدولة فى تحديد الرسوم والمعايير، ما يعطل نموه الطبيعى، والمطلوب هو سياسات تمنح التعليم الخاص استقلالية أكبر وتعزز معايير الجودة والابتكار، بدلاً من التركيز على الضوابط الشكلية.
أرى أن المسار الأبرز فى الإصلاح هو التعليم الرقمى المستقل، الذى يوفر مرونة غير مسبوقة عبر التكنولوجيا، ما يسمح للطلاب بالتعلم فى أى وقت ومن أى مكان، وبتكلفة أقل مقارنة بالتعليم التقليدى، إذ يركز هذا النموذج على المخرجات التعليمية بدلاً من الإجراءات البيروقراطية، ما يجعله أكثر توافقًا مع احتياجات سوق العمل.
من أجل نجاح التعليم الرقمى المستقل لا بد من توفر عدة شروط أبرزها؛ البنية التحتية الرقمية المتقدمة من خلال توفير الإنترنت عالى السرعة وإنشاء منصات تعليمية ذكية، وضرورة تبنّى نماذج اعتماد دولية بدلاً من التدخل الحكومى المباشر. كما يمكن استبدال الرقابة الحكومية بمعايير شفافة.. والبنية التحتية مسئولية الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص.