أكد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مصر تنعم باستقرار داخلي، وأن ثوابت سياسة الدولة القائمة على الصراحة والمصداقية أثبتت صحتها خلال السنوات العشر الماضية وأن مصر واجهت تحديات أمنية جسيمة منذ أكثر من عقد، كانت من الممكن أن تعصف بأمننا واستقرارنا حتى الآن، مشيرا إلى أن كل حدث يتم على مستوى الدول، يكون له تأثير سلبى أو إيجابي، موضحا أن مصر تسير على الطريق الصحيح وذلك بشهادة المؤسسات الدولية، رغم الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة وحالة الاضطراب الكبيرة التى سيكون لها تأثير كبير جدا الآن وفى المستقبل على المنطقة بالكامل.
جاء ذلك خلال لقاء الرئيس السيسى، مع طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية، خلال زيارته التفقدية التى أجراها فجر أمس إلى الأكاديمية داخل مقر قيادة الدولة الإستراتيجى بالعاصمة الإدارية الجديدة.
قال الرئيس عبدالفتاح السيسى للطلبة فى بداية كلمته أن الأكاديمية لم تعد مصنعا للرجال فحسب، بل أصبحت منارة لإعداد الرجال والسيدات، وبناء الشخصية المصرية المتزنة القادرة على مجابهة تحديات العصر فى مختلف مؤسسات الدولة، مشيدا بالدورات التى تقدمها الأكاديمية للكوادر المدنية وأهمية برامجها التدريبية والتعليمية التى تم تصميمها من كبار العلماء بالجامعات المصرية فى شتى التخصصات.
وأضاف أن الفكرة ليست فى التواجد بالأكاديمية لفترة معينة بل وراء هذا التواجد برامج ضخمة تم تصميمها بعناية من قبل متخصصين بكبرى الجامعات.
وحث الرئيس السيسى الطلاب على أهمية الاستفادة بكل لحظة خلال تواجدهم داخل الأكاديمية، سواء من البناء المعرفى أو الاستفادة البدنية، وكذلك العادات التى يمكن ضخها فى المجتمع، مؤكدا أن أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية عناصر منتقاة مؤمنة بالفكرة والهدف، ويقومون بدور عظيم فى جميع التخصصات والمجالات، مشيرا إلى الصعوبات التى يواجهونها من أجل تحقيق هذا الهدف، حيث يبدأ اليوم بالأكاديمية من الساعة الرابعة صباحا كل يوم، وكذلك يتعرضون إلى «الاستيقاظ المفاجئ» حسب التخطيط الموضوع، وأكد الرئيس أنه يعى تماما بأنه ليس أى أحد يستطيع القيام بهذا الدور الصعب أو الاستمرار فيه.
أوضح الرئيس أن الدولة استطاعت تجاوز كل التحديات فى هذه المرحلة وما زالت تحقق تقدما ملموسا رغم صعوبة الأوضاع الإقليمية، مشيرا إلى الظروف الجيوسياسية، ومنها الحرب فى قطاع غزة، أثرت سلبا على عائدات قناة السويس، وفقدت مصر بسببها أكثر من 8 مليارات دولار كانت عائدا مباشرا من القناة، إلا أن مسار الإصلاح الاقتصادى مستمر بشكل جيد، ونتقدم يوما بعد يوم، ليس بسهولة، ولكن بصعوبة ومعاناة يشعر بها الجميع، داعيا الشعب المصرى إلى مواصلة التضامن والتكاتف لتخطى الصعوبات وتحقيق التنمية المنشودة.
قال الرئيس إن مصر لا تعانى من نقص فى السلع أو المنتجات الغذائية، وأن الاحتياطيات الموجودة تكفي، مطمئنا الشعب المصرى بأن الأمور تسير بشكل جيد، وأن النجاح الذى حققته الدولة فيما يخص الاقتصاد وتحسين أحوال الناس هو محصلة جهد شعب وليس حكومة فقط أو قطاعاً واحداً من الدولة، ولكن محصلة جهد قطاعات الدولة بالكامل، مشيرا إلى أنه عندما تعمل جميع القطاعات بكفاءة وعلم ومعرفة، يتحقق الانجاز.
كما أبدى الرئيس اهتماما بالغا بالتقدم العلمي، مشيرا الى أن التطوّر الذى يحققه الإنسان جزء من سنن الكون التى وضعها الله سبحانه وتعالى وليست خارجة عن الترتيب الإلهى والتطور الانسانى الذى يحدث فى الوجود كله من يوم نشأة الكون وحتى الآن مقدّر تقديرًا دقيقًا من حكيم عليم خبير.
أوضح الرئيس أنه على سبيل المثال مواقع التواصل الاجتماعى كتير من الناس يرونها شرا ولكن فى حقيقة الأمر.. الشر فى طريقة استخدامها، لأن لها فوائد عظيمة جدًا، لو أحسنت استخدامها.
أشار إلى أنه ضمن قواعد وآداب الأكاديمية توجيه قطاع كبير من الموجودين معنا بإمكانية الاستغناء عن التليفون يوم كامل، وليلة كاملة، ويمكن شهور كاملة ولا يحتاج إلا فى توقيتات محددة ومحبذة.
قال الرئيس إن مواقع التواصل الاجتماعى تستخدم كسلاح لترويج الشائعات وهدم المعنويات، وتفكيك الصلابة، وهو ما يواجهه الشعب المصرى بوعى وإدراك متزايد، وحذر الرئيس من أنه ليس كل ما نراه أو نسمعه عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو حتى فى بعض وسائل الإعلام حقيقي، مطالبا بالانتباه جيدا حيث تمر المنطقة بأصعب وقت، وتستخدم كل وسائل التواصل والإعلام لإحداث التأثير المطلوب لإنجاح الخطط المطلوب تنفيذها، مشددا فى الوقت ذاته أنه لن يستطيع أحد هزيمة شعب.. «مفيش حد يقدر يهزم شعب.. مفيش دولة تقدر تهزم شعب»، يمكن هزيمة أفراد أو قطاعات، لكن شعب متماسك مؤمن بالله وبأهدافه وواثق بنفسه لا يستطيع أحد أن يهزمه أبدا، بشرط أن يكون الشعب فاهم وواعى وصلب ومستعد دائما للتضحية حتى لو وصل الأمر إلى التضحية بالحياة.
الشأن الخارجي، كان جزء مهم من كلمة الرئيس حيث أكد أن المنطقة العربية تعانى من ظروف صعبة واستثنائية منذ عام 2011، وليس فقط منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، مما يؤكد صحة ثوابت السياسة المصرية المرتكزة على التوازن فى العلاقات والبعد عن المؤامرات وعدم التدخل فى شئون الآخرين واحترام سيادة الدول والتعاون فقط فى البناء والتنمية والتعمير، وهذا وهو النهج الذى مارسته مصر ومازالت حتى الآن، ونرى نتائجه.
كما حذر من محاولات بث الفرقة بين الشعوب العربية عبر مواقع التواصل ووسائل الإعلام، مشيرا إلى أن الأسابيع والشهور الماضية استخدمت بعض وسائل الإعلام للإساءة بيننا وبين أشقائنا، بينما الحقيقة هى أن علاقتنا طيبة جدا، مؤكدا قوة العلاقات المصرية مع الدول العربية الشقيقة، وضرورة تجاوز الخلافات من أجل وحدة الصف العربي.
وحذر الرئيس السيسى من محاولات بث الفرقة بين مصر وأشقائها العرب، وطالب المصريين باليقظة والفهم، قائلا: «أى حد بيحاول يخليكوا تقعوا أو تختلفوا مع أشقائكم العرب ينشد الفرقة وينشد الضعف لنا جميعا، ونحن فى أحوج ما نكون الآن لأن نكون كلنا مع بعض.. تفتكروا ده الوقت المناسب للخلاف أو النزاع؟ مين يفكر بالطريقة دي؟».
شدد الرئيس على أن علاقات مصر قوية ومتزنة فى المنطقة العربية، ولا توجد أى مشكلة مع كل أشقائنا سواء فى المغرب العربى أو مع دول الخليج، مطالبا بالانتباه جيدا لأن هناك مخططا لأن نختلف مع بعضنا البعض، وأن نجعل هذا الاختلاف يبدأ على مستوى الشعوب، مؤكدا أننا أشقاء وسنظل أشقاء، وأن أمننا وأمنهم أمن واحد، والأمن العربى وحدة واحدة ترتبط به مصر ارتباطا وثيقا، وأن أى تدخل خارجى يهدف إلى الإضرار وزعزعة استقرار الدول العربية.
وحذر الرئيس السيسى المواطن المصرى والعربى بكل جنسياتهم من الانصياع للشائعات وحملات الهدم، مطالبا بأن نكون جميعا على قلب رجل واحد، ووجه حديثه قائلاً: أوعى يا إنسان يا مصرى يا سعودى يا إماراتى يا كويتى يا قطرى يا سوري، انتبه، نحن بحاجة إلى التكاتف من أجل أمتنا وشعوبنا، لقد رصدت فى الفترة الماضية محاولات للوقيعة بين مصر وأشقائها العرب الذين نحترمهم ونقدرهم ولا ننسى مواقفهم الإيجابية معنا، ولن ننساها أبدا.
وفيما يخص الوضع فى قطاع غزة، أشار الرئيس إلى أن مصر بذلت جهودا كبيرة منذ عام 2007 لتجنب التصعيد، مدركة أن الشعب الفلسطينى سيدفع الثمن فى أى مواجهة.
أوضح أن التدمير الحالى فى غزة غير مسبوق، وأن الدولة المصرية تواصل العمل من أجل وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، والتعاون لإطلاق سراح الرهائن والأسري، رغم حملات التشويه والتضليل التى تستهدف دور مصر المحوري.
قال الرئيس إن مصر تقوم بجهود متواصلة منذ 7 أكتوبر لإطفاء نيران الحرب، وتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وأيضا إطلاق سراح الرهائن والأسري، مشيرا إلى أن هذا الموضوع متعدد الأطراف، ونتعاون مع شركاء لوقف الحرب.
أشار الرئيس السيسى إلى أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت حملات ممنهجة من الكذب والافتراء والادعاء والتضليل والخداع لتشويه دور مصر، قائلا: «هو كل اللى شايفينه فى المنطقة ده ولسه متعلمناش إنه لا يصح إلا الصحيح؟ لسه بتكدبوا وبتخدعوا وبتحلموا أحلام غير قابلة للتحقيق أبدا؟»، مشيرا إلى أنه تطرق إلى هذه النقطة لأنه أحيانا الناس تصدق الكذب بسبب كثرة ترديده وضعف صوت الحق والحقيقة، ولذلك تنخدع الناس قائلا: «إحنا دايمًا بنقول إننا بالله ما بنخافش، – طب ليه ما بنخافش؟ – لأن اللى بيعمل حاجة غلط بيخاف ونحن نراعى الله سبحانه وتعالي.
أكد الرئيس أن أيادينا ليست ملطخة بدماء أحد، ولا بأموال أحد ولا بالتآمر على أحد، وهدفنا فقط هو البناء والتعمير والتنمية والإصلاح، مضيفًا أنه لا يخاف من التآمر، ليس لأننا أقوياء فقط، ولكن لأننا نؤمن بوجود الله، السند الأكبر فى الوجود، وبفضله سبحانه وتعالى لن يستطيع أحد أبدا يمس مصر أبدا.
صرح السفير محمد الشناوى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس تابع عقب كلمته الطابور الصباحى للياقة البدنية لطلاب الأكاديمية، حيث أشاد فى هذا الصدد بالمستوى الرفيع الذى يتمتع به الطلاب من حيث اللياقة البدنية والثقة بالنفس، والذى انعكس جليا فى أدائهم خلال التدريبات.
كما شارك الرئيس طلاب الأكاديمية العسكرية فى تناول وجبة الإفطار، حيث تبادل الحوار مع طلاب الاكاديمية، وتم التأكيد فى هذا السياق على أهمية التفانى فى التدريب والتحصيل العلمي، إلى جانب ضرورة الوعى بما يحيط مصر من أحداث محلية، وأزمات إقليمية، وتطورات دولية.
واختتم الرئيس الجولة التفقدية، متمنيا التوفيق والسداد لطلاب الاكاديمية العسكرية المصرية، وموجها رسالة شكر وامتنان إلى أسرهم الكريمة، تقديرا لدورهم فى إعداد جيل واعٍ، مؤهل لحمل رسالة الوطن، ومواصلة طريقه نحو مستقبل أكثر أمنا واستقرارا.
كان فى استقبال الرئيس لدى وصوله مقر الأكاديمية الفريق أشرف زاهر مدير الأكاديمية العسكرية المصرية، حيث بدأ جولته بأداء صلاة الفجر مع طلاب الأكاديمية، أعقبها لقائه المباشر معهم.