يعيش الأطفال اليوم في بيئة رقمية تحيط بهم منذ الولادة، أصبحت حياتهم بلا أجهزة رقمية أمرًا يصعب تصوره.. هذا الواقع أثّر على طموحاتهم المهنية، حيث كشفت أبحاث كاسبرسكي أن 50% من الأطفال المصريين المشاركين في الاستطلاع يرغبون في أن يصبحوا صناع محتوى في المستقبل.
هذا الطموح ليس مجرد فكرة عابرة، بل يتجسد في أن الكثير منهم بدأوا بالفعل في تطوير صفحاتهم الخاصة، مدفوعين باعتقادهم أن التدوين وسيلة سهلة لكسب المال أو أنها مهنة عصرية. ورغم ذلك، هناك دعم كبير من الأهالي؛ إذ يؤيد 74% منهم هذا التوجه أو لا يرفضونه على الأقل.
وبغض النظر عن آراء الأهالي، فإن عملية إنشاء صفحة على وسائل التواصل الاجتماعى، وإدارتها والترويج لها تُعد مهمة شاقة، لكنها في الوقت نفسه تمنح الأطفال مهارات قيّمة وتساعدهم على اكتشاف قدراتهم الإبداعية، لذلك أصبح تنظيم صناعة المحتوى الرقمي في مصر ضرورة ملحة، لمواجهة “الفوضى الرقمية” التي تقدم محتوى يتعارض مع ثقافة المجتمع، إن القانون والتنظيم هما السبيل الوحيد لوضع حد للتجاوزات التي تشهدها بعض المنصات وتتعارض مع قيم وأخلاقيات المجتمع. وقد تباينت آراء المستخدمين حول تهديد الحظر؛ فبينما يرى البعض أنه ليس الحل الأمثل، وأن التوعية هي الأجدى، يطالب آخرون بحماية المجتمع من المحتوى السلبي.
وقد اتخذت الدولة بالفعل خطوات عملية، مثل اشتراط تسجيل صناع المحتوى لدى وزارة المالية لضمان خضوعهم للضرائب والرقابة، وهذا الإجراء لا يتعارض مع دعم الدولة للاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات، إذ لا يمكن السماح باستغلال هذه المنصات لبث محتوى مفسد يتنافى مع قيم وتقاليد المجتمع المصري.
فقد أمهلت الحكومة المصرية منصة “تيك توك” ثلاثة أشهر لتحسين المحتوى المنشور بما يتماشى مع القيم والأعراف المصرية، وإلا ستواجه خطر الحظر الكامل في البلاد. يأتي هذا الإنذار بعد تقديم عدة بلاغات ضد المنصة.
كما قام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتنبيه إدارات المنصات المخالفة لحظر محتواها، وهو ما تم تطبيقه سابقًا بفضل قانون مكافحة الجرائم السيبرانية، والذى ينظم استخدام منصات التواصل الاجتماعي فيما يخص نشر المحتوى المؤثر في الأمن المجتمعي والقيم الأخلاقية.
وتتطلب هذه المنظومة وجود رقابة فعالة وتنسيقاً مع الشركات المالكة للمنصات، للامتثال للضوابط المحلية والالتزامات الضريبية، كما هو الحال مع القنوات التلفزيونية. ويعتبر توقيف عدد من صناع المحتوى مؤخراً “تطبيقاً عملياً للقانون ورداً على الاستغلال غير الأخلاقي لبعض المنصات بهدف التربح”.