ليس غريبا على جماعة الإخوان الإرهابية أن تتحالف مع الشيطان أن كان ذلك يحقق مكاسبها السياسية أو يضعف الدولة المصرية. لكن أن تبلغ بها الخسة حد الاصطفاف ولو ضمنيا مع الاحتلال الإسرائيلى ضد مصر، فذلك يكشف عن السقوط الأخلاقى الكامل لجماعة لم تكن يوما فى صف الوطن، ولا فى خندق القضايا العربية العادلة.
لقد كشف العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة منذ أكتوبر 2023 عن وجه الإخوان القبيح مجددا ففى خضم المجازر الإسرائيلية المتواصلة ضد المدنيين وفى الوقت الذى كانت مصر تبذل كل جهدها لإدخال المساعدات عبر معبر رفح، واسعاف المصابين وفتح مستشفياتها أمام الجرحى الفلسطينيين خرجت منابر الإخوان ومن يدور فى فلكهم لتحمل مصر مسئولية الكارثة، متجاهلة أن من أغلق المعابر وقصفها هو جيش الاحتلال لا الدولة المصرية.
الأكثر إثارة للغضب والسخرية أن هذه الدعاية الإخوانية تماهت تماما مع رواية الإعلام الإسرائيلي.. بل إن احتجاجات نظمت أمام السفارات المصرية فى الخارج بتخطيط ودعم مباشر من الحركة الإسلامية داخل إسرائيل، الذراع الإخوانية هناك، جرت بتنسيق مع سلطات الاحتلال التى لم تخف ترحيبها بالتحريض ضد مصر. لم نر مظاهرة واحدة أمام السفارة الأمريكية أو أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية أو حتى مكتب نتنياهو بل اختار الإخوان أن يصبوا غضبهم على القاهرة التى كانت ومازالت الرئة التى تتنفس منها فلسطين.
ما حدث فى تل أبيب يوم 31 يوليو 2025 مثال فج لهذا الانحراف فقد خرجت مظاهرة يقودها فرع الإخوان فى الداخل المحتل أمام السفارة المصرية، وسط حماية الشرطة الإسرائيلية، لاتهام القاهرة بـ «تجويع غزة» وفى مشهد عبثى لم يحمل المتظاهرون علم فلسطين بل ظهر بينهم من يرفع الأعلام الإسرائيلية! حدث ذلك على مرمى حجر من مقار الحكومة الإسرائيلية، دون أن يتجرأ أحدهم على رفع لافتة ضد الاحتلال. هنا فقط تتضح الأولويات: مصر هى الهدف لا إسرائيل. إسقاط الدولة المصرية هو الغاية، لا الدفاع عن غزة أو فلسطين.
ما لم يكن متوقعا هو أن ترى دول كبرى مثل الصين الصورة أوضح من بعض من يزعمون الدفاع عن القضية الفلسطينية فقد حذرت بعض الدوائر الصينية من أن هذه التظاهرات «مفتعلة وموجهة» لخدمة أجندات مشبوهة ووصفت التحركات الإخوانية بأنها جزء من عملية تضليل إعلامى وسياسى تهدف إلى تحميل مصر وزر ما ارتكبته إسرائيل. بكين نفسها تساءلت عن غياب أى حراك أمام السفارة الأمريكية أو أمام مقار صناع القرار الإسرائيلي، بينما تستهدف مصر تحديدا.
وتزامن ذلك مع تحركات سياسية فى واشنطن باتت تقترب من تصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابى إدراكا من صانعى القرار الأمريكيين لخطر هذه الجماعة، التى تتستر بعباءة السياسة بينما تحركها عقيدة عنف عابرة للحدود، وتمثل المرجعية الايديولوجية لتيارات إرهابية مثل القاعدة وداعش وغيرهما وقد سبق أن وصفت تقارير أمريكية الإخوان بأنهم «المرجعية الفكرية للإرهاب» وأنهم يتبنون استراتيجية تقوم على التخفى والتغلغل وصولا إلى التمكين بالقوة.
أمام هذا تبقى مصر رغم كل حملات التشويه على موقفها الثابت من القضية الفلسطينية لم تغلق أبوابها فى وجه الجرحى ولم تتخل عن دورها التاريخى فى الوساطة ولم تخضع لمخططات التهجير أو التصفية مصر لم تكن يوما تاجرا فى دماء الفلسطينيين كما يفعل الإخوان بل كانت دائما سندا لهم ولو كلفها ذلك هجوما ظالما من خصوم الداخل والخارج.
إن مصر التى صمدت أمام هذه الحملة المسعورة لن تنكسر فكما بقيت حامية للعروبة، مدافعة عن الحق ستظل شوكة فى حلق كل من باع قضيته وارتمى فى أحضان أعدائها، أما الإخوان فسيسجلهم التاريخ مرة أخرى فى خانة المتآمرين، لا المناضلين فى صف الخيانة لا الكرامة.