لا شيء يفوق الصحة والستر إلا سلامة الصدر، فيها تمام الإيمان والصبر وكمال الحمد والشكر، وخير دليل على ذلك ما جرى بين الأنصارى وعبدالله بن عمرو.
يعيش الإنسان بها راضياً فى دنياه، فائزاً فى أخراه، وتظهر علاماتها واضحة جلية على الوجوه والأبدان فتزداد بهاءً وإشراقاً.
وصدر كل شيء مقدمته، وصدر النهار أوله، وصدر الكتاب بدايته، وصدر القوم سيدهم.. والصدر هو الجزء الأمامى من جسم الإنسان الذى يحوى القلب والرئتين يقع أسفل العنق وأعلى البطن.
ويستخدم الصدر أيضاً بمعنى القلب لأنه يقع به أعلى الجانب الأيسر، وذات الصدور هى أسرار النفوس، وخفايا القلوب، والصدر الأعظم هو رئيس الوزراء فى الدولة العثمانية من أيام السلطان سليمان القانونى 1520 – 1566 يحمل خاتم السلطان ويرأس الديوان وأيضاً الاجتماع الشهرى للحكومة ويستقبل المسئولين وكبار الزوار، وبعد دستور 1908 أصبح مسئولاً أمام البرلمان وتم إلغاء هذا اللقب مع لقبى «الخليفة» و»شيخ الإسلام» بعد وصول كمال أتاتورك إلى الحكم فى تركيا 1923.
والقلب هو أقوى عضلات الجسم، تتوقف الحياة فى الجسم إذا توقف عن الخفقان، يضخ الدم إلى سائر أعضاء البدن عبر الشرايين، يحمل إليها الغذاء والأكسجين فينمو ويتحرك ويفيض بالصحة والحيوية، ويعود الدم من خلال شبكة الأوردة، يحمل المخلفات والمواد الضارة ليخرجها من الجسم مع هواء الزفير، ويعيد الكرة المرة بعد الأخرى مادام الإنسان على قيد الحياة.
والقلب هو وعاء المواقف والانفعالات، وهو مرآة لما يدور فى النفس من خير وشر.
والإيمان كما أخبر النبى الكريم «صلى الله عليه وسلم»: «ما وقر فى القلب، وصدقه العمل».
وقد دخل رجل من الأنصار الجنة لأنه يحمل بين جنبيه قلباً عامراً بحب الناس، راضياً بما قسم له الله ولا يخدع أحداً أو يحمل لمخلوق حقداً أو ضغينة.
وفى الحديث الذى رواه أنس بن مالك «رضى الله عنه» عن النبى «صلى الله عليه وسلم» قال لأصحابه «يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة» وتكرر ذلك على امتداد ثلاثة أيام.
وطلب عبدالله بن عمرو بن العاص من هذا الرجل أن يستضيفه ثلاث ليال ليعرف ماذا يفعل هذا الرجل ليقتدى به، فلم يجد شيئاً عظيماً أو جليلاً، لكنه لا يقول إلا خيراً، فلما أبلغه عبدالله بما كان من قول النبى «صلى الله عليه وسلم» قال له: ما هو إلا ما رأيت، غير أنى لا أجد فى نفسى على أحد غشاً ولا حسداً.
وأدرك عبدالله بن عمرو أن القلب السليم هو جواز مرور هذا الرجل إلى الجنة.. يقول الله فى محكم آياته: «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم» (الشعراء 88 – 99).