المتابع لحركة وأنشطة جماعة الإخوان يدرك أنّها كانت ولاتزال تحاول تهديد استقرار الدول وأمنها الداخلي، لا سيّما الدول المناوئة لها، التى تمثل نموذجاً للوسطية والاعتدال والتعايش مع الآخر، وذلك من خلال العمل على نشر الفتن واشاعة الفوضى والتحريض على العنف داخلها، وهذا ما جعل عدداً من تلك الدول مصممة على إدراج الجماعة ضمن قوائم العنف والإرهاب، على غرار مصر التى أدرجت الإخوان جماعة إرهابية بحكم قضائي.
وتشير دراسة حديثة صادرة عن مركز (تريندز للبحوث والاستشارات) حملت عنوان: «لماذا تحاكم الدول جماعة الإخوان؟»، إلى عدد من الأسباب التى تدفع الجماعة للاستمرار فى نشر الفتن داخل الدول، لا سيّما تلك الدول التى فشلت فيها سياسيّاً مثل مصر وتونس، أو تلك التى لم تستطع اختراقها فكريّاً وتنظيميّاً، على غرار العديد من دول الخليج.
ووفق الدراسة، لا تستطيع جماعة الإخوان العيش فى البيئات المستقرة سياسيّاً وأمنيّاً واجتماعيّاً، وإنّما تنمو وتترعرع فى البيئات المضطربة سياسيّاً واجتماعيّاً أو تلك التى تعانى من الصراعات الطائفية والعرقية والدينية، وهو ما يجعل الجماعة تُحرّض على نشر الفتن والفوضى فى الدول التى ترغب فى اختراقها تنظيميّاً، حتى تتمكن من مدّ نفوذها التنظيمى إليها، وذلك من خلال التحريض على الأنظمة السياسية فى البلاد، والطعن فى شرعيتها ، وقد يصل الأمر إلى التحريض ضدَّ الدول نفسها بدعوى المطالبة بالحرية والديمقراطية التى أبعد ما تكون جماعة الإخوان عنها.
الجماعة تحاول اختراق الدول عبر عمليات الاستقطاب والتجنيد، لإيجاد هذه الركيزة التى تمثِّل بالنسبة لها النواة الأولى لنموها وترعرعها داخل الدول والمجتمعات، وربما هذا ما أثار مخاوف العديد من الدول من وجود الإخوان على أراضيها بما فيها الدول الغربية، التى يُعرف بعضها بعلاقاته القديمة مع الإخوان على غرار بريطانيا، التى قال رئيس حكومتها الأسبق دافيد كاميرون فى 2015: إنّ بعض «أقسام حركة الإخوان المسلمين لهم علاقة ملتبسة جدًاً بالتشدد الذى يقود إلى العنف، وإنّها صارت نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات المرتبطين بالإرهاب، وإنّ حكومته ستعمل على مراقبة نوعية آراء وأنشطة أعضاء حركة الإخوان المسلمين فوق الأراضى البريطانية».
ووفقا للدراسة يشكّل مفهوم الدولة الوطنية معضلة حقيقية بالنسبة لجماعة الإخوان ، لكونه يتنافى مع أهدافها الأممية التى كرسّها حسن البنا داخل الجماعة، التى تهدف إلى السيطرة على العالم العربى والإسلامى بدعوى إعادة الخلافة الإسلامية التى سقطت عام 1924، وبالتالى فمفهوم الدولة الوطنية ومفهوم المشروع الوطنى يصطدم كليّاً بشكله ومضمونه مع نهج جماعة الإخوان ، حيث يتبنّى النهج الوطنى لدولة ما أو مجموعة أو حزب من مصالح الشعب والوطن الذى يوجد فيه هذا الشعب، بغضّ النظر عن انتماء هذا الشعب لإثنية أو عرق ما، لذلك يتعارض المفهوم الوطنى جملةً وتفصيلاً مع نهج جماعة أو حزب الإخوان المسلمين، بغضّ النظر عن المسمّى الذى يوجد فى هذه الدولة أو تلك.
الوصول إلى الحكم كان ولايزال فى حدّ ذاته غاية عند جماعة الإخوان وليس وسيلة، بمعنى أنّها لن تقبل أن يتولّى الحكم أيّ تيار أو فصيل سواها، حتى لو أعلن أنّه يطبّق الشريعة، لأنّ الجماعة تعتبر ُّ نفسها الوحيدة المنوط بها هذا الأمر، لذا ترى الوصول إلى السلطة وبناء حكومة إخوانية ركناً لا يكتمل بنيان الدين بدونه، وأنّ السعى لإقامة هذا الركن أصبح فرضاً لا مناص منه وأولوية تسبق أيّ مطلب آخر، وقد اعتبر (البنّا) أنّ «قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفّرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدى الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف»!!