العالم كله يعلم أن المعبر لم يغلق منذ أحداث «طوفان الأقصى»
حقاً إن شر البلية ما يضحك.. ولكنه ضحك مرير.. ثقيل ممزوج بالمغالطات والحمق والغباء.
هكذا ينظر العالم إلى تلك المظاهرات الإخوانية المفتعلة- والعميلة- ضد سفارات مصر بالخارج، خاصة سفارتها بالكيان الإسرائيلى فى تل أبيب بزعم انها تغلق معبر رفح لإدخال المساعدات إلى أهلنا فى غزة.. فى حين العالم كله يعلم أن المعبر لم يغلق قط منذ أحداث «طوفان الأقصى» فى أكتوبر 2023، وكان شريان تدفق المساعدات التى كان 80 ٪ منها من شعب مصر، حتى أغلقت إسرائيل نفسها المعبر من الجانب الفلسطينى، بعد تدميره والسيطرة عليه.
ورغم ذلك لم تتوقف المساعدات من الجانب المصرى عبر المشاركة فى عمليات الإسقاط بالطائرات، وكذلك المعابر الأخرى التى تقع تحت سيطرة الجانب الإسرائيلى وأبرزها معبر كرم أبوسالم وغيره، الذى تدفقت عبره أكبر القوافل من الشاحنات خلال الأيام الأخيرة بالتنسيق مع منظمات الإغاثة الدولية التى تعرقل إسرائيل القائمين عليها وتحول بينهم لاستمرار عمليات الحصار والتجويع كسياسة إسرائيلية ممنهجة لتنفيذ هذا المخطط الصهيونى الخبيث لإجبار الفلسطينيين على الاختيار بين البقاء والموت جوعاً، أو التهجير خارج أرضهم للنجاة بأرواحهم وضياع قضيتهم العادلة إلى الأبد.
فبأى مبرر عاقل يتشدق به هؤلاء المتظاهرون الحمقى الذين يتظاهرون فى ظل الحماية الأمنية الإسرائيلية ولا يستطيعون أن يرفعوا علم فلسطين، الذى نجحت مصر مؤخراً من خلال جهودها السياسية والدبلوماسية والرئاسية فى إقناع العديد من الدول الأوروبية ومنها من كان يؤيد إسرائيل تأييداً أعمى، لكى تعترف بقيام الدولة الفلسطينية؟!
>>>
بصراحة شديدة، لا أندهش لمواقف تلك الجماعات والفصائل الفلسطينية من مصر وسياستها المناصرة للشعب الفلسطينى منذ بدايات أربعينيات القرن الماضى، عندما كان هذا الكيان الإسرائيلى المحتل مجرد عصابات إرهابية تسعى لانتزاع الأراضى الفلسطينية من شعبها تنفيذاً لوعد «بلفور» وزير الخارجية البريطانى فى أوائل القرن وقبل قرار التقسيم ونكبة 1948 لتقسيم فلسطين، وحرب 1948 التى كانت بداية الحروب التى خاضتها مصر من أجل القضية الفلسطينية العادلة وحقوق الشعب الفلسطينى.
للأسف، كثيراً ما تعرضت مصر لتلك المواقف السياسية الحمقاء من قبل العديد من عناصر من يطلقون على أنفسهم المقاومة الفلسطينية، والجميع يعرف أن الكثيرين منهم كانت تحركهم مصالحهم السياسية الضيقة والمكاسب الشخصية وتعاملهم مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية «تجارية»، كما كان يتندر عليهم العديد من الزعماء والقادة العرب الذين تعاملوا معهم، وأخفقوا فى تحقيق مصلحة الشعب الفلسطينى واستعادة حقوقه، واستغلال الفرص التى أضاعوها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأراضى الفلسطينية التى مازالت إسرائيل تسعى لاقتناصها والبقاء عليها وزيادة رقعة المستوطنات الإسرائيلية التى لم تبق أرضاً بعد تدمير غزة والسيطرة فى الضفة والقدس لإقامة الدولة الفلسطينية.
>>>
للأسف، هذا هو قدر مصر أن تتلقى الطعنات من بعض الفلسطينيين، خاصة المنتمين منهم للجماعات المتأسلمة العميلة للكيان الإسرائيلى المحتل، والتى تسهم عن عمد فى تنفيذ مخططها فى طرد وتشريد الشعب الفلسطينى.. هذا هو سجلهم الأسود فى الجحود والنكران لتضحيات شعب وجيش مصر دفاعاً عن الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.
أتذكر «أنشودة مصر» التى غنتها المطربة وردة الجزائرية بكلمات حسين السيد وألحان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، والتى تقول بعض كلماتها:
«يا مصر العروبة.. دايماً فاتحة بابك يا مصر لأحبابك.. ومهما جرح الأحبة يقسى.. الأم دايماً تحب تنسى».
هذا هو قدر ودور مصر الكبيرة، الذى لن يغيره ويؤثر فيه مواقف الصغار والعملاء.