التطور التكنولوجى ألقى بظلال إيجابية على عالم صناعة الإعلام
لا جدال أن التطور التكنولوجى ألقى بظلال إيجابية على عالم صناعة الإعلام وساهم بشكل كبير فى تطوره واستحداث آليات جديدة باتت أكثر فاعلية وتأثيراً فى الرأى العام وأصبح من المتاح لأى شخص يمتلك هاتفاً محمولاً وصفحة على إحدى تطبيقات التواصل الاجتماعى أن يتحول لمراسل فى لحظات وتضحى صفحته منصة إعلامية تحظى بمتابعة الملايين إذا قام بطرح ما يجد قبولاً لديهم.
هذه الحالة خلقت نوعاً من الزخم الإعلامى وإزاء ما يمكن أن يحققه البعض من مكاسب نتيجة تزايد عدد المشاهدات لما ينشره دخل الجميع فى سباق من أجل الفوز بلقطة قد تكون سبباً فى الشهرة والانتشار بغض النظر عن الأخلاقيات التى تفرضها علينا بعض الأحداث كاحترام حرمة المتوفى كما يحدث فى جنائز المشاهير والتى تتحول إلى حالة خانقة لأهلية المتوفى والمترددين عليه لتقديم واجب العزاء من كثرة المتسارعين على التقاط أى مشهد دون مراعاة لمشاعر أحد وهو الموقف الذى تنهال معه اللعنات على الصحافة والعاملين فيها وهم فى الأساس أبرياء من كل ما يحدث.
ومع اختلاط الحابل بالنابل وإطلاق مصطلح إعلامى على كل من هب ودب لمجرد أنه يمتلك منصة إعلامية بات الإعلام مسخاً أو نوع من الهراء إزاء هؤلاء الذين تصدروا المشهد لمجرد أنهم يمتلكون منصات إعلامية يتابعها الملايين بغض النظر عن المحتوى المعروض.
وأمام هذا المشهد العبثى لم يكن غريباً انتشار نوعية غير مألوفة من البشر جميعهم جاءوا من قاع المجتمع والقاع هنا معياره أخلاقى يرفعون شعار العهر والإسفاف ولا معنى للحياء أمام أفعالهم والغريب فى الأمر أنه رغم الأسلوب المقزز لما يعرضون علينا إلا أن متابعينهم بالملايين الأمر الذى يضع علامة استفهام كبيرة عن سبب متابعة شخص بذئ اتخذ من العهر وسيلة له للانتشار فى مشهد يدق ناقوس الخطر لإنهيار المجتمع.
ومع تزايد هذا الإسفاف الذى استباح كل شىء فى المجتمع ودمر الأعراف والتقاليد وحطم الأخلاق وضربها فى مقتل كان لابد من تحرك أجهزة الأمن التى وجهت ضربة قوية لمروجى هذا العهر على منصات التواصل الأمر الذى لاقى ترحيباً كبيراً من رواد نفس المنصات التى كان يتابعهم عليها الملايين لنجد أنفسنا فى حيرة من هذا التناقض.
وسط هذه الحالة جاءت زيارتى الأولى بصحبة أوائل الثانوية العامة لمدينة زويل العلمية فى واحدة من الرحلات الداخلية التى تنظمها جريدة «الجمهورية» قبل انطلاق رحلتهم السنوية لأوروبا تكريماً لهم على تفوقهم.
جلست أتأمل هذا الحوار بين الدكتور إبراهيم الشربينى رئيس جامعة زويل وأوائل الثانوية العامة وهو يحكى لهم مقتطفات من رحلة عالم ويتحدث بفخر عن خريجى هذا الصرح العلمى ليفتح طريق الأحلام أمامهم فى بناء مستقبلهم وقد أبدى البعض رغبتهم فى دراسة العلوم المختلفة.
تأملت سما ومريم وهمس وإبرام وياسمين وزينة ومى أوائل الثانوية العامة وهم يتحدثون عن المجالات التى اختاروها لبدء حياتهم الجامعية فى مقابل ألفاظ وإيحاءات أم سجدة وأم مكة وسوزى وشاكر مشاهير التيك توك الخادشة للحياء وأنا فى قمة الحزن أن يعتلى هؤلاء سلم الشهرة فى حين يغيب من يستحقون الشهرة الحقيقة عن المشهد لأغمض عينى وأحلم باليوم الذى سيستعيد الإعلام رايته ويعود ليعطى الحق لأصحابه.