من الشواطئ للمزارع.. والشوارع والورش.. قصص كفاح بامتياز


مع فصل الصيف وزحمة الشوارع وتحت لهيب الشمس الحارقة، يتواجد بقوة شباب من الجنسين بعزيمة لا تلين، سعيا وراء لقمة العيش بكرامة وإيثار رغم الرطوبة واللهيب.
يتحدون الحر الخانق… يقاومون احباط الرطوبة ..إجازة الصيف بالنسبة لهم مساحة للعمل والأمل رغم المعوقات.
شبابنا المكافح جنود مجهولون فى معركة الحياة اليومية..لا يسعون وراء شهرة ولا يعبأون بتريند..يعملون ويكافحون ويستحقون كل الاحترام.
من بائع التين وغزل البنات على ناصية الطريق، إلى العامل فى الفرن، ومن الميكانيكى إلى عاملات النظافة وعمال البناء والمزارعين ..
تتعدد الأدوار وتتوحد الغاية.. كسب الرزق بالحلال. إنهم شباب، اختاروا الكد والاجتهاد على الاتكال، ترتسم على وجوههم قصص كفاحٍ ترويها قطرات العرق على الجبين.
«يلا شباب» قابلتهم فى أماكنهم من المزرعة إلى الشاطئ ومن الكومباوند إلى الشارع لتعرفكم على شباب الشمس ترسم على وجوههم حكايات.
وسط غابة من الرجال، اختارت دعاء -32 سنة -وأم لثلاثة اطفال أن تكون عاملة نظافة فى «كومباوند» بالشيخ زايد .. المرأة الوحيدة لكنها لا تعبأ بنظرات الاستغراب أو الاشفاق أثناء عملها تحت الحرارة الملتهبة تتحالف مع رطوبة خانقة
تتنقل هنا وهناك، تجوب الشوارع يوميا ماعدا يوم إجازة كل أسبوع يحدث بالتناوب مع الزملاء..بينما يبدأ عملها فى الساعات الأولى من الصباح، المكنسة رفيقة الدرب، وكل همها إعادة الشوارع نظيفة حتى ترضى ضميرها و تطعم اسرتها بالحلال كما تؤكد ..
دعاء بدأت العمل بعد تعرض زوجها لحادث سير أفقده القدرة على العمل وصرفت كل ما يملكون لعلاجه.. لأنه يحتاج علاجاً مستمراً بالإضافة إلى طلبات الأطفال و احتياجات البيت التى لا ترحم ..تقول :عملت بالنظافة فى عدة بيوت لكن لم أرتح لتعامل البعض باستعلاء ووجدت أن شركة النظافة تصون كرامتي.. أعانى من العمل تحت الحرارة الشديدة لكنى أتغلب على السخونة بارتداء «قبعة» تقينى الشمس وأبللها بالماء من حين لآخر حتى تمتص الحرارة لكنى أرفض التقصير فى العمل.
وفى احدى القرى السياحية بالعين السخنة شاهدنا 3 شابات يمسكن «مقشات» ويرتدين «سترات فسفورية» وتوجههن المشرفة والجميع يعمل بجد بينما المصطافون يتمتعون بالبحر..
قالت إحداهن شيماء سعد «طالبة بأحد المعاهد المتوسطة» بالسويس:
قدمت للعمل بشركة نظافة باليومية خلال الإجازة لتساعد والدها واخواتها فى مراحل التعليم وتعودت على العمل تحت الشمس وعندما تستلم يوميتها يزول كل تعبها لأنها ادت ما عليها .
وتضيف زميلتها هبة صابر -دبلوم متوسط- تعرفت على الشركة من قريبة لها وتشكو من الرطوبة المرتفعة التى تزيد كم الإحساس بالحرارة وتؤثر على تنفسها لكنها تقاوم كل ذلك لتساعد فى تجهيز نفسها للزواج وتسعى لتقترب الفرحة.
أما ثالثتهن رحاب جعفر – دبلوم زراعى -فضلت العمل بالمشاتل لكنها لم تجد فرصة سوى فى شركة النظافة ومسئوليتها تقليم الاشجار وريها يوميا من الصباح الباكر حتى الخامسة مساء
وتستعين على الحر بغسيل وجهها أكثر من مرة لتجدد طاقتها
كفاح على الشاطئ
وعلى الشاطئ كان مجموعة من الشباب يرتدون الشورت والتيشيرت للقيام بالمهام: هذا ينظم الكراسى تحت المظلات وينظف الرمل ومنهم من يحمل صندوقا زجاجيا و يتجول على الشاطئ يبيع «فريسكا.. فريسكا» ومنهم من يحمل لعبا للأطفال.
أسامة سعد من قلين كفرالشيخ -بكالوريوس تجارة- جاء للعمل صيفا.. يبيع لعب الأطفال والألعاب المائية ويحظى باحترام المصطافين يطلبون منه الاستراحة وقت الظهيرة لكنه يخبرهم «أكل عيشى وربنا الحافظ من الشمس وغيرها».
أما عصام فريد ويحيى خليل ورجب الفهد الذين تتراوح أعمارهم من أواخر العشرين وحتى منتصف الثلاثينات .. كونوا شركة «على القد» لتأجير الدراجات الهوائية والالعاب المائية ويتنقلون بين الشواطيء كل عام بحثا على لقمة حلال.
يعملون تحت الشمس لكنهم يكثرون من شرب المياه لتعويض ما يبذلونه من مجهود أو يخرج منهم من عرق .
لهيب الفرن
أمام الفرن البلدى يقف صلاح الملاح « 27 سنة» بكالوريوس زراعة زقازيق والعرق يتصبب من جسده النحيل .. يبدأ عمله من السابعة صباحا امام الفرن ويقوم بالخبز ثم توزيع العيش ورصه على الأقفاص «للتهوية» ولاحقا تعبئته للزبائن.. يدرك أنه يتعرض لحرارة مضاعفة لكنه يتمسك بعمله الذى بدأه من أيام الدراسة أحيانا يتعرض للإصابة بالدوار بسبب الحرارة الشديدة لكنه تعود على تناول مسكنات ليعود لعمله بسرعة.
غزل البنات
وفى حر الصيف يتواجد الباعة الجائلون فى رحلة البحث عن الرزق بهمة يتحركون أيا كانت درجة الحرارة..يحملون بضاعتهم.
فهذا «محمود محمد» الشاب العشرينى ذو الملامح السمراء وحضر من محافظته قنا بقلب الصعيد ليتجول فى شوارع المحروسة بحثا عن لقمة العيش ممسكا بعصا خشبية يحملها فوق كتفه وعليها أكياس «غزل البنات والبلالين» يطلق زمارته مناديا على الأطفال لشراء حلواهم المفضلة.
قال إنه اضطر لترك التعليم ليساعد والده فى تربية إخوته واختار القاهرة محلا لعمله أسوة بأقاربه الذين يعملون بها بمهن مختلفة.
يقاوم الشمس بحلاوة بضاعته و يفضل العمل على الجلوس فى البيت انتظارا للعطف أو المساعدة.
عصير للعطشان
رضا فهمى -ليسانس آداب -يتجول فى الشوارع مصطحبا عربة صغيرة عليها أوانى «ستانلس» بداخلها أنواع من العصير المثلج.. جاء من سوهاج ولأنه أسرته تمتلك محلات لبيع العصائر فى القاهره والجيزة.. فضل أن تكون هذه العربة الصغيرة مشروعه الخاص.. يعمل بحرية ويجهز العصير للعطشان.
سكر يا تين
وكعادة الباعة المحترفون.. وقف على أول الشارع شاب نحيف وأمامه عربته الخشبية يلمع فوقها ثمار التين الشوكى ومعه جردل مياه وسكين ينادى «معايا التين السكرى اللذيذ».
اسمه مختار فهمى من أسيوط – ليسانس آداب فلسفة- جاء للعمل فى الجيزة واستغل موسم التين الشوكى حيث التكلفة بسيطة والمكسب كبير يعمل أغلب وقته بالنهار وكلما «جبر» بدرى شعر بالسعادة يختار «حتة ظل» ويستخدم الثلج لحفظ التين والترطيب من الحر.
رجال للبناء
وعلى الطريق وقف ضاحى مغازى -معهد فنى تجاري- 35 سنة وصديقه باهى أحمد -دبلوم تجارة- 31سنة – يعملان فى المعمار ولديهما معدات لعزل الاسطح من الرطوبة.. جاءا معا من أسيوط للعمل باليومية فى المعمار.. أغلب عملهما تحت حرارة الشمس لكنهما لا يشكيان ويؤكدان أن الخالق يحفظ الشقيان.
بينما يعمل عادل فهمى شاب عشرينى وصديقه صــابر مصطفى فى محل لتصليح كاوتش السيارات و يتطلب التواجد فى الشارع وتحت أشعة الشمس ومع ذلك تعودا على الحر والحرارة أفضل من التسكع فى الشوارع أو الجلوس على المقاهي.
على الزراعية
وتستمر سيمفونية العمل بالأراضى الزراعية والمثال فى كفرالشيخ ينتظر الشباب فى مراحل التعليم موعد الإجازه الصيفى للعمل باليومية فى جمع المحاصيل او متابعة الزراعات ليتمكنوا من مساعدة اسرهم وتلبية احتياجاتهم.. يلبسون «البرنيطة» التقليدية تحميهم من الشمس وتقويهم على العمل.