لم يعد خافيا أن مصر تتعرض لحملات عدائية ممنهجة عبر وسائل الإعلام الحديث موظفةً كل أساليب الاحتيال وقلب الحقائق، مصر التى طالما ساندت القضية الفلسطينية ووقفت حائلا دون تصفيتها مرات و مرات, هناك الآن من يتهمها زورا و بهتانا بأنها السبب فى الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة و يدعى كذبا أن مصر تغلق معبر رفح من جانبها, وهم يعلمون والعالم كله يعرف ويرى بأم عينيه عبر الكاميرات التى تصور كل كبيرة وصغيرة أن مصر لم تغلق معبر رفح من جانبها يوما, فوفقا لاتفاقية المعابر الموقعة فى 2005 معبر رفح البرى له جانبان, جانب مصرى وجانب فلسطينى فى غزة, ومنذ 7 أكتوبر2023 لم تغلق مصر قط جانبها الذى تصطف أمامه طوابير سيارات المساعدات فى انتظار فتح الجانب الإسرائيلى للبوابة الفلسطينية التى قُصفت وهُددت أى سيارة مساعدات بأنه سيتم إطلاق النار عليها حال مرورها، إلى أن احتلت إسرائيل الجانب الفلسطينى من المعبر ومحيطه فى 7 مايو 2024 ليتحول طرف المعبر من هذا الجانب إلى طرف محتل ومدمر, وما كان من مصر الحريصة على السيادة الفلسطينية على غزة والتزاماً باتفاقية المعابر إلا أن رفضت التنسيق مع إسرائيل بشأن المعبر لعدم شرعنة احتلاله.
خليل الحية رئيس حركة حماس فى قطاع غزة خرج مؤخرا فى كلمة مسجلة وناشد الدول العربية بالانتفاض نصرة للقضية وفى معرض حديثه عن مصر قال نصا إن الاحتلال دمر بوابة معبر رفح من الجانب الفلسطينى وجعله غير صالح للعمل و حوله من شريان حياة إلى ممر للموت, هذا غير أن معبر رفح نفسه عندما كان يعمل من الجانبين فهو معبر للأفراد و ليس للبضائع وهناك ست معابر أخرى من جانب الاحتلال تستطيع أن يدخل منها الشاحنات المصطفة بالمساعدات إن إراد , لكن الاحتلال يتعمد سياسة التجويع التى اعترف بها العالم كله بما فيهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مؤخرا بعد انكارها مرات.
تنظيم الإخوان الإرهابى الذى يريد لقطة للفوضى من جديد فى مصــر لا مانع لديه من الاتحاد مع الاحتلال الإسرائيلى لترويج رواية أن مصر تغلق المعبر وينظم مظاهرات أمام سفارات مصر فى العواصم الأوربية ولم يجرؤ عنصر من عناصره الهاربين أن يقف أمام سفارة الاحتلال فى أى دولة أو سفارة الولايات المتحدة التى تدعم الاحتلال على طول الخط, وكأن مصر هى التى تحارب الفلسطينيين فى غزة!
ما يحدث الان من حرب دعائية على مصر يثبت أن المقصود كان ومازال هو الدولة المصرية التى لا تزال متماسكة رغم تفكك الدول من حولها, جربوا معها الإغراءات الاقتصادية ومصر رفضت عرضوا عليها مليارات الدولارات ورفع الديون لكن الرئيس السيسى قالها صريحة «تهجير الفلسطينيين من أرضهم ظلم لا نشارك فيه», مصر تتعامل بشرف فى زمن عز فيه الشرف.
العالم كله يشهد أن مصر هى الدولة التى تحملت العبء الأكبر فى دعم الأشقاء فى قطاع غزة، منذ اللحظة الأولي، وأظهرت إصرارًا على إدخال المساعدات الإنسانية من خلال معبر رفح، الذى لم يغلق مرة واحدة من الجانب المصرى.
توقيت هذه الحملات العدائية ضد مصر له دلالة مهمة حيث يشهد العالم حراكا سياسيا كبيرا الآن يضيق الخناق على إسرائيل بعدما اعترفت العديد من الدول بأن هناك إبادة جماعية وتجويعاً يمارسه الاحتلال فى قطاع غزة, والعالم ينظر إلى إسرائيل كدولة منبوذة, هذا إلى جانب الحراك العالمى حول «حل الدولتين» و نية العديد من الدول الاعتراف بفلسطين فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر القادم بما فيهم فرنسا و بريطانيا, ومن ثم فهذه الحملات تهدف إلى تضليل الرأى العام وإبعاد الأنظار عن القاتل الحقيقى.
مصر ليست فى حاجة للدفاع عن نفسها، لأن مواقفها وأفعالها ترد بشكل حاسم، مصر لا تتاجر بالقضية الفلسطينية كما يفعل البعض، بل تقدم الدعم الثابت منذ بداية الأزمة وحتى الآن, و فتحت كل أبوابها لمن يريد التبرع لخدمة القضية الفلسطينية, والعالم الآن يسمع و يري, ومصر الكبيرة عندما « تتحدث عن نفسها» بقول شاعر النيل حافظ إبراهيم تقول: «ما رَمانى رامٍ وَراحَ سَليماً..مِن قَديمٍ عِنايَةُ اللَهُ جُندي».