كان السؤال لماذا فشل هذا الفيلم وتم سحبه من «العرض» وبطله ممثل عالمي؟.. وهناك من الافلام ما توفرت لها ميزانيات ضخمة باسماء لامعة.. وتفوقت عليها نوعية من الافلام البسيطة بفنانين فى اول الطريق وصمدوا واقبل عليهم الجمهور خاصة من هم فى اعمارهم.. واكبر مثال على ذلك فيلم «الحريفة» عندما نزل الجزء الأول منه لم تكن الناس تعرف سوى نور النبوي.. وبقصة بسيطة.. رغم أن الافلام التى تدور فى ملاعب الكرة لم تنجح كما ينبغى بنجوم الصف الاول.. الا من اتخذ الكرة مجرد اطار لقصة اجتماعية وهذا ما فعله وحيد حامد فى فيلم «غريب فى بيتي» بطولة نور الشريف وسعاد حسني.. اما سائر الافلام الاخرى فقد رآها المتفرج مجرد نكتة.
وقلت سابقا إن نجاح الحريفة له اشارات اولها أن كريم عبدالعزيز وأحمد عز والسقا.. دخلوا فى شريحة عمرية اكبر واولادهم فى سن النبوى وعزمى وكزبرة.. لذلك ذهب الشباب إلى الاقرب سنا اليهم.. ومن هنا نجح ايضا طه دسوقى وعصام عمر واحمد داش وهدى المفتي.. وهذه سنة الحياة وتأكيدا لهذه الظاهرة نجد ان تركيبة ابطال الفيلم الواحد اتخذت شكلا جديدا هو عدم الاعتماد على اسم واحد.
بعكس ما كان يحدث مع نبيلة عبيد ونادية الجندى وعادل إمام ونور الشريف ومحمود ياسين ومحمود عبدالعزيز وحسين فهمي.. فيما هو معروف بنجم الشباك.. يذهب اليه المتفرج ثقة فيه وقد انتهت برحيل من رحل واعتزال عادل إمام.
وفى السينما الاجيال تحل محل بعضها البعض.. وهى ظاهرة معروفة بعد عماد حمدى ورشدى اباظة وشكرى سرحان.. جاء الجيل التالى ثم ظهر كريم وعز والسقا.. وها هى الدائرة تدور ليظهر شباب جديد وقد حاول المنتجون عمل توليفة.. بتواجد الشباب مع الاكبر سنا الذين اقتربوا من الستين وان انكروا ذلك بالمظاهر الخارجية.
حكاية مينا
ظاهرة مينا مسعود المصرى الاصلى ويعيش فى كندا.. وله اسمه بعد فيلم علاء الدين.. وتواجده فى امريكا لا يعنى انه «عالمي».. الا إذا مضى على طريق عمر الشريف.. وتواجد فى باريس وروما وبرلين ولندن ونيويورك.. مع الفارق فى التجربة وظروفها.. لان عمر خرج من مصر.. يغزو العالم ونجح.. بعكس مينا المولود هناك اصلا وتجربته فى فيلم «فى عز الضهر» تستحق وقفة.. لانه حقق فى 37 يوماً 5 ملايين و760 الف جنيه وتم سحبه من دور العرض.. وما اعتبره البعض مفاجأة هو فى رأيى الخاص أمر طبيعى لانه ظهر فى دور يستطيع أى ممثل مصرى أن يؤديه ومسألة المافيا والصراعات عدت على السينما المصرية.. ثم انه ظهر فجأة بدون تمهيد أو علاقة بينه وبين الجمهور أى بضاعة مستوردة وإن كان اصلها مصرياً وهو أمر غير مضبوط تماما لان الفتى ولد فى كندا ويعيش فيها والاعتزاز بالانتماء لمصر ولو عن بعد يحسب له وهذا حقه.. على عكس فنان متواجد مثل الفارق بين الطفل الطبيعى واطفال الانابيب.. وهذا لا يقلل من شأن مينا وموهبته وشهرته.. لكن الجمهور قال كلمته القاطعة فى ذلك فلم يستمر الفيلم بينما تضاعفت ايرادات افلام الشباب الاخرى حتى ان الجيل الاكبر لجأ اليهم ووجدنا هنا الزاهد مع اميرة كرارة فى فيلم «الشاطر» ثم مع تامر حسني.. وكان الحل الاوسط اللجوء إلى الاكشن الكوميدى وهكذا فعل السقا فى فيلم «أحمد وأحمد» مع فهمي.. والسؤال هنا وماذا يعنى تواجد كريم عبدالعزيز بفيلمه «المشروع X».. وهو اكشن وحقق ايرادات عالية.. والجواب: لان فيه ما هو جديد حول الاهرامات والآثار.. وتم تصويره فى عدة دول.. والاماكن التى لم تألفها العين وتدهشها.. تلعب دورها.. ويكون لها أثرها فى صورة الفيلم وأحداثه ونرى ياسمين صبرى غواصة لكن هذا لا يعنى ان افلام الاكشن لها نفس القبول عند الجمهور لان الاحداث التى نعيشها على الطبيعة فيها من الاكشن والدم والعنف ما فيه الكفاية.. ونظرة إلى ما نراه فى غزة من اشهر عديدة يكفي.. وامتداد ذلك فى البحر الاحمر وايران والسودان.. وصواريخ تعبر سموات الدول وتفجيرات ودمار وحرائق وقتل حولت نشرات الاخبار إلى اكشن طبيعى والناس دائماً تبحث عن شيء مختلف وتسعى إلى الفن لانها تجد فيه ما يهون عليها امور حياتها.. ويأخذها إلى البعيد عن الواقع.. ويكشف لها الدنيا بنظرة جيدة.. لذلك أصبحت الكوميديا فى الوقت الحالى هى البضاعة الرائجة ولكنها ليست كذلك على طول الخط لأن ما يشاهدونه على مواقع التواصل الاجتماعى والتيك توك، ربما فيه من الضحك ما هو أكثر بكثير مما يشاهدونه فى الفيلم أو المسلسل، خاصة عندما يتحول الممثل إلى نمط أو نموذج يتكرر فى الحركة والإيفيه وإن اختلف اسم الفيلم وموضوعه.
بالنظر إلى أفيشات الأفلام المعروضة حاليا وفى الأشهر الأخيرة وذلك من إيرادات العيد والاجازات لأنها ليست مقياساً، والعبرة بالاستمرارية، وقدرة الفيلم على أن يعيش مهما مر عليه من زمن، بدليل أننا نشاهد عشرات المرات أفلاماً قديمة أصبحت علامات فى تاريخ السينما المصرية والعربية «الزوجة الثانية، اللص والكلاب، شيء من الخوف، البوسطجي، شباب امرأة، الطريق، صراع فى النيل، كلمة شرف» ثلاثية محفوظ بتوقيع حسن الإمام «بداية ونهاية» وأفلام اسماعيل ياسين وفيها البراءة تكسب اللوع والاحتيال والجبروت، وهى تركيبة إنسانية بطعم الضحك.
لذلك أتوقع أن نرى فى القريب نوعية مختلفة من الأفلام، لأن ما يتم تقديمه على المنصات غير ما يتم عرضه فى دور السينما، وتركيبة الأكشن والكوميدى معاً، سيكون لها الصوت الأعلى والحضور الأقوى بصرف النظر عن اسماء الأبطال.
سؤال ضرورى
من هو الممثل العالمي؟، هل الذى شارك فى فيلم أوروبي- أمريكى بصرف النظر عن حجم الدور، لأنهم يحتاجون إلى ممثل عربي؟
أم هو الممثل الذى جاءت إليه هوليوود تسعى وأصبح اسمه يتردد على كل لسان فى العواصم الأوروبية والأمريكية وسائر أنحاء العالم؟
هل هو الذى شارك فى احتفالية تمت فى أوروبا أو تم اختياره فى افتتاح مهرجان أو قيلت عنه كلمة كده أو كده؟
هل الحصول على جائزة مدفوعة مسبقاً وتجارية الصبغة للترويج للأغاني، هى جائزة عالمية فعلاً أم أشبه بالدكتوراه الفخرية وشهادات التقدير التى يتم توزيعها فى وسائل المواصلات مثل النعناع والمناديل؟!
العالمى زويل، محفوظ، يعقوب، صلاح، عمر الشريف،هاني عازر.. فليس كل ما يلمع أمامك من الذهب.