مواقف أوروبا تتغير بشكل إيجابى من القضية الفلسطينية.. فرنسا تعلن اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة فى سبتمبر القادم.. ثم بريطانيا تتخذ خطوة مماثلة وتأكيدها على ضرورة تفعيل حل الدولتين. ومن قبلهما اسبانيا والبرتغال وايرلندا والنرويج وغيرها من البلدان الأوروبية.. وكلها مواقف إيجابية تصب فى مصلحة دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وقد رحبت مصر بشدة بهذه المواقف الشجاعة والعادلة للحكومات الاوروبية ودعت مصر كل دول العالم إلى اتخاذ مواقف وقرارات مماثلة والضغط على إسرائيل للاعتراف بالدولة الفلسطينية كحل عادل للصراع العربى الإسرائيلى الذى يمتد على مدار مايقرب من ثمانية عقود.
نعم أوروبا تتغير وتسير فى الاتجاه الصحيح نحو قضية العرب الأولى ليس فقط على مستوى الحكومات بل على مستوى البرلمانات والمنظمات الأهلية.. فمثلا نجد مواقف الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط تجاه القضية الفلسطينية واضحة ومشرفة للغاية حيث تؤيد حق الشعب الفلسطينيفى تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية على الأرض المحتلة قبل عدوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. كما أدانت الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية الواسعة فى قطاع غزة مطالبين بتقديم أعضاء الحكومة الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية ومؤكدين دعمهم للثوابت المصرية بشأن القضية الفلسطينية خاصة ما يتعلق برفض تهجير الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
وفى هذا الاطار جاء فوز مصر برئاسة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط ليمثل انتصارا كبيرا للدبلوماسية البرلمانية المصرية وفى نفس الوقت يأتى تتويجا لجهود ممتدة ومكثفة لوكيل مجلس النواب النائب محمد أبو العينين والذى يتميز بعلاقات قوية وايجابية برؤساء برلمانات دول الاتحاد من أجل المتوسط.. وكنا نتمنى إن يتحقق هذا النصر البرلمانى الدبلوماسى المصري فى ظروف عادية طبيعية حتى يؤتى ثماره التنموية على شعوب المنطقة.. لكنه جاء فى ظل ظرف دقيق تمر به المنطقة الأورومتوسطية والتى تموج بتحديات تهدد أمن دولها وتقوض جهود التنمية فيها وهو ما يفرض علينا جميعًا تنسيق أنشطتنا وتوحيد جهودنا من أجل مواجهة هذه التحديات.
وقال النائب محمد أبو العينين أن مصر سعت بقوة منذ اشتراكها فى تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط لترسيخ مفهومى الملكية المُشتركة والمسئولية التضامنية لتحقيق النمو والرخاء لشعوب المنطقة من خلال تواجدها بفاعلية وحضور قوى ومؤثر فى كافة محافل الاتحاد من أجل المتوسط وأنشطته، وقال أن الشعبة البرلمانية المصرية حرصت على المشاركة الفاعلة فى أنشطة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط منذ تأسيسها باعتبارها قناة مهمة للتواصل والحوار وتبادل الرؤى بين البرلمانيين ممثلى شعوب الاتحاد من أجل المتوسط
وقد أشار وكيل مجلس النواب المصرى خلال تسلمه رئاسة البرلمان المتوسطى إلى صعوبة ودقة الظرف العام الذى تعيشه منطقة حوض المتوسط منذ السابع من أكتوبر قبل الماضى وبدء العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة وقال أنه على الرغم مما حققه الاتحاد من أجل المتوسط من العديد من الإنجازات على صعيد البرامج والمشروعات التنموية ذات البعد الإقليمى الهادفة لتحقيق الإندماج بين الدول الأعضاء فى الاتحاد إلا أن المرحلة الحرجة التى يمر بها الشرق الأوسط جراء العدوان الغاشم للاحتلال الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة والذى يرقى لمستوى الإبادة الجماعية فضلًا عن إصرار إسرائيل على المُضى قُدمًا فى توسيع دائرة الصراع الإقليمى يحول دون إتمام التعاون المنشود بين دولنا جميعًا، فلا تعاون حقيقيا دون إرساء لأسس السلام العادل والدائم فى الشرق الأوسط حجر الزاوية فيه حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف فى إقامة دولته المستقلة على أرضه على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، مؤكدًا أن الدبلوماسية المصرية بشقيها الحكومى والبرلمانى تُغلب لغة الحوار والتعاون باعتبارها مُرتكزًا رئيسيًا لتحركاتها الهادفة لدعم الأمن والاستقرار الإقليمي.
واذا كنا نقول ان اوروبا تغيرت وتتخذ مبادرات عادلة نحو تفعيل حل الدولتين فقد آن الأوان أن تتخلى الولايات المتحدة عن انحيازها السافر لإسرائيل وتنضم للمنظومة الدولية التى تكاد تجمع حاليا على ضرورة اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة جنبا إلى جنب مع الدولة الإسرائيلية وهو المطلب الذى تنادى به مصر وكل الشعوب المحبة للسلام العادل كبديل لامفر منه لتحقيق الاستقرار فيمنظقة الشرق الاوسط وإبعاد شبح الحرب والدمار وسفك الدماء.