نقترب خطوة بخطوة من إتمام أحد أهم الاستحقاقات الديمقراطية، انتخابات الغرفة الأولى للبرلمان المصرى مجلس الشيوخ. وفى هذا السياق تظهر ملامح جديدة فى المشهد الانتخابى، لعل أبرزها هو الحضور اللافت للشباب، سواء كمرشحين أو ناخبين، وبخاصة أبناء الجيل «Z» الذين ولدوا بين منتصف التسعينيات وبداية العقد الثانى من الألفية.
هؤلاء الشباب لا يملكون فقط صوتا فى الصندوق، بل أدوات تأثير تمتد خارج نطاق المقرات الانتخابية. أدواتهم ليست لافتات ولا مكبرات صوت، بل كاميرا هاتف وبوست وتغريدة وفيديو قصير قادر على الانتشار فى دقائق، وجمع ما يعجز عنه الصوان والمولد والأضواء.
فى مجتمــع يشــكل فيه الشــباب أكثر من 60 ٪ من عدد السكان، لا يمكن تجـاهل هذه القوة الصاعدة التى تتعامل مع السياسة بلغتها الخاصــة ومفرداتها الرقميـــة. فبحسب الإحصاءات، 61 ٪ من الجيل «Z» يســتخدمون يوتيوب بانتظـــام، و55 ٪ منهم يتفاعلون مع تيــــك تـــــوك، و51 ٪ على إنستجرام، و43 ٪ على فيســــبوك، بينمـــا لا يتابع نشرات الأخبــار التقليدية إلا أقل من ربعهم.
صديقى المرشح الخمسينى يبذل جهدا كبيرا وينفـــق ما يزيد على 100 ألف جنيه ليجمع بضعة آلاف فى مؤتمر انتخابى، بينما مرشح شاب بدعم من أقرانه يصنع فيديوهات قصـيرة تُشــاهد وتُشـــارك مئات الآلاف من المرات وتصـــل إلى بيوت لا تصلها اللافتات، وكل ذلك بميزانية لا تتجاوز عشر ما أنفقه الأول.
لكن هذه الثورة الرقمية لا تخلو من تحديات. فالمحتوى السياسى ما زال جافا فى أعين كثير من الشباب، والرسائل الصادقة تختلط أحيانا بما هو مبالغ فيه أو مثير، يثير الانقسام بدلا من الحوار.
.. يبقى السؤال مفتوحا، هل ينجح شباب الجيل «Z» .. فى توجيه طاقتهم للتأثير البناء؟ هل يجدون فى الانتخابات قضاياهم؟ وهل يقررون أن يكونوا طرفا فاعلا لا مجرد متفرجين؟
أثناء انشغالنا بماذا نفعل لنجذبهم ونجعلهم أكثر تفاعلا، ربما نشهد قريبا تحول التعليق واللايك والستورى إلى أدوات حقيقية للمشاركة الوطنية، ونرى فى أصواتهم الرقمية بداية لمرحلة جديدة من المواطنة. مواطنة تنبض بالحياة وتقول: نحن هنا نؤثر ونختار… فإلى غد أقرب مما نظن.