ارتبط فى أذهان الآباء والاجداد بالاديان بالزواج.. فكانوا يؤجلون الرباط المقدس إلى موسم الجنى للذهب الابيض الذى كانوا يحرصون على زراعته ورعايته حتى موسم حصاده.. وكانوا يرددون الاغانى الخاصة به بقولهم «نورت يا قطن النيل.. يا حلاوة عليك يا جميلَ».
أقول ذلك بمناسبة بدء موسم الجنى للقطن فى بعض المحافظات واستعداد المزارعين للجنى باستئجار الفتيات والاجولة التى سيضعون فيها القطن.. لأن الجنى يحتاج إلى اعداد كبيرة للجنى وجماعات بطول الارض وعرضها تمهيداً لوضعه فى الشون المخصصة لذلك بغرض وزنه وبالتالى بيعه للجهات الحكومية المسئولة وبالتالى توريده لمصانع الغزل والنسيج لبدء عمليات التصنيع.
أتذكر ان الفتيات أثناء الجنى بهدف التسلية وضياع الوقت وكسر درجة الحرارة حيث يتم الجنى فى فصل الصيف كل عام.. كن يرددن الاغنيات المرتبطة بهذا الموسم منها اضافة إلى ما سبق.. يلا يا نبات هيصوا وغنوا ليلة فرحكم تلبسوا منه.. قطن بلادنا الله اكبر يملى جيوبنا سمن وسكر».. وهذا يعنى ان الخير سيكون وفيراً وانه سيتم تحقيق الاحلام ومنها الزواج بالذات لانه منذ عرف الفلاح زراعة القطن ومدى احتياج الدولة اليه لتشغيل مصانع الغزل والنسيج وهو حريص على زراعة القطن لجلب المال فى وقت كانت الاموال قليلة لعدم وجود مصدر دخل سوى الزراعة للمحاصيل واهمها القطن لكسب المال وشراء ما يلزم الاسر الريفية من ملبس بالذات، لان غالبية اهل الريف يعتمدون فى الطعام على ما يزرعـــونه من محاصــيل وخيــرات اللــه، لذا فمنـهـم لا يهتمون إلا بالملبس وما يعينهم فى الزواج والذى يحتاج إلى مصاريف كثيرة لشراء الذهب «الشبكة» والأثاث وغيرها من لوازم الزيجات.
الحقيقة.. بدأت تزدهر زراعة القطن بعدما شهدت كساداً بعض الشىء بفضل تشجيع الدولة المزارعين على زراعته والتوسع فيه خاصة بعد التطوير الهائل لمصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واضافة احدت الماكينات واقسام جديدة وتجديد الشركة على احدث الطراز التكنولوجية لاعادتها إلى ما كانت عليه حيث كانت الثانية عالمياً بعد مانشستر فى بريطانيا، لذا فهى وغيرها من المصانع المنتشرة فى ربوع الجمهورية فى صناعة الاقطان بمختلف انواعها فى حاجة إلى المزيد من محاصيل القطن والمتوقع أن تبلغ الانتاجية هذا العام أكثر من 2.2 مليون قنطار وفق التقدير المبدئى من لجان الاحصاء بوزارة الزراعة، وأنه بعد تخطيط الدولة لانشاء مجمع للغزل والنسيج فى مدينة السادات بالشراكة مع دولة الصين لتصبح أكبر مدينة لصناعة المنسوجات زادت الحاجة إلى التوسع فى زراعة القطن خاصة طويل التيلة الذى تشتهر به مصر منذ زمن طويل وباتت الدول تنتظر حصاده لشرائه وتتهافت عليه لجودته العالية.
مازالت اتذكر مدى الفرحة والابتسامة التى تعلو وجوه أهل الريف خلال موسم الجنى، وكيف كانت الجمال تحمل بالات القطن وكيف كان المزارع يستفيد من اعواد القطن الجافة فى الطهى بعد وضعها فوق اسطح المنازل وكيف كانت الحركة والمصدر للرزق للعمال سواء فى الزرع او مكافحة الآفات وجمع «الدودة» بلغة أهل الريف وكذلك اعمال الجنى وغيرها، ومازالت اتذكر السفر إلى مدينة المحلة الكبرى لشراء منتجات شركة الغزل والنسيج كالملابس والاقمشة والمفارش والفوط والبشاكير بمختلف الوانها وانواعها مثل الكستور و«تيل نادية» و«اللينو» و«البفتة» والجبردين وغيرها ممن لا تسعفنى الذاكرة على تذكره.
اعتقد ان الدولة حريصة على اعادة القطن المصرى إلى عرشه ثانية وعلى التوسع فى زراعته وانتاج سلالات جديدة لزيادة الانتاجية للفدان وانشاء مصانع ومجمعات صناعية متكاملة وزيادة قدرة المحالج لتستوعب 4 ملايين قنطار مستقبلاً وتحسين اساليب البيع والتسويق وتوفير التدريب لتأهيل العمال كى يمكنهم مسايرة التطور التكنولوجى الهائل الذى تم، خاصة بعد اطلاق مصر مؤخراً لمجلس الصناعات النسيجية لزيادة حجم العمالة حيث يستحوذ قطاع الغزل والنسيج على 20 ٪ من حجم العمالة باعتباره ثانى اكبر قطاع انتاجى بعد قطاع الزراعة.
.. وأخيراً:
> غناء أهل الريف للقطن.. لم يأت من فراغ فهو مصدر عيش ورزق ملايين الفلاحين.. مثلاً نورت يا قطن النيل..!
> مصر تمد يدها كعادتها للفلسطينيين بالحياة.. برافو.
> التوسع فى مشروعات تحلية مياه البحر.. خطوة على الطريق الصحيح.
> ظهرت نتيجة الثانوية العامة والازهرية.. وبدأ الاستعداد للتنسيق لدخول الجامعات.. اللهم حقق لكل طالب ما يتمناه.
> ويا ريت الاهتمام عند كتابة الرغبات بالكليات التى لها مجال اكثر فى الحياة العملية لاننا نعلم اولادنا كى يعملوا ويعتمدوا على انفسهم.
> معارك كمبوديا وتايلاند تشتعل.. ربنا يستر!
> الاثنين المقبل.. بدء انتخابات مجلس الشيوخ.. لا تنسوا الحرص على المشاركة الايجابية.. لان الصوت أمانة.
> الدكتور محسوب يكن رئيس حى البساتين شعلة نشاط.. لا يكل ولا يتعب.. نجده فى الشارع ليباشر بنفسه ما يتم من انجاز الاعمال من نظافة وازالة للتعديات.. ورغم ذلك بابه دائماً مفتوح لكل مواطن بالحى قبل التحرك لجولاته الميدانية اليومية.. تحية لهذا الرجل المخلص فى عمله والراغب فى تلبية كافة طلبات المواطن بكل صدق وامانة واخلاص.