14 عاما منذ ميلاد فكرة انشاء بيت العائلة المصرية.. وخلال تلك الأعوام جرت فى نهر الحياة المصرية مياه كثيرة.. وخاف الكثيرون على التجربة الوليدة أن تموت قبل تبليغ الرسالة وأداء الأمانة.. وقد تولى رعاية بيت العائلة قامات فى المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، فبينما كان الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر واقفا على أحد شاطئى البيت كان على الشاطئ الآخر يقف البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وكلاهما أشد حرصا على دعم مسيرة البيت حتى يجمع كافة أطياف الوطن تحت لوائه.. ويوما بعد آخر أصبح بيت العائلة حائط صد فكرياً ومجتمعياً أمام محاولات التفتيت.. ومع الوقت لم يقتصر دور بيت العائلة على التدخل فى الأزمات، بل تعداه إلى العمل التوعوى من خلال عقد ندوات وورش عمل بالمدارس والجامعات، وتدشين حملات نبذ التعصب وتكريس ثقافة احترام الآخر..كما شارك فى مراجعة المناهج التعليمية للتأكد من خلوها من أية إشارات طائفية، وأطلق برامج لدمج شباب المسلمين والمسيحيين فى مبادرات مجتمعية مشتركة، بهدف بناء وعى وطنى مشترك.
د. محمد أبوزيد الأمير المنسق العام لبيت العائلة المصرية كشف فى حواره لـ «الجمهورية» أن بيت العائلة يجمع ممثلى الطوائف المسيحية وعلماء الأزهر فى مصر وعدداً من خبراء ومتخصصين، وتأسس عنه 9 لجان فرعية متخصصة تتناول قضايا المواطنة، والتعليم، والثقافة، والشباب، والمرأة، والتراث المشترك، وهو ما منح الكيان تنوعًا فى أدوات العمل واتساعًا فى الرؤيةالمستقبلية والحراك الاستباقى.
> أين وصلت سفينة بيت العائلة منذ إنشائه؟
>> بيت العائلة المصرية منذ انشائه يعمل على ترسيخ مفاهيم المحبة والأخوة واحترام الكرامة الإنسانية بين أبناء الوطن الواحد ونبذ العنف والتمييز، ومما اتفق عليه المصريون جميعا منذ عام 1919 «الدين لله والوطن للجميع» وجاء بيت العائلة بصورة عصرية لدعم النسيج الوطنى وتعميق أواصر الأخوة والمواطنة والتعاون بين المصريين جميعا، وقد أثبتت التجربة نجاحًا خلال الأعوام الــ14 عاما الماضية، واستطاعت لأول مرة فى مصر بل والعالم عمل دورات تدريبية مشتركة بين المشايخ والقساوسة فى مكان واحد، وقد تكون هذه الدورات فى رحاب مسجد أو كنيسة، وتقام فيها أنشطة للشباب والكبار والنساء من الجانبين، المسلم والمسيحي.
>هل حقق بيت العائلة أهدافه بعد مرور تلك الأعوام؟
>> بيت العائلة المصرية استطاع قطع جذور الإرهاب وتجفيف منابعه ليعيش ابناء الوطن يدا، وقلبا واحدا مشاركين فى بناء المستقبل، ولا أبالغ القول بأن تلك الأهداف تحققت من خلال تعاون الدولة ومؤسساتها الدينية ممثلة فى الأزهر الشريف والكنائس الأرثوذكسية، والكاثوليكية، والإنجيلية، والأسقفية، حيث حرص الجميع على ترسيخ مفاهيم المواطنة، والتعاون والتماسك والتآلف على نحو يحقق مصلحة أبناء الوطن الواحد،ولا يزال الطريق طويلا فى ظل التحولات التى تظهر بين عشية وضحاها على يد جماعات وتيارات التطرف التى ترغب جاهدة ضرب الاستقرار الوطنى فى مقتل،وهنا نقطة مهمة يجب الالتفات إليها وهى أن بيت العائلة ليس مشروعاً اقتصادياً له أجندة محددة الأهداف يسعى لتنفيذها، بل إنه مشروع فكرى ممتد الأطراف، قضيته الأساسية دعم البناء الوطنى بما يدعم الاستقرارويغلق أبواب الفتنة التى ترغب جماعات العداء أن تفتحها حتى تحقق أغراضها فى نشر الاقتتال والنزاع، ولكن الأمر فى مصر مستحيل لأننا نملك رجالا يعرفون قيمة الوطن.
> هل وصل بيت العائلة إلى جميع أجنحة الشارع المصرى؟
>> بيت العائلة وصل إلى كل بيت وشارع وحى من خلال علماء الأزهر الشريف ورجال الكنيسة بكل طوائفها، وقد حرصنا أن تكون عناصر بيت العائلة ممن لديهم معرفة بأسلوب الحوار المختلف وفق الفئة العمرية التى يتحدثون معها، خاصة أن الشباب لهم منهج يختلف تماما عن مناهج كبار السن، والأفكار تتباين، وإذا لم يكن الداعية محيطا بتنوع الأساليب فأنه يضل طريقه، كما نحرص على تثقيف عناصر بيت العائلة بمفردات الحوار ومناهجه على يد خبراء من الإعلام والمعرفة، ونمدهم بكل المستجدات التى يقوم على جمعها وإعداداها فريق تابع لبيت العائلة حتى تصبح عناصر بيت العائلة على دراية بما يجرى فى الوطن والخارج على السواء.
> ما هى الإضافة التى حققها بيت العائلة للعقل المصرى فى الأفكار والسلوك؟
>> نعمل على اقتراح وتطوير المناهج التعليمية بما يضمن مفهوم المواطنة، والاهتمام بالتربية الأخلاقية واحترام رأى الآخر، ونبذ العنف والتعصب، ودعم ثقافة المواطنة بين الطلاب، وإعداد برامج تدريبية لمدرسى التربية الدينية وتأهيلهم، كما عمل البيت على نشر رسالته من خلال مجالس الأمناء والآباء والمعلمين بشتى المراحل التعليمية، واستطاع البيت نشر أسر طلابية باسم «أصدقاء بيت العائلة المصرية» بمختلف المراحل التعليمية، والتنسيق مع الوزارات والجامعات والهيئات ذات الصلة لعقد اتفاقات وبروتوكولات تعاون مشتركة، وقد استطاعت لجنة الثقافة الأسرية المشاركة فى بناء أسرة مترابطة تدرك أهمية الصحة النفسية للأبناء وتنشئتهم على القيم الدينية مع دعم دور المرأة فى المجتمع، والمشاركة فى مقاومة الظواهر السلبية، ودمج ذوى الهمم فى المجتمع، كما سعى البيت المصرى إلى تجديد الخطاب الدينى بالتنسيق مع المؤسسات الدينية بما يتلاءم مع العصر والعمل على توطيد العلاقات وتوثيق أواصر المحبة بين علماء المسلمين ورجال الدين المسيحي، كما نجح البيت فى فتح قنوات الحوار مع المفكرين والمثقفين لنشر الفكر المعتدل٠
> هل يجدد بيت العائلة دماءه كل فترة بالعناصر الشبابية؟
>> مجلس الأمناء به عدد من علماء المسلمين يختارهم شيخ الأزهر وعدد من رجال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وممثلين الطوائف المسيحية بمصر والمفكرين والخبراء ويتم اختيارهم باتفاق بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر والبابا تواضروس بحيث لا يقل عدد مجلس الأمناء عن 11 عضوا ولا يزيد على 27 عضوا، وفى حال فراغ محل أحد الأعضاء يتم تعيين من يحل محله المدة الباقية من مدة العضوية، كما يجوز لرئيس المجلس أن يدعو للحضور من يرى الاستعانة بخبراتهم دون أن يكون لهم صوت معدود، كما يتولى شيخ الأزهر والبابا تعيين الأمين العام المساعد والمنسق ويكون كل منهم عضوا فى مجلس الأمناء بحكم منصبه وذلك فى ضوء الوصف المعتمد لهذه الوظيفة، ويعين لمدة عام قابل للتجديد مرة واحدة اذن تجديد الدماء مستمر كل عام.
> هل بيت العائلة له فروع بالمحافظات أو خارج مصر؟
>> تشكلت فروع لبيت العائلة فى أغلب محافظات مصر بهدف دعم النسيج الوطنى ومواجهة التيارات الزائفة التى تعمل فى الخفاء وبدعم خارجى على التخريب والتحريف وتشويه الحقائق، وإشعال حروب نفسية ينتج من خلالها حروب طائفية، ولهذا فإن بيت العائلة يسعى إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات التى تهدد الاستقرار، كما يدعو إلى نشر ثقافة الحوار من خلال تعزيز التفاهم والتسامح بين أفراد المجتمع، كما يدعم السلام الاجتماعى بمعالجة القضايا التى تطفو على السطح أو تظهر على الساحة وتؤدى إلى التطورات التى لا نريدها، وبيت العائلة يقوم بالتنسيق على تحقيق هذه الأهداف كما يقوم بالاتصال مع جميع الهيئات والوزارات المعنية فى الدولة وتقديم مقترحاته وتوصياته كذلك عقد الندوات والمؤتمرات فى جميع محافظات مصر.
> هل بيت العائلة يملك رؤية استباقية للأحداث أم ينتظر وقوعها حتى يتحرك؟
>> بيت ليس مجرد ردَّ فعل للأحداث ونحن نعمل جاهدين على استباق الأحداث عن طريق القيام بالتدابير الاحترازية التى تؤدى إلى المعالجة للأمور قبل وقوعها وذلك عن طريق لجنة تسمى لجنة الرصد والمقترحات وتهدف هذه اللجنة إلى رصد الممارسات السلبية وملابسات وقوعها والنتائج المترتبة عليها والعمل على ترسيخ مبدأ المواطنة وقيم الانتماء، كما تدرس هذه اللجنة أسباب الممارسات التى تم رصدها واقتراح الحلول المناسبة لها ورفع تقرير عادل عن أى مشكلة يتم رصدها ووضع الحلول المقترحة لعلاج هذه المشكلة إلى المجلس التنفيذى لبيت العائلة.
> هل تملكون قوافل توعية لمناطق الخوف المرتقب؟
نرسل قوافل يشارك فيها علماء الدين الإسلامى ورجال الدين المسيحى حول القضايا التى تهم المجتمع مثل المواطنة والعيش السلمى المشترك ومواجهه الإلحاد وغيرها من هذه القضايا التى تؤرق المجتمع، وهناك بروتوكولات واتفاقيات مع الجامعات لأجل المساهمة فى توعية الشباب والقيام بدورهم الوطنى والأخلاقى والمساهمة فى تثقيف الشباب وتنمية قدرتهم الإبداعية، إضافة إلى الأندية الرياضية والاجتماعية ومنابر الأوقاف ومجمع البحوث الإسلامية والكنائس والمدارس التابعة لها حتى نكون على أهبة الاستعداد لأى خطر مرتقب.
> ما هى آلية ضمان استدامة تأثير الجهود؟
حتى يكون التأثير مستداماً لا نقتصر على إقامة الندوات وورش العمل لكن نقوم بإطلاق مبادرات مثل «المواطن أولًا»، و»معًا نبنى الوطن»، و»بالإنسان نبدأ»، لتعزيز القيم المجتمعية والتكافل، وهى مبادرات ممتدة فى فترة عملها ومتشعبة فى الأنشطة الخاصة ومستدامة فى التأثير، كذلك قمنا بإصدار عدد كبير من الوثائق والمطبوعات التوعوية لتصحيح المفاهيم المغلوطة حول قضايا الدين والمجتمع، وتشمل برامج عمل البيت تفعيل لجان متخصصة لدراسة المشكلات المجتمعية ونوعيتها وأسبابها والمتأثرين بها حتى نصل إلى إيجاد حلول مستدامة لها، ومتطابقة مع طبيعة الحالة وتنوع المتضررين، كما يضع البيت على رأس أولوياته دعم المرأة والأسرة المصرية عبر مبادرات تستهدف استقرار المجتمع بخلق أجيال على أسس منضبطة.
>> الرئيس السيسى منذ توليه جعل ملف الهوية الوطنية أولوية.. كيف استفاد بيت العائلة من ذلك؟
الرئيس عبدالفتاح السيسى داعم فكرة ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة كما لم يحدث فى تاريخ مصر، وهذا ساعدنا فى تعزيز الأطر المجتمعية التى تُسهم فى مواجهة التطرف والتشدد.. لذا أصر بيت العائلة المصرية أن يكون له دور محورى فى تنفيذ التوجيهات الرئاسية ببناء الوعى المجتمعى ونشر ثقافة التسامح ونبذ التعصب، كما أصبحت رؤية بيت العائلة دعم جهود الدولة فى بناء الإنسان المصري، باعتباره أحد محاور رؤية مصر 2030 إلى جانب المشاركة فى المبادرات الرئاسية التى تعزز الوحدة المجتمعية مثل «حياة كريمة» و»قادرون باختلاف» «وبناء الإنسان».
>حاليًا..ما أبرز الملفات على رأس أولوية بيت العائلة؟
>> أولويات بيت العائلة الآن التركيز على بناء إنسان وطنى واعى من خلال تعزيز الانتماء الوطنى والهُوية الجامعة ومكافحة خطاب الكراهية والتطرف الديني والذى تنشره الجماعة الإرهابية والتنظيمات المتطرفة فى المجتمع ..ونعتمد على بناء ثقافة الحوار المجتمعى والاختلاف الإيجابي.. ونركز تمكين الشباب من أدوار فعالة فى بناء السلم المجتمعي،والاهتمام بالأطفال والنشء والشباب فى التوعية المبكرة بقيم التسامح.
> كيف يتم الاستفادة من مخرجات جلسات ومؤتمرات بيت العائلة؟
>> يُنظر إلى بيت العائلة كجهة استشارية مجتمعية مهمة، وتُؤخذ مخرجاته بعين الاعتباروذلك من خلال رفع توصيات وتقارير دورية إلى الجهات المعنية وصناع القرار فى مختلف المؤسسات لضمان انعكاس ذلك بالنفع الحقيقة لكى نصل معا إلى مستهدفات رؤية مصر 2030، والتعاون يتم بين البيت ومؤسسات الدولة المختلفة بهدف تحقيق بناء شامل للإنسان المصرى ولا سيما الشباب باعتبارهم قوام الوطن والمستهدفين من خطط التنمية وعماد الجمهورية الجديدة، لذا ركز بيت العائلة على تقديم جهود شاملة تحقق تنمية متكاملة لقدراتهم، هذا ما أكده القس أرميا مكرم الأمين المساعد للجنة الشباب عضو المجلس التنفيذى للبيت.
> كيف يهتم بيت العائلة بالشباب؟
>> فى بيت العائلة لدينا لجنة الشباب وجميع ندواتنا تثقيفية تهدف إلى تنمية قدرات الشباب وإطلاعهم على المخاطر المرتبطة بالمرحلة وكيفية التعامل معها، ونحن معنيون بجميع القضايا الشبابية،إضافة إلى تنمية المهارات والوعى الثقافى والفكرى والتقني.
> إذن لا يقتصر الأمر على المواضيع المتعلقة بالجانب الدينى والاجتماعى؟
>> نحن نهتم بتأهيل الشباب كأمر محورى لتنمية الدولة، ولذلك داخل لجنة الشباب أُنشئت لجنة فرعية «لجنة التعليم وتطوير الفكر»، وتعمل على إعداد الشباب لسوق العمل ومتغيراته من خلال تعليم اللغات، والبرمجة وتقنيات الذكاء الاصطناعى إلى جانب مهارات أساسية لا بد من امتلاكها من كتابة السيرة الذاتية، وآليات اجتياز المقابلات الشخصية، كذلك يتم التركيز على الجوانب الشخصية مثل التأهيل للزواج بالتعاون مع كل مؤسسات الدولة، رغم أننا نسعى لتعظيم وتطوير هذا التفاعل مع المؤسسات خلال الفترة القادمة..فنحن نعمل بروح الأسرة الواحدة، ويهمّنا حماية بلدنا من كل أشكال المخاطر الحالية أو الممكن حدوثها.
> هل توجد تحديات تواجه تنفيذ هذه البرامج؟
أبرزها التحديات هناك عدم وجود مقر دائم للبيت، فحاليا نعقد اجتماعاتنا فى قاعات مؤقتة داخل مشيخة الأزهر أو الكاتدرائية..لكن لابد من وجود مقر يسمح بتنظيم الدورات التدريبية بشكل منتظم، ونسعى حاليًا لحل هذه المشكلة بالتعاون مع قيادات بيت العائلة.
> ما هى خطط البيت لبناء الجمهورية الجديدة؟
>> بناء الجمهورية الجديدة يعنى تحقيق تنمية مستدامة، وهى تحتاج إلى تمهيد فكرى وتوعوي، لذا خطتنا تركز على توضيح مفاهيم مثل النظافة، ترشيد المياه والكهرباء، التعليم، الزراعة، الوعى بالمؤسسات. هذه كلها عناصر أساسية لتحقيق التنمية المنشودة، كما نُقدم أوراق عمل ومسودات فكرية حول القضايا المطروحة، ونعتقد أن هذه الجهود تسهم فى دعم الجمهورية الجديدة والتنمية المستدامة داخل مصر، ومخرجات بيت العائلة ليس نتاج فرد أو اثنين هى تفكير متعمق ممتد لأيام وشهور وسنوات يجمع أفراد المجتمع المصري، العائلة المصرية موجودة معا تفكر فى المشكلات وتدريبها وتضع حلولاً بخبرات جامعة لمختلف الكفاءات الوطنية..الجميع من أجل مصر.
