علينا أن نعترف بأننا أخطأنا عندما ربطنا المقاومة الفلسطينية واختصرناها كلها فى حماس متجاهلين أن أبناء قطاع غزة يتجاوزون الـ2.5 مليون إنسان لا تمثل حماس منهم سوى 5 بالمائة على أقصى تقدير، وكل ما يميزها أنها تمتلك السلاح والتنظيم والدعم والقدرة على العنف.
صحيح حماس هي التي نفذت طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023 بكل ما حمله من نتائج مازلنا نواجه تداعياتها حتى الآن، وصحيح أن حماس تنفذ عمليات استهداف لجيش الاحتلال.
لكن اختصار كل هذا الصمود والتحدى الغزاوي في حماس أو بعض الفصائل الأخرى ظلم كبير لأكثر من مليونى إنسان هم من يعيشون بالأرض ويرفضون الرحيل ويواجهون المعاناة ويتحدون دبابات وصواريخ العدو ويموتون وينزفون ويتشردون دفاعا عن وطنهم.
هؤلاء هم أبناء غزة الذين يصرخون من الألم لكنهم لا يغادرون أرضهم، ولم يتخفوا في ملاجئ ولم يهربوا من المواجهة بل يصمدون بكل قوة وإباء، ويتحملون الجوع، ورغم أنهم يرون أبناءهم يتساقطون أمامهم موتى من الجوع والعطش، إلا أنهم لا يستسلمون بينما التنظيمات الأخرى إما في الأنفاق أو خارج غزة وفلسطين كلها، بل وأكثر من هذا نجد بعض قيادات حماس لا ينظرون لهؤلاء الصامدين، بل يعتبرونهم ثمنًا عاديًا للمعركة، حتى المساعدات تريد بعض قيادات «الحركة» أن تستحوذ عليها وتوزعها على من تصفهم بالمقاتلين وليصبر الآخرون، هكذا وصل الحال والغرور ببعض الحمساوية أنهم يستكثرون على الشعب الغزاوى الصامد رغم الألم حتى مجرد المساعدات الإغاثية برغم أن هذا الشعب هو الأغلبية وهو الذي حافظ على القضية حتى الآن بصموده وهو الذي رفع شعار المواجهة ورفض أن يغادر أرضه مهما كان الثمن في وقت لم تكن بعض قيادات حماس تمانع من المغادرة إلى سيناء بل دعت وحرضت على ذلك وأخر هؤلاء هو خليل الحية الذي لم يفكر في خطورة الانتقال إلى سيناء أو الأردن، ولم يخش من تصفية القضية وبكل إنكار للجميل خرج يحرض على مصر بدعوى أنها لم تفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين وهو يعلم أن مصر لم ولن تغلق أبوابها ضد الأشقاء، وإنما تحاول أن تحمى القضية من ضربة النهاية التي تريد أن توجهها إسرائيل بتهجير أهلها.
«الحية» وأمثاله لا يهمهم مصير القضية أو حياة الفلسطينيين، لكن من يعرفون هذا هم الشعب الفلسطيني المنتمى لأرضه ويعتبرها عرضه ولا يسمح بالتفريط فيها حتى ولو كان الثمن هو الموت.
علينا أن نصحح المفاهيم فالصامدون هم شعب غزة فهم المقاتلون بحق والمتحدون فعلا وليس بعض التنظيمات التي لا تمثل سوى جزء بسيط من المقاومة وكل ما يميزها أنها تمتلك الصوت العالي والأبواق التي تروج لها بسبب تنظيمها، وعلينا أن نتحدث عن أبناء غزة الحقيقيين وأن يكون هم شاغلنا في كل شيء من المساعدات إلى علاج الجرحى منهم إلى إيقاف الحرب من أجل حقن دمائهم.
إن الصمود هو غزة وليس حماس.. والمقاومة هي الشعب وليس فصيلا بعينه ولابد أن تكون هذه هي المعادلة أولا لإنصاف الشعب الصامد والذي يعيش معاناة غير مسبوقة، وثانيا لأن كثرة الحديث عن حماس وقوتها وأنها التي تواجه إسرائيل يعطى مبررًا غير حقيقى للاحتلال أن يواصل جرائمه بدعوى أن حماس مازالت تمثل خطرًا عليه.