أضواء المدينة..فيلم كوميدى فى ثوب عليه بصمات متعددة..أخرجه عام 1972 المخرج الكبير الراحل فطين عبد الوهاب ويشاء القدر أن يكون آخر أعماله قبل الرحيل، جمع فيه كوكبة من جيل المضحكين القادمين بقوة من خريجى مسرح التلفزيون: حسن مصطفي، عادل إمام، سمير غانم، جورج سيدهم، سلامة إلياس، إبراهيم سعفان، فاطمة عمارة ومعهم فى البطولة النجم الفارس أحمد مظهر والسندريلا خفيفة الظل شادية.. القصة بسيطة تمزج بين حكايتى سندريلا وروميو وجوليت…مكان التصوير الأساسى ستوديو النيل ثم قصر الصفا الذى يطل على البحر المتوسط بالإسكندرية.
الفيلم بألالوان ومصروف عليه ويؤكد الدخل المتحقق فى العروض نجاحه المادي: فقد أنفق عليه ما يقرب من واحد ونصف مليون دولار بمقاييس ذلك الزمان مقابل إيرادات تجاوزت الخمسة ملايين دولار.
يمكن إدراجه تحت مظلة الإنتاج الكبير..الجهد واضح فى الإعداد واختيار الأماكن والملابس التاريخية وغير التاريخية..ناهيك عن الاكسسوار المتنوع..مع طول الشريط بعد المونتاج يصل إلى 123 دقيقة.. أى ما يزيد على الساعتين.
أكد المخرج فطين عبد الوهاب أستاذيته وحقق المعادلة الصعبة: جمع فى فيلمه بين الاستعراضات واللحظات الضاحكة التى أرهقت الممثلين وبالطبع أرضت الجماهير.. بالإضافة لاسم المخرج الكبير والمعروف والاختيار الموفق للبطل الرئيسى «شادية» سعاد شلبي.. وأحمد مظهر المتخصص فى الأدوار الجادة فى دور المخرج الاستعراضى والممثل الرئيسى «عادل صبري».. الجميع صغارا وكبارا أحبوا الفيلم ومناخ الأسرة الذى ساد التصوير..حققوا إبداعا بالمستوى المصرى يصل للامتياز وعالميا -فى تقديري-ينافس أفلام هوليوود الضخمة مع مراعاة الفارق فى الإمكانيات لكن مع الأسف لم يأخذ الفيلم حظه من مظلة إعادة العرض «عمال على بطال « التى تتقاسمها حالياً الشاشات والقنوات للأسف هناك أفلام «يمشى حالها « تعاد وتعاد، بينما هذا الفيلم شاهدته بالصدفة على إحدى القنوات..عرض فى وقت ليس بكثيف المشاهدة على أية حال.
القصة تحكى رحلة الفتاة الموهوبة سعاد شلبى «شادية» خارج القاهرة بحثاً عن دور فى المسرحية التاريخية، يخرجها ويكون بطلها عادل صبرى «أحمد مظهر».. لا تملك غير موهبتها وحماية عدد من جيرانها الذين اقتنعوا بموهبتها.
القصة بشكل عام أرضيتها مزج بسيط بين سندريلا وحظها الذهبى بلقاء وزواج الأمير ثم مأساة روميو وجوليت..الفصل المفضل لدى العشاق..لا تحصل سعاد على فرصة.. يكتشف مرافقوها أن أحد اصدقائهم «إبراهيم سعفان» يعمل فى قصر الصفا الذى سافر صاحبه الأمير منذ شهور..يستدرجون عادل إلى القصر على أساس أن سعاد باسمها المستعار..أميرة تعيش مع جدتها – يلعب الدور عبد المنعم إبراهيم – ووالدها حسن مصطفى وحولهم أفراد الاسرة يخططون ويساندون..حتى تتوثق بالفعل عاطفة الحب بين سعاد وعادل بعد اختبارات يتأكد من معدنها السليم.. يعود الأمير وعائلته فجأة.. تنقلب الأمور يكتشف عادل الخديعة.
هنا المخرج يتدخل بذكاء لإصلاح ذات البين وبالفعل يتم الزواج المنتظر فى القصر برعاية الأمير..»أضواء المدينة» تجربة متميزة وجهد مشكور من أحد رواد المسيرة السينمائية المصرية..رجال أرادوا اقتحام المجهول.. نجحوا أم فشلوا ليست نهاية العالم.. لأنهم فى النهاية تركوا لنا كنوزا ثمينة بينها الفيلم الناجح المظلوم المنسى «أضواء المدينة»..لعل جيل اليوم يدرس ويستفيد.