أطلقت الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، برئاسة الدكتور خالد النوبي، بالتعاون مع جمعية كتاب البيئة والتنمية، برئاسة الدكتور محمود بكر، الحملة الوطنية “حتى تعود الطيور“. جاء ذلك خلال مؤتمر عُقد بمقر نقابة الصحفيين بحضور عدد من الشخصيات البارزة، بينهم الدكتور إكرامي الأباصيري، مدير عام محميات المنطقة الجنوبية، وخالد البلشي، نقيب الصحفيين، إلى جانب نخبة من الخبراء والإعلاميين وممثلي الجهات الحكومية والمجتمع المدني.
أهداف الحملة ونتائج حظر الصيد السابق
تهدف الحملة إلى تجديد قرار حظر الصيد في بحيرة ناصر لعام إضافي (2025-2026)، بعد النتائج الإيجابية التي حققها القرار على مدار العامين الماضيين، لا سيما في دعم التنوع البيولوجي وعودة الطيور النادرة والمهددة بالانقراض إلى بيئتها الطبيعية.
انتهاكات الصيد الجائر وتأثيراتها
في كلمته، أكد الدكتور خالد النوبي أن مصر تمثل محطة محورية لملايين الطيور المهاجرة سنويًا عبر “المسار الأفريقي العظيم“، وهو أحد أهم مسارات الهجرة في العالم. وأشار إلى أن بحيرة ناصر تحولت في السنوات الأخيرة إلى ساحة لانتهاكات بيئية خطيرة تحت غطاء “السياحة”، حيث وثقت الجمعية خلال موسم 2022-2023 ما لا يقل عن 15 رحلة صيد غير قانونية، شارك فيها 87 صيادًا أجنبيًا استخدموا أدوات محظورة مثل البنادق نصف الآلية وأجهزة نداء الطيور.
وأوضح النوبي أن تلك الانتهاكات استهدفت أنواعًا نادرة ومهددة، ما دفع تقرير “BirdLife International” لعام 2023 إلى تصنيف مصر ضمن أكثر 9 دول بحاجة لتدابير عاجلة للحد من الصيد الجائر، حيث يُقتل أكثر من 5.7 مليون طائر سنويًا باستخدام وسائل غير قانونية.
تحولات إيجابية بعد قرار الحظر
وأضاف النوبي أن قرار وزارة البيئة بحظر الصيد عام 2023 شكّل نقطة تحول فارقة، إذ ساهم في استعادة التوازن البيئي للبحيرة، وعودة طيور كانت على وشك الاختفاء، من أبرزها تسجيل أول حالة تكاثر لطائر “النساج القروي” في مصر بمنطقة أبو سمبل، وهو مؤشر علمي قوي على تحسُّن النظام البيئي بالمنطقة.
تطلعات الحملة المستقبلية
وأشار النوبي إلى أن الحملة تسعى لتحويل هذا النجاح البيئي إلى نموذج وطني لإدارة المناطق الحساسة، بما يتماشى مع أهداف خطة روما الاستراتيجية 2020-2030، التي تهدف إلى خفض الصيد غير القانوني بنسبة 50%. وتشمل الحملة أنشطة توعوية وميدانية بالتعاون مع وزارات البيئة والسياحة والداخلية، مع التركيز على تعبئة الرأي العام وتفعيل دور المواطن في حماية البيئة.
وحذرت الجمعية من أن التراجع عن قرار الحظر قد يؤدي إلى عودة الفوضى البيئية وفقدان ما تحقق من مكتسبات على المستويين البيئي والاقتصادي، مؤكدة أن دعم الناس والمؤسسات هو السبيل الحقيقي لحماية الطبيعة.
دعم مجتمعي وشراكات لتعزيز التنوع البيولوجي
من جانبه، أكد الدكتور محمود بكر، رئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية، أهمية المبادرة، مشيرًا إلى أن حماية الطيور في مصر تُمثل حماية للتنوع البيولوجي العالمي، باعتبار أن الهجرة الطائرية تربط بيئات متعددة حول العالم.
وأضاف بكر أن الجمعية تعتزم تدريب شباب الصحفيين على المصطلحات البيئية، وعلى رأسها مصطلح “التنوع البيولوجي“، فضلًا عن تنظيم زيارة ميدانية إلى بحيرة ناصر لرصد الطيور المهاجرة على أرض الواقع.
بدوره، أوضح الدكتور إكرامي الأباصيري، مدير عام محميات المنطقة الجنوبية، أن قطاع حماية الطبيعة يُولي أهمية كبرى لرصد الموارد الطبيعية في مصر بشكل علمي ومنهجي، من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني. لافتًا إلى أن “العد الشتوي للطيور المائية” يُجرى سنويًا في كبرى البحيرات المصرية وعلى رأسها بحيرة ناصر، ويمثل أداة علمية لدعم اتخاذ القرار وتقييم حالة الطيور وتحديد اتجاهات أعدادها.
أكد المشاركون في الحملة أن استمرار الحظر ليس فقط ضرورة بيئية، بل يمثل أيضًا فرصة لإطلاق نموذج تنموي مستدام يعزز السياحة البيئية ويوفر فرص عمل بديلة للصيادين السابقين، ما يسهم في تحقيق التوازن بين حماية الطبيعة وتحقيق التنمية.


