فى منطقتها العربية والإقليمية، تبدو مصر حاضرة راسخة بفضل الله وإرادة شعبها وحصافة وقدرة قيادتها السياسية.
وسط متغيرات سياسية ومخططات ومؤامرات إقليمية، تمضى مصر بثوابتها ومبادئها التى ترسخت مع قيام ثورة يوليو 52 منذ رفعت راية التحرير فى العالم الثالث، بعد نجاحها فى القضاء على الاحتلال البغيض وفضح قوى الرجعية وإعلاء مبادئ الحرية والمساواة، التى دفعت شعوباً كثراً لأن تسير على درب الحرية والاستقلال ونيل الحقوق واستثمار المقدرات والثروات.. كان من الطبيعى أن تنظر بعض القوى الدولية بعين الرفض والغضب من هذه الثورة الكبرى المستنيرة الواعدة التى تمددت على خريطة المنطقة والعالم.
ولكن مضت مصر على طريق العزة والحق والكرامة.. لم توقفها المؤامرات ولا التحديات ولم ترهبها الحروب الضروس التى خاضتها دفاعاً عن الوطن واسترداداً للأرض المغتصبة فى كل عدوان غادر، حتى كان نصر أكتوبر العظيم الذى وضع نهاية للعدوان والأطماع وقطع كل يد طولى تتصور أنها يمكن أن تملى شروطاً على مصر أو تخضعها لسياساتها فى هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم.
ورغم ذلك، لم تتوقف المؤامرات والتحديات التى اجتازتها مصر، خاصة بعدما عادت الدولة بحق مع ثورة 30 يونيو 2013 وقيام جمهوريتها الجديدة برؤية قائدها الفذ الذى انتزع مصر من قبضة الجماعة الإرهابية وأفشل مؤامرة الربيع العربى التى طالت دولاً عديدة فى المنطقة، فمزقتها وشردت شعوبها وفككت جيوشها ومؤسساتها الوطنية.
مصر التى استعصت على كل مؤامرة، مازالت ترفع راية الحق والمبادئ فى منطقتها وفى العالم.. ترفض الانصياع لمخططات وأطماع القوى الكبرى وحليفتهم الربيبة المدللة التى من أجلها يضربون الآن عرض الحائط بالقوانين الدولية والإنسانية وأجهزة ومؤسسات الأمم المتحدة العاملة عليها، فى تحد سافر للعالم المتحضر الذى ظن يوماً ما أنه يمكن أن يسود، ولكن كيف فى ظل أشرار وحمقى يمسكون بمقادير العالم، ظناً منهم أنهم يمكن أن يديروه لمصلحتهم؟!
>>>
ومن هذه الخلفية، انظر إلى كلمة الرئيس السيسى بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين لثورة يوليو المجيدة التى جاءت محددة صائبة مركزة تحمل رسائل كثيرة للداخل والخارج، تؤكد أن مصر ماضية على أسس واضحة وسياسات ترتكز على المسئولية والشرف والأمانة، ما يجعلها قادرة دوماً على تجاوز التحديات بأشكالها المتنوعة ومصادرها المتعددة، مؤكدة أن دروس يوليو أنارت لنا طريق جمهورية جديدة مرتكزة على دعائم صلبة ورؤية طموح، لاسيما بعدما حدثت جيشها وهزمت الإرهاب وسلكت طريق البناء وحققت طفرة عمرانية وأعادت الأمل للبسطاء والمهمشين فى مصر، الذين كانوا يسكنون حواف الجبال والمناطق الخطرة، لتزول تلك العشوائيات المشينة للأبد، التى كانت تُعاير بها مصر.. فالكل الآن من المصريين فى حق الحياة سواء، ومهما كانت الصعوبات الاقتصادية التى يمر بها المصريون كما تمر بها كل شعوب العالم.. فإن المصريون أصبح لديهم الآن قدر هائل من الوعى الذى يجعل منهم حصناً منيعاً ضد المؤامرة وضد الأكاذيب والضلالات ومحاولات النفاذ إلى الجبهة الداخلية وتماسكها وصلابتها.
>>>
حقاً، إن مصر لم ولن تتخلى يوماً عن مسئوليتها القومية سواء للشعب الفلسطينى وقضيته العادلة بعدما رفضت مصر بكل قوة تصفيتها وتهجير شعبها، أو شعوب أخرى، احتضنت مصر نحو عشرة ملايين شخص منهم منذ مؤامرة الربيع العربى وأحسنت ضيافتهم مع أمل وعمل لكى تستقر بلادهم وتحظى بأمنها وسلامها.. بصراحة شديدة، أشعر بالسعادة هذه الأيام والاخوة السودانيون الذين احتضنت مصر الكثير منهم، يبدأون الآن فى العودة إلى بلادهم بعد فشل مؤامرة التفكيك من أجل استغلال ثروات هذه الدولة الشقيقة لمصالح قوى إقليمية وأطماع خبيثة.
وسوف تمضى رؤية مصر المساندة للحق وإعلاء مصالح الشعوب وتطلعاتهم بعيداً عن الصراعات والفتن فى ظل الدول الوطنية القوية الموحدة كدليل واضح على سياسة مصر فى إرساء قيم العدل والسلام فى المنطقة، بل والعالم وكنموذج فريد فى الإنسانية والمسئولية رغم الضغوط المتزايدة عليها، التى لم تتوقف يوماً واحداً.. ولكن الله غالب على أمره.