ما بين دموع الفرح لاجتياز الثانوية العامة بمجموع ومابين الاخفاق للحاق بقطار التنسيق والذى ينطلق بعد اعلان النتيجة.. وما بين حصول الطالب على درجات منخفضة بامتحاناته أو يتعرض للاخفاق فى النجاح مساحة تتطلب إعادة النظر فى خريطة الطريق للمستقبل العلمى ولا ينبغى النظر إلى كل ماحدث باعتباره هو نهاية المطاف أو آخر المشوار بل ينبغى مراعاة النظر لهذه المسألة باعتبارها جرس إنذار يستدعى إعادة النظر فى خريطة متابعته لمنهجه العلمى او الدراسى للوصول لمرحلة الفهم والتطوير.
والفشل فى حد ذاته لا يدل على قصور فى الذكاء بقدر ما انه قد يكون لأسباب نفسية وضعف الثقة بالنفس أو لغياب الدعم الأسرى واستخدام أساليب تعليم لا تتناسب مع إمكانيات الطالب وقدراته العلمية.. والنجاح ليس مقتصراً على ورقة الامتحان أو مجموع الدرجات بقدر الحرص على فهم الذات وتطوير المهارات والاتجاه نحو تحقيق هدف محدد تم التخطيط له واقراره مسبقا وحان الوقت للتقدم له بخطوات واثقة وهنا تكمن البداية الحقيقية لكى يفهم الطالب نفسه ويطور من ادواته ويطوعها لخدمة تحقيق طموحاته.
والتربية لا ينبغى أن نحصرها فى نتيجة الثانوية العامة أو ترشيح مكتب التنسيق لأبنائنا على ما يسمى بكليات القمة حيث يعتبر الكثير من الآباء والأمهات حصول ابنائهم على مجاميع تتجاوز الـ90٪ دليلاً على نجاحهم فى تنشئتهم ويتناسون مجهود الطالب وامكانياته التحصيلية ومستواه العلمى على مدى السنوات الدراسية.
ولا يمكن تجاهل ثقافة المرونة النفسية لمواجهة الصدمات والتحديات بهدف التعافى منها وادراك ان الفشل والنجاح هما سنة الحياة وبالتالى هناك دور مهم على الأسر ان تقوم به تجاه أبنائهم من طلاب الثانوية العامة لمساعدتهم على تحويل الفشل أو حصولهم على درجات سيئة وذلك باحتضانهم لمساعدتهم على اكتساب الثقة بالنفس ومهارة ثقافة إدارة الفشل واعتباره مرحلة مؤقتة فى الحياة لتصحيح المسار مع مراعاة عدم التهوين مما حدث.. ومن حق الطلاب المتفوقين التعبير عن فرحتهم ولكن بدون إفراط حتى لا يصاب البعض منهم بالغرور والتعالى والتكبر متجاهلين دور ومجهود الأسرة لتحقيق هذا التفوق وبالتالى يستلزم على الآباء والأمهات تعزيز ثقافة الامتنان لدى أبنائهم ومطالبتهم بان يشكروا كل من ساعدهم على تحقيق هذا التفوق.
لسنا بحاجة لتحطيم معنويات أبنائنا الطلاب بقدر ان نكون مصدر أمان وحنان لهم ولضمان ان يثق الطالب بأن أسرته سوف تتقبله فى كل الأحوال مع مراعاة ان الثانوية العامة ليست الشهادة الوحيدة التى تحدد مصير الطلاب وتبصيرهم بأن قدراتهم وامكانياتهم وميولهم هو الذى يحدد مستقبلهم.
وأخيراً من الأهمية للطلاب المقبلين على المرحلة الاولى لمكتب التنسيق ومن بعدهم باقى زملائهم بالمراحل التالية مراعاة ليست فروق الدرجات فقط وترتيب الرغبات عند تقديم أوراقهم للترشح على الكليات والمعاهد هى الأساس للعبور للباب الملكى لافضل مقاعد بالجامعات.. بل لابد أن يتم اختيار الرغبات بناء على تصالحه مع نفسه فى معرفة قدراته العلمية وامكانياته ومهاراته الحياتية وميــوله ولا يستخسر مجموعه المميز فى الاصرار على الالتحاق بكليات ماتسمى بالقمة للتفاخر والتباهى أو حتى لتلبية رغبات أسرته حيث إن «حب» الدراسة فى مجال محدد هو السبيل الوحيد لتحقيق التفوق العلمى خاصة أننى اعتبر كل الكليات هى بالقمة نظرا لحاجة المجتمع لخريجيها والتميز العلمى لأى طالب أن يكون من بين العشرة الأوائل بكل عام دراسى.