المارون فى شارع صلاح سالم لابد ان تلفت نظرهم الشاشة الكبيرة المعلقة على جدار الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء..والتى تظهر فيها عدد سكان مصر.. وهى شاشة رقمية تسجل المواليد لحظة بلحظة بل كل ثانية..ومع الزحام وبطء الحركة لابد ان تلاحظ سرعة قفز ارقام المواليد التى قاربت الآن رقم 108 ملايين.. وكل 6 ثوان نستقبل مولودا جديدا.. وتعود بى الذاكرة لتصريحات سابقة للدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة أكد من خلالها ان محافظة القاهرة تحتاج سنويا بناء 30 مدرسة جديدة.. وهو بند واحد فقط.. هذا بخلاف المستشفيات.. والمساكن.. وأماكن فى وسائل النقل.. وأيضا نحتاج كليات جديدة وأماكن فى الجامعات.. بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة سنوياً.. هذا إذا تحدثنا عن محافظة واحدة.. فما هو الحال إذا تناولنا تكاليف الزيادة السكانية فى عموم الجمهورية بمحافظتها المختلفة.. هل لنا ان نتخيل عدد المدارس والمستشفيات الجديدة المطلوب انشاؤها سنويا فى مختلف المحافظات.. هل لنا ان نتخيل عدد فرص العمل الجديدة المطلوبة سنوياً.. وكذلك عدد المساكن.
إن الزيادة السكانية قوة بشرية لا يستهان بها.. ولكن للأسف رغم كل القوانين التى تلزم الأسر بتعليم أبنائها.. وعدم زواج القاصرات.. إلا أن ان التسريب من التعليم مستمر.. واستمرار زواج القاصرات مستمر خاصة فى الريف.. حيث مازال هناك اصرار من العديد من الأسر فى الريف على زواج البنات فى سن مبكرة.
إن أزمة الزيادة السكانية لم تفلح معها حتى الآن أى حلول تقليدية أو غير تقليدية.. ومنذ سنوات طويلة وفكرة تنظيم الأسرة لم تحقق النجاح المطلوب.. ومازلنا نجد من ينجب 6 أو 7 افراد.. وهى إعداد كبيرة لا تتحمل إعباءها الأسر الفقيرة كثيرة الانجاب أو حتى الأسر متوسطة الحال.
لا أعلم كيفية إيجاد حل لهذه الأزمة ولكن اعتقد ان الفضائيات المختلفة والإعلام عموما عليه العبء الأكبر فى محاولة تنظيم الأسرة.. من خلال برامج التوعية المختلفة التى يمكن ان تظهر ما تتعرض له الأسر كثيرة العدد.. من سوء تغذية أو نقص فى العلاج.. وكذلك تقليل فرصة الأبناء فى التعليم.. أو تقليل فرصتهم فى الحصول على فرصة عمل.
إن الزيادة السكانية المستمرة تشكل أزمة كبيرة.. وتلتهم كل محاولات التنمية التى تسعى الدولة لزيادتها سنوياً.. ولا يعقل أن تستمر الدولة إلى ما لا نهاية فى انشاء المدارس والمستشفيات الجديدة سنوياً.. ان هذه الزيادة السكانية تشكل عبئاً مستمراً على الاقتصاد المصرى.
إن كل المشروعات التنموية التى تم تنفيذها أو الجارى تنفيذها.. تهدف إلى تحقيق مستقبل أفضل.. وتوفير فرص عمل جديدة سنوياً لاستيعاب الخريجين الجدد.. ولكن الزيادة السكانية تفرض تحديات اضافية كثيرة فى انشاء المزيد من المدارس والجامعات والمساكن والمستشفيات.. وزيادة الطاقة الاستيعابية لوسائل المواصلات.. وزيادة مراكز الشباب والأندية.. إلى آخر المتطلبات لمواجهة هذه الزيادة التى تلتهم نواتج التنمية.. ولا يجب ان نترك الزيادة السكانية تلتهم كل عوائد التنمية.. وان يكون هناك أولوية للعمل على الحد من الزيادة السكانية.. واقناع الشباب على الاكتفاء بطفلين.. لأنه وبكل أسف فإن الكثيرين من المواطنين لا يستوعبون خطورة الزيادة السكانية والتهامها لكل موارد الدولة.. والتى تشكل خطورة مستمرة على المجتمع وتؤثر على الجهود الحكومية فى مختلف القطاعات.. خاصة القطاعات الخدمية.. وتعرقل التنمية الاقتصادية.. وتقلل فرص العمل المتاحة.. وتساهم فى رفع معدلات الفقر.. وتشكل ضغطا اضافيا على الحكومة.. وتقلل من فرص تلبية متطلبات واحتياجات المواطنين وتوفير الخدمات المختلفة لهم.
علينا ان نبحث عن برامج أكثر فاعلية من برنامج تنظيم الاسرة الذى اعتمدنا عليه لسنوات طويلة.. حتى وان كان إلى حد ما ساهم بدور فى تقليل نسبة الزيادة السكانية.. إننا فى مرحلة تحتاج من الجميع التفكير فى وسائل جديدة تساهم فى تنظيم الأسرة.. تصل للأسر المستمرة فى الانجاب بطريقة عشوائية لنجدها تتكون من7 أو 8 افراد.. ويحرص أولياء امورهم على خروجهم لسوق العمل ليساهموا فى نفقات الأسرة.. و تسبب هذه الأسر فى الضغط على كل مرافق الدولة وحرمان الأسر الحريصة على تنظيم الاسرة وانجاب طفل أو اثنين من خدمات كثيرة تقدمها الدولة.
إن الزيادة السكانية أزمة كبرى وتحتاج تكاتف جهود الجميع للوصول إلى حلول جذرية يمكن ان تساهم فى تقليل الانجاب.. واتمنى ان ننجح فى تقليل الزيادة السكانية المستمرة.. وتحيا مصر.