إن تلك المجاعة التى يمر بها الشعب الفلسطينى لاسيما الأطفال ما هى إلا وصمة عار فى جبين الإنسانية ودليل قاطع على زيف تلك الشعارات التى لطالما تغنوا بها وروجوا لها والتى تحطمت على صخرة تلك الوحشية والبربرية فى غزة.. أن ذلك العنوان ليس من عندى بل هو من التوراة على نحو يكشف لنا أبعاد تلك العقلية الصهيونية الدموية التى تجتر على الماضى وتستحضره لتقتدى به وكيف تحولت الأمهات إلى وحوش يأكلن أطفالهن من جراء الحصار والتجويع.. تلك الحقيقة تناولتها السيدة «أديل برلين» فى مقال بعنوان «خير للمرء أن يقتل بالسيف من أن يقتل بالمجاعة» وهى تحاول أن تقدم نافذة مؤثرة عاطفياً على تلك المعاناة التى مر بها ضحايا حصار أورشليم «القدس».. أنها واقع وحقيقة مر بها شعب إسرائيل والتى قصد من ورائها وصف مدى الانهيار الدرامى للقيم والأعراف الاجتماعية فى أوقات المجاعة الشديدة من خلال صورة النساء اللواتى يلتهمن أطفالهن الذين أرضعتهن ذات يوم ومقارنتهن بالذهب وتلك المجوهرات الثمينة التى بعثرت فى الشوارع وأصبحت مثل الفخار الذى لا قيمة له.. تصف «برلين» كيف كانت تلك الأمهات اللواتى التهمن أولادهن أشر من بنات «أوى» وهى «فصيلة أصغر من الذئب وتشبه الثعلب» وكان يعتبر من الحيوانات الحقيرة.. ذلك التشبيه يبين ما تنطوى عليه العقلية الصهيونية التى تحاول إسقاط ما حدث لها فى الماضى على الحاضر لتبرر تلك المجازر التى تقوم بها فى «غزة» فلا غرابة فيما يحدث الآن من تجويع للأطفال فى وسط حالة من الصمت الدولى الرهيب.. فى مقال «جيريمى بوين» بعنوان «غزة الآن اسوأ من جحيم على الأرض» صرح قائلاً فى المقابلة التى أجريتها مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بجنيف «ميريانا سبولياريتش» قالت إن الإنسانية تفشل فى «غزة» وهى تشهد أهوال تلك الحرب الدائرة.. واستطردت «سولباريتش» قائلة إن ما يحدث فى «غزة» الأن هو جحيم على الأرض لقد أصبح الأمر على نحو أكثر سوءاً ولا يمكننا الاستمرار فى مشاهدة ما يحدث أنه يتجاوز أى معيار قانونى وأخلاقى وإنسانى من حيث مستوى الدمار والمعاناة.. وتؤكد «سولباريتش» على أن ما نراه الآن هو شعب مجرد تماماً من كرامته الإنسانية وهو ما لابد وأن يصدم ضميرنا الاجتماعى ويوجب على الدول بذل المزيد من الجهود لإنهاء تلك الحرب ومعاناة الشعب الفلسطينى.. وقد حاولت «سولباريتش» التأكيد على الدور الإنسانى للصليب الأحمر باعتباره مؤسسة إنسانية عالمية تعمل على تخفيف ويلات الحروب منذ أكثر من قرن ونصف كما تعرضت أيضاً لاتفاقية «جنيف» التى هى عبارة عن مجموعة من القوانين الدولية التى تهدف إلى تنظيم سير الحرب وحماية المدنيين والأشخاص غير المقاتلين لمنع تكرار القتل الجماعى للمدنيين.. ومن بين الأمور التى تطرقت إليها «سولباريتش» هو أن ما قامت به «حماس» فى السابع من أكتوبر لم يبرر تدمير إسرائيل لقطاع «غزة» وقتل أكثر من 55 ألف فلسطينى كما أنه ليس مبرراً لتفريغ «إتفاقيات جنيف» من مضـمونها ولا يجوز لأى طرف أن يخرق هذه القواعد لذلك فلابد وأن يتمتع الطفل فى «غزة» بنفس الحماية تماماً التى يتمتع بها الطفل الإسرائيلى.. وبالرغم من ذلك فقد دفع ذلك الوضع المتردى واللا إنسانى فى «غزة» إلى تصريح «جوتيريش» قائلاً أن العالم خذل شعب «غزة» فقد قتل أكثر من 55 ألفاً منذ السابع من أكتوبر واصابة ما يزيد عن 130 ألفاً فى الوقت الذى سعت فيه إسرائيل إلى استصدار مشروع قانون من خلال الكنيست الإسرائيلى لتصنيف «الأونروا» التى لايوجد بديل لها كمنظمة إرهابية مما سيحظر عملها فى غزة والأراضى المحتلة.