مجتمع عمرانى متكامل على مساحة 22 ألف فدان
حين يجتمع الماضى مع حداثة التخطيط العمراني، تولد مدن تحمل فى تفاصيلها طموح المستقبل وأصالة المكان.. وأسوان الجديدة مثل واضح لهذا الإنجاز فى وقت تشهد فيه مصر نهضة عمرانية غير مسبوقة، لم يكن من الممكن أن يظل الجنوب بعيدًا عن قطار التنمية، فعلى الضفة الغربية لنهر النيل، فى مواجهة مدينة أسوان التاريخية، تولد مدينة حديثة وُضعت لها الخطط لتكون نموذجًا للمدن المتكاملة، تشع حضارةً من ماضى أسوان المجيد، وتبنى واقعًا جديدًا يليق بأهل الجنوب ويخدم أجيال المستقبل.
تقع أسوان الجديدة فى موقع استراتيجى غاية فى الأهمية، على بعد دقائق من وسط مدينة أسوان القديمة، على الضفة الغربية من النيل، وتمتد المدينة على مساحة تُقدّر بـ 22.000 فدان تقريبًا، يحدها من الشمال مشروع خزان أسوان، ومن الجنوب مطار أسوان الدولي، كما تتصل بالطرق الإقليمية التى تسهّل حركة النقل من وإلى المدينة، وتُعد بذلك نقطة التقاء بين السياحة، والاستثمار، والخدمات.
ويقول احد المسئولين بمدينة أسوان الجديدة ان مراحل التطوير داخل المدينة منذ انطلاق الأعمال فى المدينة، تم تنفيذ عدد كبير من المشروعات سواء سكنية أو خدمية أو ترفيهية، ومن أهمها 10.000 وحدة سكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى والمتوسط، وحدات كاملة التشطيب بمساحات تبدأ من 75 إلى 90 متراً مربعاً، وأيضا إسكان فاخر «عمارات وفيلات» فى مناطق متميزة مطلة على النيل.
أضاف أنه تم تنفيذ شبكات طرق داخلية حديثة بطول يزيد عن 150 كم، وشبكات مياه و صرف صحي، كهرباء، غاز طبيعي، وألياف ضوئية للاتصالات ومحطة مياه عملاقة ومحطات معالجة صرف تخدم مراحل التوسّع المستقبلية، كما ان انشاء مدارس على أعلى مستوى «حكومية وتجريبية»، ومركز صحى شامل ووحدات رعاية أولية و مركز شرطة ومبانى إدارية وخدمية حكومية ومجمعات تجارية، وأسواق حضارية.
أضاف ان الكورنيش بالمدنية ساحر على النيل بطول أكثر من 6 كم و هناك مناطق خضراء وممرات مشاة ومناطق ترفيهية وواجهات نيلية تشبه المنتجعات السياحية، وهى إضافة كبيرة وميزة للسياحة لمحافظة أسوان، فمدينة أسوان الجديدة لا تقتصر على السكن فقط بل تُعد أرضًا خصبة للاستثمار، فإن قربها من معالم أسوان مثل جزيرة فيلة، والمسلة الناقصة، ومعبد أبو سمبل «عبر طرق سريعة» وإمكانية إنشاء فنادق ومنتجعات صحراوية أو نيلية، وتم تخصيص أراضٍ للمناطق الصناعية و تيسيرات فى التراخيص وتقليل الرسوم لجذب المستثمرين المحليين والدوليين، والمدينة مؤهلة لفرص استثمارية كبيرة كإنشاء مدارس دولية وجامعات خاصة، ومراكز طبية متخصصة وأراضٍ مطروحة بأسعار تشجيعية فى تلك القطاعات.
أوضح ان مدينة أسوان الجديدة لم تُنشأ فقط لحل مشكلات الإسكان أو الزحام، بل جاءت برؤية عمرانية شاملة، تستهدف خلق مجتمع عمرانى متكامل يضم سكنًا، خدمات، مناطق صناعية، وسياحية، وتوفير فرص عمل من خلال جذب الاستثمارات فى مختلف القطاعات، وتحقيق العدالة المكانية بتوجيه التنمية إلى محافظات الجنوب، وتخفيف الضغط عن المدينة الأم «أسوان القديمة» وحمايتها من التكدس والعشوائية.
و على الرغم من حداثة المدينة بدأ العديد من السكان فى الانتقال إلى أسوان الجديدة، وعبّر كثير منهم عن ارتياحهم للهدوء والنظام الذى تتمتع به المنطقة مقارنةً بالازدحام فى أسوان القديمة.. يقول أحد السكان حسام الدين احمد إن المعيشة هنا أهدى بكثير فالشوارع واسعة وهناك تنظيم واضح «كأنك عايش فى مدينة أوروبية بس بروح الصعيد»، والكثير أثنى على جودة الإسكان وتوافر الخدمات الأساسية، مثل المدارس والمراكز الصحية، وإن كانوا يأملون فى تسريع وتيرة تنفيذ بعض المشروعات الخدمية والترفيهية.
وترى تسنيم محمد إحدى سكان المدينة هناك تطوير واضح، لكن لسه محتاجين حضانات ومراكز شباب أكتر فى المناطق الجديدة… وتوفير مواصلات داخلية بين الأحياء هتفرق جدًا.
واضافت السكن هنا هادى وجميل والهواء نقي..»وكل حاجة قريبة ونقلنا عشان الأولاد والمدارس الجديدة، بصراحة المدينة ليها مستقبل كبير».
ومن اللافت أن نسبة كبيرة من الشباب ترى فى المدينة فرصة للانطلاق وبناء حياة مستقلة، خاصة مع توفر الأراضى والوحدات السكنية بأسعار مناسبة نسبيًا مقارنة بالمراكز الحضرية الأخري، فتقول مها محمد – شابة خريجة تجارة :إن أسوان الجديدة تتميز برونقها الجميل خصوصًا إنهم يهتمون بالشكل الجمالى والخدمات، مش مجرد عمارات وخلاص، ينقصنا ان تكون الحركة أكثر والمواصلات تتحسن.
ويقول امجد رضوان انه على الرغم من النجاحات داخل مدينة أسوان الجديدة، الا ان هناك بعض العقبات التى ما زالت تحتاج إلى حلول جادة مثل ضعف الكثافة السكانية حتى الآن، مما يؤثر على حيوية الخدمات و قلة وسائل النقل العام بين المدينة وأسوان الكورنيش القديم و بطء دخول بعض المستثمرين بسبب تخوّف من حجم الطلب الفعلي، لكن الجهات المعنية تؤكد أن هذه التحديات مؤقتة، ومع تزايد عدد السكان وتحسين الربط المروري، ستتحول المدينة إلى قطب تنموى حقيقي.
وفى نهاية الحديث يقول اياد محمد ان مدينة أسوان الجديدة ليست مجرد توسع عمراني، بل خطوة جريئة نحو إعادة رسم خريطة مصر السكانية والاقتصادية، إنها رسالة واضحة بأن التنمية لم تعد حكرًا على العاصمة أو الشمال بل لكل شبر فى الوطن الحق فى النمو والحياة الكريمة، فأسوان الجديدة هى مدينة تُبنى بالهدوء ولكن صداها سيصل بعيدًا… إلى كل من يحلم بصعيد مختلف.
