تستمر رانيا فريد شوقى فى مسيرتها الفنية، مُضيفةً إلى رصيدها أعمالًا مميزة، ومُبرهنةً على أن الموهبة الحقيقية تتجاوز الإرث العائلى لتُشكل بصمتها الفنية والإنسانية الخاصة.. رانيا تحلم بدور شجرة الدر، وتعتبر المسرح المكان المقدس الذى تشعر فيه بالبهجة وتقول.. افتخر أننى بنت وحش الشاشة لكنى حريصة على أن أنجح بمجهودى .. رانيا سعيدة بتجربتها المسرحية الأخيرة «مش روميو وجوليت»
> كيف ترين المشهد الفنى والدرامى الحالى فى مصر؟
>> الدراما المصرية تشهد طفرة كبيرة على مستوى الموضوعات والتقنيات الإخراجية والإمكانيات الضخمة، خاصة من الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى أثرت الساحة الفنية وخلقت حالة من التنافسية. هناك جرأة فى طرح القضايا الجديدة والشائكة، وظهور مؤثر لجيل جديد من الفنانين الشباب والمؤلفين والمخرجين الموهوبين. كما أن المنصات الرقمية فتحت سوقًا جديدة وأتاحت فرصًا هائلة لاكتشاف وجوه جديدة موهوبة وتقديم أعمال ناجحة. أنا متفائلة جدًا بمستقبل الدراما، وأتمنى أن تستمر هذه الحالة من التطور والتجديد والتنافسية.
> بدايتك كانت فى السينما، لكن نجوميتك سطعت على التليفزيون، كيف تفسرين ذلك؟
>> بالفعل، بدأت مسيرتى الفنية من بوابة السينما الفضية وقدمت فيها تسعة أفلام. لكن تلك الفترة شهدت تراجعًا فى الإنتاج السينمائي، مما لم يسمح بانتشار أعمالى بالشكل المأمول. لم يكن هذا سوى تمهيد لانطلاقى على الشاشة الصغيرة. فى التليفزيون، وجدت مرتعًا خصباً لتجلى قدراتى التمثيلية المتنوعة، لأنسج خيوط شخصياتى بعناية، وأترك بصمات لا تُمحى فى ذاكرة المشاهد العربي.
> يُعد دور «نفيسة» فى «الضوء الشارد» علامة فارقة بمسيرتك الفنية، ما سر نجاح هذه الشخصية؟
>> لم يكن تجسيد «نفيسة» مجرد أداء لدور، بل كان غوصًا جريئًا فى أعماق النفس البشرية المعقدة للمرأة الصعيدية. استطعت أن أُبرز الصراع الأزلى بين مشاعر الحب العميقة، وقيود العادات والتقاليد الصارمة. لقد قدمت «نفيسة» بصدق مُذهل، وأظهرت أنها ليست شخصية شريرة بالمعنى المطلق، بل هى نتاج ظروف قاسية ودوافع إنسانية مركبة. هذا الأداء المُتقن كشف عن فهمى العميق لسيكولوجيا الشخصيات، وقدرتى على تحويل النص المكتوب إلى نبض حى يلامس أوتار الوجدان.
> تميزتِ بقدرتك على التلون فى أدوارك ورفض القوالب النمطية، كيف استطعتِ تحقيق ذلك؟
>> الفضل يعود إلى تنوع أدوارى فى الدراما التليفزيونية. لقد حرصت على تقديم شخصيات تتراوح بين الخير والشر، أو بالأحري، شخصيات متعددة الأبعاد تُشبه تمامًا تعقيدات الحياة البشرية. هذه القدرة على التلون والتقمص، كما ظهر فى أعمال مثل «خالتى صفية والدير» و»سوق الخضار» وغيرها الكثير، هى ما يثبت مرونة الموهبة ويرفض الانصياع للقوالب النمطية.
> كونك ابنة «وحش الشاشة» فريد شوقى، هل شكل ذلك عبئًا عليك أم دافعًا لك؟
>> اسم والدى كان بمثابة سيف ذى حدين. من ناحية، فتح لى الأبواب وسلط عليّ الأضواء، ومن ناحية أخري، وضع على كاهلى مسئولية ضخمة وكان هناك دائمًا مقارنات وشكوك حول موهبتى الحقيقية. لكننى قررت منذ اليوم الأول أن أحول هذا العبء إلى دافع، وأن أثبت للجميع أننى ممثلة بذاتي. اجتهدت كثيرًا واخترت أدوارًا صعبة ومتنوعة لأصنع اسمى الخاص، وأعتقد أننى نجحت فى ذلك إلى حد كبير. اليوم، أشعر بالفخر والسعادة عندما يقدمنى أحد بصفتى الفنانة رانيا فريد شوقى وليس فقط «ابنة فريد شوقي».
> ما الذى يمثله المسرح لكِ، خاصة أنك خريجة معهد الفنون المسرحية؟
>> للمسرح مكانة وقدسية فى قلبي، فهو ليس مجرد خشبة عرض، بل هو «العشق المتجدد» و«البيت» الذى تنتمى إليه روحى الفنية. أعمالى المسرحية تجاوزت 19 عرضًا، وأرى فى المسرح تحديًا مُبهجًا، ففيه المواجهة الحية مع الجمهور، ومردود النجاح أو الفشل يظهر لحظيًا. هذا العشق لأبو الفنون هو امتداد طبيعى لشغف وموهبة والدى الذى آمن بقوة المسرح.
> هل هناك حلم مسرحى معين يراودك؟
>> بالطبع، أحلم بتجسيد شخصية «شجرة الدر» الأسطورية على خشبة المسرح. هذا الطموح ليس مجرد رغبة فى أداء دور تاريخي، بل هو سعى لتجسيد روح امرأة قوية، حاكمة، ومُعقدة. وبالفعل، كُتب نصٌ لهذه الشخصية ببراعة شديدة، وإن كانت الظروف لم تسمح بتقديمه بعد.
> ما هى معاييرك فى اختيار الأدوار؟
>> أبحث دائمًا عن الدور الذى يمثل تحديًا جديدًا لي، الشخصية التى تستفزنى كممثلة وتجعلنى أكتشف مناطق جديدة فى أدائي. لا يهمنى حجم الدور بقدر ما يهمنى تأثيره فى الأحداث وعمقه النفسي. أقرأ السيناريو بعين المشاهدة أولاً، فإذا شعرت بالملل أعتذر فورًا. الأهم هو أن يضيف الدور لى فنيًا وجماهيريًا، ففى مرحلة النضج الحالية، لم أعد أقبل بأى دور لمجرد التواجد، بل أبحث عن العمل الذى يترك بصمة لدى المشاهد ويضيف إلى رصيدى الفني، مثل دورى فى مسلسل «المداح».
> تجربتك الأخيرة فى مسرحية «مش روميو وجوليت» هل نجحت؟
>> كانت عودة لمسرح الدولة بعد غياب أربع سنوات، والتجربة كانت «أكثر من رائعة». المسرحية قدمت رسالة عميقة عن التسامح والحب بمفهومه الأوسع الذى يشمل الأبناء والأصدقاء والمجتمع. العمل مع قامة فنية مثل النجم القدير على الحجار كان تجربة شاملة ومختلفة، والروح الإيجابية بين فريق العمل انعكست على المسرح ووصلت للجمهور بصدق.
> ما هى طموحاتك وأمنياتك المستقبلية؟
>> ما زلت أحلم بتقديم عمل سينمائى يترك علامة فارقة فى تاريخ السينما المصرية، على غرار أفلام والدى الخالدة. وأتمنى تقديم العديد من الأدوار التاريخية التى تحمل ثراءً دراميًا كبيرًا. طموحى الفنى ليس له حدود، وسأظل أبحث دائمًا عن كل جديد.