لا تزال الكارثة الإنسانية فى غزة تعتصر قلوب العالم، وتتعالي، يوما بعد آخر، أصوات الدول والقادة والمسئولين فى بلاد عدة، للمطالبة بحق فلسطين المشروع فى إقامة دولة والاعتراف بها، وكذلك المطالبة بانهاء الحصار الإسرائيلى على القطاع الذى يتأرجح سكانه على حافة الموت.
طالب أكثر من 220 نائباً فى البرلمان البريطاني- ينتمى عشرات منهم إلى حزب العمال الحاكم- الحكومة بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين، ما يزيد الضغوط على رئيس الوزراء كير ستارمر.
جاءت الدعوة فى رسالة وقعها نواب من تسعة أحزاب سياسية بعد أقل من 24 ساعة من إعلان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل.
وستكون فرنسا أول دولة من مجموعة السبع، وأقوى دولة أوروبية حتى الآن، تتخذ هذه الخطوة، بينما يتعرض ستارمر لضغوط محلية ودولية متزايدة بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، مع تصاعد الغضب داخل قصر وستمنسترمن الحرب المستمرة فى غزة .
وكتب 221 نائباً بريطانيا فى الرسالة المشتركة «نحضكم على الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين فى المؤتمر الأسبوع المقبل»، فى إشارة إلى مؤتمر الأمم المتحدة الذى يعقد خلال اليومين المقبلين برئاسة مشتركة من فرنسا والسعودية فى نيويورك.
أضاف النواب فى الرسالة «فى حين أننا ندرك أن المملكة المتحدة لا تملك القدرة على تحقيق فلسطين حرة ومستقلة، فإن اعتراف المملكة المتحدة سيكون له تأثير كبير».
وفى بيان صدر أمس الأول عقب مكالمة هاتفية بشأن غزة مع نظيريه فى فرنسا وألمانيا، قال ستارمر إنه «يعمل على إيجاد طريق للسلام فى المنطقة.مضيفا ان «الاعتراف بدولة فلسطين يجب أن يكون إحدى هذه الخطوات، لا لبس فى هذا الشأن، لكن يجب أن يكون جزءا من خطة أوسع».
من جهة أخرى قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، إنه لابد من قيام الدولة الفلسطينية أولاً ثم الاعتراف بها لأن خطوة الاعتراف قبل قيامها قد تؤدى إلى نتائج عكسية.
تابعت ميلونى «إذا تم الاعتراف على الورق بشيء غير موجود، فقد تبدو المشكلة وكأنها حلت وهى لم تُحل».
أما فى أمريكا فالوضع لا يختلف كثيراً عن بريطانيا من حيث الدعم الداخلى لغزة والمطالبة بوقف اطلاق النار وحل الأزمة الإنسانية التى يعانى منها القطاع المدمر.
طالب عضو مجلس الشيوخ السيناتور الأمريكى كريس ميرفى الرئيس الأمريكى دونالدترامب بالضغط على إسرائيل لإنهاء حصار غزة قائلاً: إن غزة تتجه نحو المجاعة وترامب يتجاهل هذه الأزمة الأخلاقية.
أكد السيناتور الأمريكى انه لايوجد مبرر إطلاقاً لحرمان المدنيين من الغذاء والماء وهم بأمس الحاجة إليهما.
كما قال زعيم الديمقراطيين بالكونجرس حكيم جيفريز ان الأزمة الإنسانية بغزة بلغت نقطة الانهيار، وان تجويع وقتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين أمر غير مقبول، مشيراً إلى أن لإدارة ترامب القدرة على إنهاء الأزمة الإنسانية بغزة وعليها التحرك فوراً.
كذلك أدان السيناتور الأمريكى بيرنى ساندرز تقديم واشنطن 22 مليار دولار للاحتلال رغم جرائمه الوحشية فى غزة، وطالب بوقف اطلاق النار وادخال المساعدات لأهالى القطاع.
فى سياق متصل تستضيف الأمم المتحدة فى نيويورك، على مدار اليومين المقبلين أعمال المؤتمر الدولى لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، وبمشاركة دولية واسعة.
يهدف المؤتمر إلى وضع مقترحات عملية لدعم خطاب السلام لحل القضية الفلسطينية، وتفكيك سرديات التحريض والكراهية واستبدالها بسردية إنسانية عادلة تعترف بالحقوق انطلاقاً من مبدأ الكرامة المتبادلة.
يرى المشاركون فى المؤتمر أن الأمن الإقليمى والدولى بات مهدداً أكثر من أى وقت مضى مع استمرار الفراغ الإدارى والأمنى فى الأراضى الفلسطينية، وأن دعم السلطة الفلسطينية هو الضمان الوحيد لعدم تنامى الفوضى والجماعات المتطرفة، حيث يطرح المؤتمر آليات واضحة والتزامات واستحقاقات لتمكين السلطة الفلسطينية من إقامة الدولة.
لن تتحقق هذه الرؤية بحسب المشاركين، دون رفع القيود الإسرائيلية المفروضة على تحركات السلطة الفلسطينية على كامل التراب الوطني، بما فى ذلك قطاع غزة، من أجل تمكين السلطة من أداء مهامها بفعالية.