مصانع وشركات تربح والمياه تخسر
جدل طرح نفسه مؤخرا داخل شركات مياه الشرب خاصة الموجودة فى العاصمة نتيجة رصد الإدارات المالية بشركات المياه فوارق مالية شاسعة بين أسعار متر المياه الذى تحصل عليه شركات تصنيع المياه الغازية ومصانع السيراميك والأسمنت والإليكترونيات والأسمدة الذى يبلغ ثمنه 13 جنيهًا، بينما تستفيد تلك الشركات والمصانع بمكاسب مالية من ناتج استخدام المياه أضعافًا مضاعفة، لذلك تسعى الشركات إلى إعادة هيكلة علاقاتها المالية مع تلك الشركات فى ظل وجود مديونات متراكمة على تلك الشركات لصالح وزارة الكهرباء والطاقة تبلغ قرابة 20 مليار جنيه.
«الجمهورية» ترصد فى هذا التقرير حالة الاشتباك بين الشركات والمصانع من ناحية وشركات المياه من ناحية أخرى.
بداية ..تستقبل شركات منتجات المياه الغازية يوميا مئات المترات المكعبة من مياه الشرب النقية بسعر 13 جنيهًا للمتر الواحد، بينما يُنتج المتر مكعب مياه قرابة 4 آلاف «كانز» ووفقًا لأسعار الــ»كانز» فإن المتر المكعب مياه الذى تحصل عليه شركات المياه الغازية بقيمة 13 جنيًا تتحصل من ورائه على 60ألف جنيه تقريبًا، ولم تلجأ شركات المياه إلى رفع قيمة أسعار المياه رغم قيام شركات المياه الغازية برفع أسعار منتجاتها أكثر من عشر مرات، مما يشكل عبئًا على شركات المياه التى تعانى نقصًا كاملًا فى مواردها ودفع المستحقات المطلوبة منها لوزراتى الكهرباء والبترول، إضافة إلى الانتهاء من المشروعات التى تقوم بها فى أعمال الإحلال والتجديد المطلوبة لاستدامة الخدمة التى تقدم للمواطنين.
الزيادة نفسها تحققت فى مصانع الأسمنت حيث يبلغ سعر طن الأسمنت قرابة 4 ألاف جنيه، بينما يبلغ سعر طن الحديد قرابة الـ40 ألفاً، وتستمر الزيادة فى أسعار الإليكترونيات التى أصبحت فلكية، وكذلك مصانع التبغ والمنشآت السياحية وأسعارها معلومة فى الزيادة، مما يفرض وجوب تعديل اللائحة التجارية لمياه تلك الشركات والمصانع بما يتوافق مع مستوياتها من الأرباح.
تمتلك شركات المياه مبررات كثيرة فى دراستها قبل رفع تقرير نهائى للشركة القابضة، ثم وزارة الإسكان حتى يكون تصرفها على أرضية قانونية معتمدة، وتمتلك شركات المياه مبررات كثيرة أبرزها أنها تقوم بتصدير المادة الخام التى تعتبر الأساس فى منتجات تلك الشركات والمصانع ، وبدونها لن تتمكن المصانع والشركات من تحقيق لمستهدفات فى الإنتاج والتوزيع، كما أن شركات المياه تتحمل تكلفة بسبب ما تدفعه لشركات الصرف الصحى التى تقوم بدورها فى تحمل أعباء إضافية نتيجة تعاملها مع مخلفات الصرف الصناعى الذى يمثل تكلفة باهظة لمعالجته ثنائيا وثلاثيا والحفاظ على الخطوط والروافع التى تخدم تلك المنشآت.
وفى ظل ارتفاع تكلفة انتاج مياه الشرب واستمرار الشركة القابضة فى دعم المواطنين وتحملها الفارق بين الإنتاج وأسعار البيع للمواطنين مما يشكل عبئاً كبيرا عليها ويفقدها قدرتها على إنهاء المشروعات اللازمة لتحقيق الأمن المائى المعتمد على توفير الخامات وانشاء وتجديد المحطات، ودعم انشاء محطات تحلية مياه البحر التى أصبح الاعتماد عليها أساسيًا فى توفير مياه الشرب للمدن الساحلية حتى يمكن تخفيف الضغط على باقى المدن فى ظل مساعى الدولة توفير المياه لمشروعات الاستصلاح الزراعى بما يحقق الأمن الغذائى ويفتح مجالات التصدير لتوفير العملة الصعبة، ويسهم كذلك فى فتح مجالات عمل تقضى على البطالة، إضافة إلى توفير اعتمادات مالية لسداد مديونيات شركات الكهرباء التى بلغت أكثر من 20 مليار جنيه، لدرجة أن بعض شركات المياه والصرف الصحى قامت ببيع أصولها حتى تتمكن من سداد مديونيات متراكمة عليها لصالح وزارتى الكهرباء والبترول، بما يضمن استدامة الخدمة للمواطنين وعدم تأثرها فى ظل ارتفاع مكونات تنقية المياه وتشغيل وصيانة محطات المياه والصرف، مما يفرض ضرورة تحقيق العدالة بين مقدم الخدمة والمستفيد التجارى منها الذى يحقق أرباحًا خيالية، أو يكون البديل فرض ضريبة على تلك المنتجات يتم تحصيلها لصالح شركات المياه والصرف دون أن يتحملها المواطن.
شركات المياه رصدت أن المصانع والشركات التى تستفيد من خدماتها تقوم بعمل حملات إعلانية فى رمضان بما يزيد على مليار جنيه، وهذا يعكس مدى الأرباح التى تحققها، مما يفرض عليها تخصيص جزء من هذه الميزانية لدعم متر المياه الذى يقدم لها بعدما قامت برفع أسعار منتجاتها أكثر من 20 مرة خلال الأعوام الماضية، ومن هذا المنطق فان تعديل تعريفة المياه للمنشآت ذات الأرباح العالية ضرورة لضمان الحفاظ على الشركات والتى يتحمل المواطن البسيط فيها المسئولية الكبرى فى دفع الفواتير دون تأخير، وأهمية مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التى تعانى منها العديد من شركات المياه والصرف فى توفير المرتبات الخاصة بالعاملين، وما تقوم به من مشروعات قومية فى نطاقها الجغرافى خاصة بالقرى والنجوع والتوسع.
لا تزال تلك المشكلة قيد البحث والدراسة بين الإدارات المالية والتجارية فى شركات المياه التى تقف وسط الطريق ولا تملك خيارات سوى تكملة السير رغم صعوبة التكلفة لأنها تلتزم بمهمة تدخل ضمن الأمن المجتمعى فى توفير مياه الشرب والصرف الصحى للمواطنين فى المدن والقري، وسط تحديات التجديد والإنشاء والمواد الخام اللازمة التى ترتفع أسعارها من ناحية وبين الشركات والمصانع التى تشترى منها المياه بثمن بخس جنيهات معدودة وتأبى الزيادة، وتملأ الدنيا شكاوى إذا تأثر استمرار المياه فى منشآتها لأسباب قهرية أحيانا نتيجة وجود كسر فى الخطوط الرئيسية.